قال الدكتور سامح مهران، رئيس مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، إن المسرح في تقدمه كان التعبير الأوضح عن الخروج من تنظيم اجتماعي، إلى اجتماعي آخر، ومن اتجاه معرفي إلى اتجاه معرفي مغاير، وبالتالي المسرح المنحاز إلى الماضي، إنما هو مسرح يتبدى لما كميت يتحدث، فمن لم يغادر ماضيه لا ماض له، فلا تغيير في المجتمعات من دون التجريب، فمن لا يجرب يغلق الدائرة من حوله، ليضل يدور ويلهث داخلها مقطوع الأنفاس، ويموت مختنقا بالعزلة والصمت.
وأضاف «مهران»، أن كل فعل تجريبي سواء في الفن أو العلم، إنما يتم بالرجوع التمهيدي إلى الوراء، لا بقصد تقمصه او استنساخه، لكن بهدف القفز إلى الأمام بشكل أفضل وأكثر قوة وثقة، فلا يتوجه المسرح التجريبي إلى الجمهور الكتلة المتوحد بفعل أيديولوجية ما، أو سردية كبرى ما، بل هو المسرح الذي يتوجه للمتفرج الفرد، الذي تتوافر لديه استعدادات ثقافية للتقويم المستقبل، إذ لا يمكن في المسرح التجريبي مسألة توحيد الوعي فيما يعرف بـ"سيكولوجيا" الجمهرة التي تمثل طريقة واحدة وعامة من الأحاسيس والمعتقدات.
وأكد «مهران»، أن تفكيك وهدم ما سبق يظل دائمًا من الاختيارات الإرادية لدى الفنان المجرب ليحظى بهبة فقدان الاتجاه، وهذا ما يجبره على تحفيز كل طاقاته باتجاه اكتشاف ما لم يتم الكشف عنه، ففي كل نظام فني هناك مكون ذاتي عميق، أي الذات المجربة التي تمتلك شفرتها النوعية.