"كيف تفاخرون بقوة فرنسا ولا تقدرون القوة الإسلامية ، مع أن القرون الماضية أعدل شاهد على قوة المسلمين وانتصاراتهم على أعدائهم ، ونحن وإن كنا ضعفاء على زعمكم ، فقوتنا بالله الذي لا إله إلا هو لا شريك له ، ولا ندعي بأن الظفر مكتوب لنا دائمـًا ، بل نعلم أن الحرب سجال يوم لنا ويوم علينا، غير أن الموت سر لنا وليس لنا ثقة إلا بالله وحده ولا شريك له ، لا بعَدد ولا بعُدد ، وإن دوي الرصاص وصهيل الخيل في الحرب لآذاننا خير من الصوت الرخيم ".. هذا جزء من رسالة الأمير الثائر عبد القادر الجزائري للجنرال الفرنسي دي ميشال يكشف بعضا من خصال الأمير الثائر الذي ولد في مثل هذا اليوم 6 سبتمبر 1808م ونضاله ضد المستعمر الفرنسي.
حياته
ولد الأمير عبد القادر في السادس من سبتمبر عام 1808 بالشرق الجزائري في مدينة معسكر، كان رائد سياسي و عسكري و رمز للمقاومة الجزائرية قاد الجيش الإفريقي أثناء الغزو الفرنسي للجزائر ، أُتخذ رمزا تاريخيا للبسالة و المقاومة و التضحية و لكنه أيضاً كان شاعراً و فيلسوفاً.
هو مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، واعتبره الإستعمار الفرنسي " يوغرطة الجديد " ، حيث خاض معارك كثيرة ضده و دافع عن مقومات الدولة الجزائرية دائما، كان يجيد القراءة و الكتابة في سن الخامسة ، حمل لقب حافظ القرآن الكريم في الثانية عشر من عمره و بدأ بإلقاء الدروس في الجامع التابع لأسرته في مختلف المواد الفقهية ، شجعه والده على الفروسية و ركوب الخيل .
ذهب إلى وهران و حضر دروس الشيخ أحمد بن الخوجة فازداد تعمقا في الفقه كما طالع كتب عديدة في شتى المجالات “الفلسفة ، التاريخ و الجغرافيا ، الرياضيات”، و لما بلغ الخامسة عشر بادر والده إلى تزويجه لإبنة عمه لحسن خلقها و نسبها.
تأسيس الدولة الجزائرية الحديثة :
قام الأمير بإصلاحات اجتماعية كثيرة، فقد حارب الفساد الخلقي بشدّة، ومنع الخمر والميسر منعًا باتا ومنع التدخين ليبعد المجتمع عن التبذير، كما منع استعمال الذهب والفضة للرّجال لأنّه كان يكره حياة البذح والميوعة ، كان الأمير يرمي إلى هدفين أساسيين هما : تكوين جيش منظم وتأسيس دولة موحّدة، لقد بذل الأمير وأعوانه جهدًا كبيرا لتحقيق مبتغاه ، فبفضل نظام الشرطة الذي قام بإنشائه تم القضاء على قطاع الطرق الذين يهجمون على المسافرين و يتعدون على الحرمات و الممتلكات، وأصبح الناس يتنقّلون في أمان وانعدمت السرقات.
كما أنشأ مصانع للأسلحة وبنى الحصون والقلاع و شكل الأمير وزارته التي كانت تتكون من 5 وزارات وجعل مدينة معسكر مقرّا لها، و اختار أفضل الرجال ممّن تميّزهم الكفاءة العلمية والمهارة السياسية إلى جانب فضائلهم الخلقية ، ونظّم ميزانية الدولة وفق مبدأ الزكاة لتغطية نفقات الجهاد ، كما اختار رموز العلم الوطني وشعار للدولة ( نصر من الله وفتح قريب، علم دولة الجزائر.
نفيه و وفاته
نُفي الأمير إلى دمشق من قبل الإستعمار، و توفي بها و كان ذلك يوم 26 مايو عام 1883م، عن عمر يناهز 75 سنة ، كرّس هذه السنوات من عمره في الدفاع عن مقومات بلده و ذلك ما جعله يصبح رمزا تاريخيا للمقاومة فيها ، و بعد الإستقلال التام للجزائر نقل جثمان الأمير إلى الجزائر ليدفن بمقبرة العالية بالعاصمة وسط مربع الشهداء والمناضلين و المجاهدين و ذلك عام 1965م، وتم بناء تمثال موجود حتى هذا اليوم بالشارع الذي يحمل إسمه بالعاصمة الجزائرية تخليداً لروحه وعظمتها.