في شوارع مدينة كايامندي، تهطل الأمطار بغزارة على رؤوس مواطني جنوب أفريقيا الذين يصطفون في مطعم بالمدينة التي تبعد حوالي ٥٠ كم شرق مدينة كيب تاون، في انتظار الممرضات لقياس مستويات السكر في الدم لديهن، بينهم جوديت ماجاشو البالغة من العمر ٦٦ عامًا المصابة بالسكري منذ خمس سنوات.
وتقول «ماجاشو» إنه بعد وقت قصير من تقاعدها، في عام ٢٠١٨، تم نقلها إلى المستشفى بسبب حمى مستمرة وتتذكر قائلة: «في سيارة الإسعاف، أخبروني أن نسبة السكر في دمي مرتفعة للغاية» وهي واحدة من ٤.٢ مليون جنوب أفريقي مصاب بمرض السكري، وفقًا لتقديرات عام ٢٠٢١ الصادرة عن الاتحاد الدولي للسكري.
وبحسب تقرير صحيفة «الجارديان» البريطانية، فإن معدلات الإصابة بمرض السكر في جنوب أفريقيا، قد تضاعف بين عامي ٢٠١١ و٢٠٢١ وهو الأعلى على الإطلاق في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وبحلول عام ٢٠٤٥، قد يصاب أكثر من ٧.٤ مليون جنوب أفريقي بمرض السكري.
وصنفت مجلة "لانسيت" المتخصصة في الشئون الطبية، حالة جنوب أفريقيا بأنها «مرض القرن الحادي والعشرين»، والتي حذرت في يونيو من أن ١.٣ مليار شخص في جميع أنحاء العالم يمكن أن يتعايشوا مع مرض السكري بحلول عام ٢٠٥٠.
وأضافت «الجارديان» في تقريرها المنشور في ٣١ أغسطس الماضي، أنه في جنوب أفريقيا، وصل مرض السكري بالفعل إلى نقطة الأزمة فهو السبب الأساسي الرئيسي للوفاة بين النساء في البلاد والثاني بين عامة السكان، ومما يثير القلق أن ما يقرب من نصف مرضى السكري لا يعرفون أنهم مصابون به مشيرة إلى أنه «يمكن التحكم في مرض السكري أو حتى الوقاية منه بسهولة إلى حد ما، وبدلًا من ذلك فهو يقتل النساء أكثر من أي شيء آخر».
وتقول بريدجيت ماكنولتي، المؤسس المشارك لـ Sweet Life، وهو مجتمع عبر الإنترنت يضم أكثر من ٣٥٠٠٠ جنوب أفريقي مصاب بالسكري: «إن الأمر أشبه بحادث سيارة بطيء».
وتتلقى ماكنولتي مئات الرسائل شهريا من المرضى في جميع أنحاء البلاد ويبدو أن الحياة الصحية بعيدة المنال بالنسبة للكثيرين، وعلى الرغم من إمكانية الوصول إلى الأنسولين المجاني، فإن تعقيد الحالة قد يجعل من الصعب الحصول على العلاج المناسب.
وكتب خوخيلا سيبامبو، البالغ من العمر ٢٦ عامًا والمصاب بداء السكري من النوع الأول، مؤخرًا إلى ماكنولتي بعد أن عانى من قيود المستشفى على شرائط الاختبار والإبر، وقالت: «انتهى بي الأمر بإعادة استخدام إبرتي لأنه ليس لدي خيار آخر، ويجب أن أتناول الأنسولين».
وقال باتريك نجاسا بيوتي، خبير الصحة العامة ورئيس مجلس إدارة التحالف الأفريقي لمرض السكري، إنه على عكس فيروس نقص المناعة البشرية والسل، اللذين من المقرر أن يحصلا على ٤٥ مليار راند «١.٩ مليار جنيه إسترليني» من الإنفاق المشترك في الفترة ٢٠٢٣-٢٠٢٤، «لم يحظ مرض السكري بالاهتمام الذي يستحقه» مضيفا «إن مرض السكري ومضاعفاته باهظ الثمن للغاية إذا لم يتم القيام بأي شيء، فسوف تتعطل السيارة بالتأكيد».
وتماشيًا مع الحركة العالمية المتزايدة لمعالجة مرض السكري، أصدرت حكومة جنوب أفريقيا العام الماضي خطة استراتيجية مدتها خمس سنوات بشأن الأمراض غير المعدية بحلول عام ٢٠٣٠، ينبغي فحص ٩٠٪ من البالغين للكشف عن ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم، ويجب أن يتلقى ٦٠٪ من الذين تم تشخيصهم العلاج، ويجب «السيطرة» على نصف هؤلاء.
ويقول نجاسا بيوتي، «لدينا الآن أهداف يمكننا أن نتطلع إلى تحقيقها وهذا يتطلب تحسين مراقبة مرض السكري» ومع ذلك، لدى ماكنولتي مخاوف بشأن إمكانية تحقيقه حيث ينوه إلى أنه «لا يوجد سجل لمرض السكري والنظام يعتمد على الورق، لذلك لا توجد طريقة لمعرفة أداء هذه الأهداف كيف يمكنك حل مشكلة لا يمكنك رؤيتها؟».
في السياق نفسه؛ أوضح الدكتور جويل ديف، رئيس قسم الغدد الصماء في مستشفى جروت شور بمدينة كيب تاون وهي مركز لمرض السكري في جنوب أفريقيا، أنه من الناحية السياسية، يبدو كل شيء رائعًا، ويعبر عن نية القيام بشيء ما، لكننا لا نرى أي تغيير كبير على أرض الواقع.
وفيما يتعلق بفيروس نقص المناعة البشرية، قاموا باستثمارات ضخمة مقدما ونحن الآن نجني الثمار، وهذا ما نحتاج إليه خطة ضخمة ومتماسكة وتعاونية على مدى السنوات العشر إلى الخمس عشرة المقبلة للمساعدة في تغيير الاتجاه الذي تسير فيه الأمور.