إلى مصر وبالملابس المدنية وكما يليق بموقع رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، جاء الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، هذه الصورة التي غابت عن البرهان منذ اندلاع الاشتباكات في السودان حيث لم يره المتابعون طوال الفترة الماضية إلا بالزي العسكري.
وفي أول خروج له من السودان تكون مصر هي المحطة الأولى له وللوفد المرافق.
الرئيس عبدالفتاح السيسي يفرد للسودان مساحة واسعة من الاهتمام لذلك تحقق اللقاء بنجاح في القصر الرئاسي بمدينة العلمين المصرية على ساحل البحر المتوسط.
منذ اندلاع الحرب التي نسميها تأدبا الاشتباكات، والجيش السوداني يسجل في دفتر التاريخ صفحة مجيدة ترفض انقسام السودان وتحمي الشعب السوداني وتجتهد لوقف تمرد قوات الدعم السريع.
مصر قريبة جدا من الأحداث وبغض النظر عن فتح حدودنا الجنوبية لاستقبال الأشقاء السودانين باعتبار هذا واجب انساني التزمت به مصر على مدار تاريخها، إلا إنني أقصد باقتراب مصر من الأحداث بمعنى المتابعة اللحظية لما يدور على الأرض في الخرطوم وأم درمان ودارفور وكذلك رصد ودراسة وتحليل كافة المبادرات والتحركات السياسية التي تسعى نحو الوصول بالسودان إلى شاطئ الأمن والأمان والاستقرار.
هذا المعنى الذى أذهب إليه هو نفسه ماجاء في بيان مجلس السيادة السوداني عبر صفحته على موقع "فيسبوك" عقب لقاء العلمين حيث أشار إلى إن اللقاء بين الرئيس السيسي والبرهان تناول أوجه التعاون المشترك بين البلدين في جميع المجالات، وتطورات الأوضاع فى السودان والجهود المبذولة لتسوية الأزمة في السودان بما يحفظ أمنه واستقراره.
وإذا ربطنا بين الخروج الأول للبرهان من الخرطوم نحو القاهرة وبين ما شهدته مصر من لقاء سابق موسع تحت عنوان دول جوار السودان نعرف أن المسارات التي تسعى الدولة المصرية نحوها تتطابق مع الأفكار التي يسعى مجلس السيادة السوداني لتحقيقها ولذلك جاء تركيز البيان السوداني بعد لقاء العلمين ليؤكد على أن السيسي والبرهان قد ناقشا تطورات الأوضاع فى السودان كما تم التشاور حول الجهود الرامية لتسوية الأزمة حفاظًا على سلامة وأمن الشعب السوداني، على النحو الذي يحافظ على سيادة ووحدة وتماسك الدولة السودانية، وذلك في إطار تعزيز مسار دول جوار السودان الذي إستضافت مصر قمته الأولى مؤخرا.
ولأن الدولة المصرية تعتبر مصالح الشعب السوداني موضوعًا ذا أولوية أولى فكان لابد في لقاء العلمين من تناول سبل التعاون والتنسيق لدعم الشعب السوداني المتضرر من الصراع، لاسيما عن طريق إيصال المساعدات الإنسانية وتسهيل وصولها لمستحقيها.
اختيار مصر محطة أولى يجعلني دون تردد أن أشير إلى الوعي الذي يتمتع به مجلس السيادة السوداني وإلى الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان باعتباره رجل دولة قادر على فرز الصديق من العدو وكذلك الصياغة الدقيقة التي قال فيها كلاما عن تقدير السودان للدور المصري الفاعل بالمنطقة والقارة الأفريقية تحت قيادة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وعلى الجانب الآخر كان الرد المصري وعلى لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي بحسب بيان مجلس السيادة السوداني، حيث أكد على موقف مصر الثابت والراسخ الداعم للسودان في أمنه واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه، لاسيما في ظل الظروف الدقيقة الراهنة التى يمر بها، آخذًا فى الاعتبار الروابط الأزلية والمصلحة الاستراتيجية المشتركة التي تجمع البلدين الشقيقين.
الأزمة التي تعيشها السودان لا يمكن التعامل معها باعتبارها أزمة خارج حدودنا ولكننا في عين العاصفة لذلك يدرك الجانبان المصري والسوداني حكومة وشعبا ضرورة غلق هذا الملف إلى الأبد لتعود الخرطوم منارة وعاصمة عربية قادرة على الإبداع والتفاعل الإيجابي مع جيرانها وفي مقدمتهم مصر العظيمة.