الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

ألفونس مورا يكتب: ترامب أم ديسانتيس؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ يوم الإثنين ٢٨ أغسطس، يواجه دونالد ترامب قضية جنائية رابعة فى ولاية جورجيا، حيث يتهمه القضاء بمحاولة قلب نتيجة الانتخابات الرئاسية فى تلك الولاية. 

وستتم محاكمة الرئيس الأمريكى السابق اعتبارا من ٤ مارس ٢٠٢٤ أمام محكمة اتحادية فى واشنطن، حسب ما أعلنته القاضية تانيا تشوتكان التى ستترأس الجلسات.
وفى مواجهة هذه الهزيمة الكبيرة والواضحة، لقد نجح دونالد زعيم اتصالات الأزمات والشبكات الاجتماعية، فى جنى الكثير من المال بالفعل من خلال طباعة آلاف الصور والقمصان التى تصوره كمقاتل خلال فترة سجنه القصيرة، وهو ينوى عكس خيبة الأمل هذه ليظهر أكثر من أى وقت مضى كضحية «للنظام» وبالتالى «للدولة العميقة»، وذلك من أجل تحفيز ناخبيه الجمهوريين بهذه الطريقة.
وفى الوقت الحالى، يواصل الجمهوريون تفضيله إلى حد كبير على جميع المرشحين الجمهوريين المحافظين الآخرين. ومع ذلك، فإن رون دى سانتيس، منافسه الرئيسى والأخطر، سيد «الصراع الثقافي»، يؤكد كل يوم مكانته كمنافس داخلى رئيسى، كما أنه لم يقل كلمته الأخيرة بعد.
سيكون عام ٢٠٢٤ عامًا حاسمًا بالنسبة للولايات المتحدة. فهل سيحتفظ الديمقراطيون بالبيت الأبيض أم سينجح الجمهوريون فى استعادة السلطة؟ إن مستقبل الكوكب سيتأثر بالخيارات الأمريكية. ويجرى الآن السباق على السلطة فى اليمين ويتنافس بالفعل مرشحان قويان على جذب انتباه مواطنيهما: الرئيس السابق دونالد ترامب وحاكم فلوريدا رون دى سانتيس.
ترامب والعودة
كان ينبغى إقالة ترامب. كان ينبغى معاقبته. كان ينبغى أن ننسى. ولكن لم يحدث أى من هذا. لقد أصيب دونالد ترامب ولكنه لم يمت. اعتقد كثيرون أن الفجوة الزمنية بين عامى ٢٠٢٠ و٢٠٢٤ ستكون كافية لينتقل اليمين الأمريكى إلى شيء آخر ولكن كانوا مخطئين ولا ينبغى أن يقتصر طول أمد ترامب على الجاذبية التى يتمتع بها أوعلى صراحته.
إن ترامب هو أحد أعراض الضيق العميق فى المجتمع الأمريكى. ولا تزال المشاكل التى أدانها فى عامى ٢٠١٥ و٢٠١٦ قائمة: سهولة اختراق الحدود مع المكسيك وتفشى المخدرات وانعدام الأمن المتزايد فى كل مكان تقريبا فى أمريكا.
نقطة قوة اليمين الترامبى
لقد تطورت الساحة الدولية بطريقة مواتية تماما للخطاب الترامبى. صحيح أن الناخب العادى لا يعرف العالم خارج حدود الولايات المتحدة، ولكن الصحيح أيضًا أنه يعلم أن أمريكا فى عهد بايدن سمحت بالغزو الروسى لأوكرانيا وأن الخروج من أفغانستان كان أمرًا لا يصدق.
وفى حين أنه من الصحيح أن ترامب كان سيواجه صعوبة فى منع ذلك، إلا أنه من المرجح أنه كان سيتعامل مع أفغانستان بشكل مختلف. وبالنسبة لناخبيه، يكفى أنهم يرددون ما يقوله بالفعل: «لقد خذلت رئاسة بايدن بلادنا وأمريكا أقل احتراما وهانتر -ابن جوبايدن- وصمة عار فى حق بلادنا»
أجرت ماريا بارتيرومو مؤخرًا حوارا مع ترامب. تبدأ المحادثة حول الصين فيشرح ترامب للصحفية أنه يعرف شى جين بينج جيدًا. وسرعان ما ينقل الحديث إلى روسيا ثم يقارن الوضع التايوانى بالوضع الأوكرانى.
ومن خلال القيام بذلك، فإنه يعطى تعهدات للمتطرفين فى السياسة الخارجية ويشير إلى أن أمريكا لن تسمح بالسيناريو الأوكرانى فى تايوان. إنه يستخدم روسيا بذكاء لاستهداف الصين. ولكنه يلقى كل ذنب الملف الأوكرانى على عاتق خليفته فهو يستغل غيابه عن العمل لاستعادة احترامه. إنه يعرف ما يفعله.
دى سانتيس وفلوريدا
من المرجح أن يكون الخصم الأقوى الذى سيواجهه ترامب فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى هو حاكم فلوريدا رون دى سانتيس. وقد يبدو تأكيدنا سابق لأوانه ونحن نكتب هذه السطور فى أغسطس ٢٠٢٣. وربما يثبت المستقبل خطأ ذلك الأمر ولكن فى الوقت الحالى يبدو هذا التأكيد غير قابل للإزاحة. ونعلم أن رون دى سانتيس هو شاب مهذب وهادئ ومقاتل.
يدرك دى سانتيس أنه ليس المفضل وهدفه فى الوقت الحالى هوتوسيع نطاق رسالته. وعلى عكس ترامب، لم يحظ دى سانتيس بأية ألقاب أو شعبية على المستوى الوطنى، بل ظل شخصية إقليمية. إنه يحتاج إلى الوصول بسرعة إلى مستوى أعلى، ومن المفضل أن يكون ذلك فى عام ٢٠٢٣. إن الخطر الذى يواجه دى سانتيس موطنه فى فلوريدا، التى تعد هى أكبر حليف له ولكن فى الوقت نفسه، هى فخ يجب تجنبه.
لم يتردد ترامب وأصبح دى سانتيس هدفًا لذيذًا. ويرى الرئيس السابق الأمور بطريقة بسيطة: هومن «صنع» دى سانتيس، إذن هو الذى يستطيع حله. وبدون دعم ترامب، ستكون مغامرة دى سانتيس السياسية أقل لمعانا بلا شك، ولكن الادعاء بأن حاكم فلوريدا أصبح اليوم، فى عام ٢٠٢٣، مخلوقا من صنع ترامب، هو إساءة لإنجازاته.
إن أوجه تفوق رون تأتى فى منطقة مهمة جدًا وهى أحد المجالات التى قد نجرؤ على القول بأنه متفوق فيها على ترامب إنها ما نسميه ثقافة الحرب أو الصراع الثقافى. إن ترامب يكسر الجليد، فهو موجود حيث لا تتوقع أن تجده. لقد فاز على هيلارى كلينتون بفضل منطقة  Rust Belt ولم يصدق أحد تقريبًا هذا الاحتمال. أما دى سانتيس فهو أكثر قدرة على التنبؤ، ومعسكره أكثر تحديدًا من المعسكر الترامبى.
أدى الخلاف الكلاسيكى بين التقدميين والمحافظين إلى صعود دى سانتيس، خاصة فى المعركة ضد أيديولوجية النوع الاجتماعى وسرد المثليين.
ومع ذلك، فإن أمريكا هى دولة فيدرالية. ومن المستحيل أن نأخذ تجربة ولاية فيدرالية كفلوريدا ونرفضها على المستوى الوطنى. ومع ذلك، يمكن لدى سانتيس تجربة شيء ما، إن لم يكن قابلًا للتصدير للأمة بأكملها، على الأقل للولايات الجمهورية: يراقب المحافظون بعناية القوانين التى تحمى الأطفال من العروض الجنسية وغيرها من الممارسات الغريبة. غير أن هذه القوانين تجد أعظم نجاحاتها فى فلوريدا.
تحدى الاتصالات
غيرت الشبكات الاجتماعية الوضع، كما نعلم. طرح نيال فيرجسون، فى كتابه «الميدان والبرج»، فكرة مفادها أن أحد المميزات الرئيسية لترامب ضد كلينتون كان تفوقه الرقمى. يعتقد فيرجسون أن ترامب سيطر على كلينتون فى ساحتين رئيسيتين للمعركة تويتر وفيسبوك.
ثم أضاف أنه بدون هذه البرامج، لكان ترامب قد اضطر إلى إدارة حملة أكثر تقليدية وأن كلينتون - التى أنفقت أكثر من ضعف ما أنفقه ترامب - كانت ستتمتع بميزة حاسمة. لذلك سيتعين على شركة دى سانتيس التقليدية أن تتحسن وتتكيف مع العصر بحيث تحافظ على وضعها التقليدى ولكن فى نفس الوقت تكون أكثر حداثة وعصرية. ومع ذلك، فهو يخاطر بالضياع فى ساحة مجهولة وقاسية. وهى ساحة يشعر فيها منافسه كما لو أنه فى منزله.
أفاد موقع أكسيوس مؤخرًا، فى أوائل يونيو٢٠٢٣، أن يوتيوب - وهى تعد ساحة معركة مهمة أخرى - قد تخلى عن تعديل مقاطع الفيديو التى تنكر الانتخابات. وهى رسالة لم يلاحظها أحد تقريبا فى أوروبا. أنت تتساءل: ما هو إنكار الانتخابات؟ بكل بساطة أن نقول إن انتخابات ٢٠٢٠ سُرقت أوأنها كانت ضحية مخالفات كبيرة أوأن الآليات الانتخابية لا يمكن الاعتماد عليها.. غالبًا ما يتقدم وادى السيليكون على البشر بخطوة واحدة؛ فمن المحتمل أنه تعرف أشياء لا نعرفها.
يشير هذا القرار إلى اتجاه واحد: رئاسة ترامب الأخرى هى أمر ممكن تماما. ويخشى وادى السلسكون أن يكون ترامب أقل تسامحا فى المرة الثانية، لذا فهو يحاول تخفيف التوترات من خلال الاستعداد، من وجهة نظره، للأسوأ.
ومن المحتمل جدًا أن يستمر ترامب فى تصوير دى سانتيس على أنه شخص مستعد للتنازل عن كل شيء للأقوياء، بما فى ذلك الأقوياء الرقميين. وبالتالى، سيكون أمام حاكم ولاية فلوريدا خيار ثنائى: إما أن يقع فى الطعم ويدين تجاوزات ترامب، أوأن يحاول القيام بما هوأكثر من ترامب.
ومن السابق لأوانه تحديد المسار الذى سيتبعه. ومع ذلك، هناك شيء واحد يبدو حاسما، وهو أنه سيكون لديه حليف قوى هو إيلون ماسك: لقد أعلن الرجل الجنوب أفريقى فى الواقع عن نيته فى التصويت.
حدود الرئاسة
يبدو أن ترامب ودى سانتيس هما المرشحان الأقوى على الإطلاق ولكنهما ليسا كذلك. ونائب الرئيس ترامب مايك بنس هو أيضًا مرشح الحزب الجمهورى فى الانتخابات التمهيدية. الرجل الرابع هو فيفيك راماسوامى، وهو من أصول هندية. وسوف ينضم آخرون إلى الهدف النهائى المتمثل فى رغبتهم أن يصبحوا الرئيس الجديد للولايات المتحدة، ذلك المكان الأسطورى زعيم العالم الحر.
فى الواقع، الرئيس الأمريكى مقيد للغاية، ليس بالضرورة من الناحية القانونية، بل من الناحية السياسية. وبعيدًا عن المحيط الأطلسى، لا يتمتع الرئيس بنفس السلطة التى قد يتمتع بها فى روسيا أوفرنسا. بل يتم وضعه فى نظام الضوابط والتوازنات حيث يتم تخفيف قوته. وقد أثبتت العقود الماضية ذلك؛ لكن التاريخ، الذى لا يمكن التنبؤ به دائمًا، يمكن أن يقودنا إلى عالم يتم البحث فيه عن رئيس أكثر قوة.

معلومات عن الكاتب:
ألفونس مورا.. خبير فى القضايا الاستراتيجية والجيوسياسية، وقبل كل شىء عالم سياسة برتغالى ومؤرخ يتابع بجدية السياسة الفرنسية والأوروبية وتطور العالم متعدد الأقطاب فى مواجهة العولمة الغربية.. يكتب تحليلًا حول الصراع داخل الحزب الجمهورى فى الولايات المتحدة الأمريكية لاختيار المرشح الرئاسى عن الحزب.