الجمعة 15 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

عمرة الـ 4 آلاف جنيه تهوى بصاحبها من الدعوة إلى البيزنس.. الإفتاء: سماسرة دين.. والأزهر: إجازة الوكالة فردية وامتهانها خروج على الأصل.. وقانوني: عقوبتها تصل لـ3 سنوات حبس

ستاندر تقارير
ستاندر تقارير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 

أثار الداعية الإسلامي أمير منير، الجدل بين الناس من رواد مواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا، بسبب إعلانه القدرة  لأي شخص علي أداء فريضة العمرة والحج للوالد أو الوالدة دون أن يتم السفر إلي الأراضي المقدسة، طارحًا فكرة عمل أبليكيشن معين، يتم إرسال الاسم المرغوب عمل العمرة أو الحج له مع تحويل مبلغ مالي محدد، وبعدها سوف يقوم شخص مقيم في الأراضي المقدسة بأداء هذا الفرض مقابل هذا المبلغ الذي تم دفعه أو تحويله.

وأكد الدكتور أحمد كريمة، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، أنه لا يوجد في التشريع الإسلامي ما يُسمى بعمرة البدل، إنما يوجد نيابةً للعذر الميؤوس من زواله بالنسبة للحي، بمعني العجز البدني الطبي بالكلية، والدليل في ذلك الأمر حديث الخثعمية، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: كان الفضل رديف النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: إن فريضة الله أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: «نعم» وذلك في حجة الوداع، رواه الترمزى.
وأضاف «كريمة»، في تصريحات لـ«البوابة نيوز»، أن هذه النيابة إنما كانت تطوع من امرأة لأبيها، وليست استئجارًا، ولذلك قال أهل العلم، بجواز النيابة في الحج عن الحي أن يكون المحجوج عنه عاجزًا عن أداء الحج بنفسه، وقالوا: وإذا عُوفي هذا المريض بعدما حج عنه آخر ذهب الحنفية والشافعية في الأصح وابن المُذر إلى أن من استناب يلزمه حج آخر بعد شفاءه.
من جانبه؛ قال المحامي أيمن محفوظ: إن تلك الدعوات تندرج تحت نص المادة 336 من قانون العقوبات التي تعاقب على جرائم النصب والدجل بعقوبة الحبس لمدة تصل إلى ثلاث سنوات لكل من استخدم طرق احتيالية لسلب أموال الناس بالباطل. 
وأوضح أن بيان دار الإفتاء الذي انتقد الفكرة، دليل واضح على مخالفتها للشرع، وتأكيد على أنها محاولة للنصب والاحتيال باسم الدين، دون ترخيص رسمي من المؤسسات الدينية المعتمدة وفقا للدستور المصري.
وتابع أنه يعتبر مثل تلك الأفكار بمثابة ترويج لصكوك الغفران وهو شيء مخالف للشريعة الإسلامية، وتعتبر تضليل وكذب وطريقة احتيالية لتطويع الدين لأغراض الربح.
وتنص  المادة 336 من قانون العقوبات، تنص على أن "يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أى متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمى أو تسديد المبلغ الذى أخذ بطريق الاحتيال أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور وإما بالتصرف في مال ثابت أو منقول ليس ملكًا له ولا له حق التصرف فيه وإما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، أما من شرع في النصب ولم يتممه فيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة ويجوز جعل الجاني في حالة العود تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر".
بدور أكد النائب السيد شمس الدين عضو مجلس النواب، أن فتاوى غير المتخصصين عبر وسائل السوشيال ميديا والتواصل الاجتماعى تثير البلبلة لدى المواطنين، مطالبًا بتجريم ومحاكمة من يصدرون الرأى الدينى فى الفتاوى الدينية من خلال بث فيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال "شمس الدين" فى بيان له: إن قيام شخص يدعى "أمير منير" ببث فيديو عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" يدعو خلاله المواطنين لدفع 4 آلاف جنيه مقابل أداء شخص آخر لهم العمرة، حيث يتم السداد عن طريق تطبيق إلكتروني أثار البلبلة لدى المواطنين وجعلهم يتساءلون عن الرأى الشرعى فى هذا الأمر.
وأشاد النائب السيد شمس الدين بالرد الواضح والحاسم من لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية الذى أكدت فيه أن الله عز وجل وسنة النبي ﷺ أجازت أن ينوب عن الإنسان غيره في الحج أو العمرة إذا كان مريضا لا يستطيع أن يحج بنفسه فقد ثبت عن ابن عباس أن رجلا سأل النبي ﷺ إن أبي أدركه الحج وهو شيخ كبير لا يثبت على راحلته فإن شددته خشيت أن يموت أفأحج عنه؟ قال ﷺ "أرأيت لو كان عليه دين فقضيته أكان مجزيء، قال نعم، قال: حج عن أبيك".

وأشارت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، هذا الحكم إذا كان مريضا مرضا لا يرجى برؤه، أما إذا كان صحيحا أو مريضا مرضا يرجى شفاؤه فلا يجوز له أن ينيب عنه، مؤكدًا ضرورة التصدى وبكل حسم لمثل هذه الأمور الخطيرة، خاصة أن هناك عددًا من كبار علماء الأزهر الشريف أكدوا أن كثيرًا من الذين يتحدثون عن الدين عبر السوشيال ميديا جهلاء سفهاء، وليسوا علماء أو مفتيين.
وصرح  حسين حجازي، عضو لجنة الحج والعمرة بالسعودية، بإن تطبيق عمرة البدل غير مقبول بالسعودية، ومثل تلك النوعية من التطبيقات استغلال للمعتمرين، مؤكدًا أن  هذا التطبيق يعتبر تجارة في الدين.
وحسمت دار الإفتاء المصرية هذا الجدل قائلةً: من المقرَّر أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد شرع العبادات من فرائض ونوافل لمقاصد كبرى، منها تقريبُ العباد إليه سبحانه وتعالى، وتهذيب النفس البشرية. ولا بدَّ للإنسان أن يستحضر تلك المقاصد والمعاني أثناء عبادته وتوجُّهه إلى ربه، ومن باب التيسير على الأفراد، وبخاصة المرضى وأصحاب الأعذار، نجد أنَّ الشريعة قد أجازت الإنابة في أداء بعض العبادات بشروطٍ معينة.

وتابعت: إذا كنَّا نجد في بعض المذاهب الفقهية جواز الاستئجار على أداء بعض العبادات كالحج والعمرة، فإنَّ الفقهاء كانوا يتكلمون عن حالات فردية لم تتحول إلى ظاهرة، وكذلك لم تتحول إلى وظيفة أو تجارة للبعض يتربَّحون منها، ولم نجد على طول السنين الماضية من تفرَّغ لأداء هذه العبادات مقابل أجر، فضلًا عن أن يصبح وسيطًا (سمسارًا) بين الراغب في العمرة -مثلًا- وبين من سيؤديها عنه.


فإن من الأمور اللازمة في الإنابة أن يختار الشخص الصالح الموثوق بأمانته، ولا يتساهل فيجعل عبادته بِيَد من لا يعرف حاله، وهذا لا يحصل بالطبع إذا كان التعامل عبر تطبيقات أو وسطاء كل شغلهم واهتمامهم تحقيق الربح، فهذا مما لا يليق مع شعائر الدين التي قال الله تعالى عنها في كتابه الكريم: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].

ولفتت الدار إلي: أن ما حدث من استهجان واستنكار من عموم الناس لمثل هذه الأفكار المستحدثة لهو دليل على وعي الجمهور ورفضهم لتحويل الشعائر والعبادات إلى وظيفة أو مهنة تؤدَّى بلا روح أو استحضار خشوع، هذا الوعي الجماهيري هو جدار الوقاية الأول للمجتمعات في مواجهة كل ما هو مُستنكَر وخارج عن المألوف.

من جانبه؛ أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن تعظِيم شعائر الله واجبٌ على كلِّ مسلم، ويتعيّن أن يؤديها بنفسه، متى كان قادرًا على أداء مناسكها، لما يحققه قصد بيت الله الحرام وزيارة سيدنا رسول الله ﷺ من تعزيز التواصل الرّوحي، والإيمان بالله، والتعلق به سبحانه، وتهوين الشعائر الدينية في نفوس الناس يتنافى ومقاصدها؛ لقوله سبحانه: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}. [الحج: 32].

وأوضح المركز، أنه يدور حكم العمرة بين السّنة والواجب، والرَّاجح أنها سنة مؤكدة في العُمر مرة واحدة، بشرط الاستطاعة في جهتيها البدنية والماديّة؛ فعلى المسلم أن يبادر إلى أدائها حال استطاعته بدنيًّا وماديًّا، وعدم توافر شرط الاستطاعة المادية والبدنية يرفع الحرج عن الإنسان في الأداء بنفسه أو إنابة غيره؛ لقوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97]، والأصل في العمرة أنها عبادة بدنية لا تجوز الإنابة فيها إلَّا عن كبير السن وأصحاب الأمراض المزمنة التي تعجزهم عن الأداء بأنفسهم.

وأضاف، أنه من استطاع العمرة وتوفي قبل أن يؤديها، فالأولى أن تؤدى عنه من تركته خروجًا من خلاف من أوجب العمرة على المستطيع كالحج، ولا مانع شرعًا أن يُعطَى المعتمِر عن غيره من أصحاب الأعذار نفقات سفره وإقامته في الأراضي المقدسة، على ألا تكون مهنة بغرض التربح؛ يترتب عليها تهوين الشعيرة في نفوس الناس، وتنافي المقصود منها، يشترط في من يقوم بالعُمرة عن غيره أن يكون قد اعتمر عن نفسه.

والأعذار المبيحة للإنابة يقدرها أهل الاختصاص بقدرها المشروط في الشريعة الإسلامية، وتكون الفتوى بإجازة الوكالة فردية، وليست حكمًا عامًّا لجميع الناس، فضلًا عن امتهان الوكالة فيها، فإنه خروج على الأصل الذي ذكرنا، ومناقض لمقاصد الشريعة الإسلامية، وذريعة للتهوين من الشعائر ومحاولة طمسها، وباب للممارسات غير المشروعة.