عقدت صباح اليوم الأحد، ثالث الجلسات الحوارية التي يقيمها مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الثلاثين، برئاسة الدكتور سامح مهران، والتي أقيمت تحت عنوان "التجريب المسرحي في العراق والشام" بقاعة المجلس الأعلى للثقافة، وأدار الجلسة الدكتور هشام نور الدين من لبنان، الدكتور عبيدو باشا من لبنان، الدكتور عمر نقرش من الأردن، الدكتور ميسون علي من الأردن، الدكتور رياض موسى من العراق، وعقب على الجلسة الدكتور عبد الواحد بن ياسر من المغرب.
وفى بداية الجلسة استهل الدكتور عبيدو باشا من لبنان حديثه قائلاً: أسوأ ما يوجد بالعالم العربي أننا نقوم بصناعة الآلهة، وهذا ما حدث في التجريب، فالنسبة لي التجريب أن تحذر من تعيش حياة مليئة بالأخطاء، وأن تتمرد على ما عندك، ونجد أن كل المسرحيين في العالم العربي قاموا بالتجريب، وأعتقد أن التجريب يمثل حركة تدفعك إلى الأمام، ولكن لا شيء ضد التجريب إلا المؤسسة، ومع الأسف تحول التجريب في الوقت الراهن إلي مؤسسة وتخلى عن صفة المغامرة، فالتجريب ليس قائم على منهج، ولا يأتي إلا بعد معاناة، وأرى أنه لابد تتهيأ الظروف المناسبة، لأن التجريب يقوم على الغريزة في الأساس.
ومن جهته قال الدكتور عمر نفرش من الأردن: لقد قطعنا شوطًا كبيرًا في التجريب ولكننا لم نتفق إلى الآن على معنى له، ومن وجهة نظري أن الفن لابد أن يكون له معيار حتي ولو تجريبيا، فالتجربة الإنسانية الحسية هي أساس المعرفة، لذا أصبح لدينا تراجع للعقل، مشيرا إلى أن التجريب لا يخضع لفكرة السلطة سواء على مستوى الشكل أو المضمون، وأرى أن التجريب ساعد على إزالة الحواجز والصراعات بين الفنون وعناصر العرض، كما أنني اعتقد أن التجريب هو موقف إنساني وجمالي وهو ليس من العلوم الباحثة هو حالة متطورة من تطور الإنسان نفسه.
فيما قالت الدكتورة ميسون علي أستاذ المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق: إن التجريب كمفهوم ظهر عند العرب وارتبط بالحداثة والتطور التكنولوجي، موضحة أن صفة التجريب في المسرح لم تتبع تيار فني أو فترة زمنية معينة فهو كان دافعه الأول تطور المسرح، لافتة إلى أن الحداثة في العالم العربي طرحت إشكالية الصراع بين القديم والجديد، فالتجريب في الستينيات شكل هم من الدرجة الأولى وطرح كشعار، أما في فترة السبعينيات تزامنت مع عودة المخرجين السوريين الذين درسوا في الخارج، وبدأوا في تقديم عروض مختلفة شهدت فيه كشر للأشكال المسرحية، ولاحقًا بدأت روح المعاصرة تسود بعض التجارب التي تقدم والبحث عن علاقة مختلفة مع الجمهور وكل ذلك ساهم في التجريب، والاهتمام التجريبي في سوريا كان دافع لتأسيس المسرح التجريبي وقدم هذا المسرح ثلاث عروض وهي "يوميات مجنون" لـ سعد الله ونوس، و"رحلة حنظلة" سعد الله ونوس، والعرض الثالث "ثلاث حكايات".
بينما قال الدكتور رياض موسى من العراق: إنه من قبل كان المخرج المسرحي يصارع من أجل البقاء في العراق، ووجدنا تجارب مهمة مثل صلاح القصب قدم التجريب في عروضه، في السياق ذاته أكد أن التجريب في المسرح العراقي لم يكن بحثا ولكن استجابة لنداء للضرورة، وأشار إلى أن المسرح العراقي كان حريصا على التجديد، وكانت رؤى كل المخرجين العراقيين تختلف بشكل كبير من مخرج لآخر، وهنا أريد أن أتوقف عند تجربة كبيرة وهي مفهوم التجريب في مسرح الصورة للدكتورة صلاح القصب، تلك التجربة التي شكلت منعطفُا كبيراً وواجهت كثيرًا من وجهات النظر، وكانت مغرية لكثير من الشباب والمسرحيين في العراق، وكانت أهم ما يميز تجربته أنها لم تكن أسيرة التقليد، فالمسرح العراقي مازال أبًا شرعيًا لتجربة المسرح التجريبي.
وعقب دكتور عبد الواحد بن ياسر من المغرب على أبحاث المشاركين حيث قال: في البداية أشكر إدارة المهرجان علي هذه الدورة وعلي المحاور التي تم طرحها خلال الجلسات، وخلال تلك الجلسة التي تحدثنا فيها عن التجريب في العراق والشام، سنجد رؤى مختلفة للتجريب وتجارب قام الزملاء بطرحها سواء في سوريا، وقد قامت الدكتور ميسون علي بطرح تجربة المسرح التجريبي من القديم إلي الحداثة، وكذلك في العراق عندما طرح الدكتور رياض موسى تجربة المخرج صلاح القصب، وأكد على أن المسرح العراقي سيظل هو الأب الشرعي للمسرح التجريبي.