منذ ظهور التجمعات البشرية، تم وضع القوانين والقواعد التي تنظم سلوك الأفراد وتنظم علاقاتهم فيما بينهم وتحدد العقوبات على المخالفين، سواء كانت تلك التجمعات قرى صغيرة أو مدن كبيرة. وهذا الإجراء يهدف إلى منع الفوضى وضمان النظام العام. ولم يشهد التاريخ وجود مدن أو أماكن بلا قانون.
وفي الوقت الحاضر، مع وجود الدول الحديثة والدساتير والقوانين الموجودة، فإنه من غير الممكن تخيل العيش في مكان يُسمح فيه للبشر بفعل ما يحلو لهم بدون قيود. قد يبدو الحديث عن وجود مثل تلك الأماكن أو المدن بلا قانون ضربًا من الخيال، ولكن في الواقع فإن هذه الأماكن موجودة ولها واقعية في بعض الدول.
1. مدينة سلاب (Slab City)
مدينة سلاب (Slab City) هي مدينة في أمريكا حيث ينعدم القانون. تقع المدينة على مساحة 640 فدانًا من الأرض في ولاية كاليفورنيا بالقرب من الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. كانت المنطقة في الماضي قاعدة لقوات مشاة البحرية الأمريكية تُعرف بـ "كامب دونلاب". بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، تم هدم المباني وأغلقت القاعدة، ولكن استقر العديد من الأشخاص في المنطقة وشكلوا مجتمعًا خاصًا بهم.
في مدينة سلاب، لا توجد ضرائب على الممتلكات ولا فواتير للخدمات العامة مثل الكهرباء والماء، ولا يوجد نظام مجارٍ. يعتمد السكان على الألواح الشمسية لتوليد الكهرباء وجمع مياه الأمطار للاستخدام. يعيش في هذه المدينة مجتمع متنوع من الناس ذوي الدخل المنخفض والذين يفضلون العيش خارج النظام الحكومي التقليدي.
2. شبه جزيرة بين بلجيكا وهولندا
بالإضافة إلى ذلك، هناك حالة أخرى تشهد فيها انعدام القانون، وهي تعيد تشكيل الحدود بين بلجيكا وهولندا. نتيجة تغيير مسار نهر "ميوز"، تغيرت الحدود الأصلية بين البلدين وتركت منطقة هولندية واحدة على الجانب البلجيكي وشبه جزيرتين بلجيكيتين غير مأهولتين على الجانب الهولندي. تم الاتفاق على عدم فرض السيادة الوطنية على تلك المناطق ، وبالتالي فإنها تعتبر مناطق بلا قانون، أو مناطق لا تخضع للقوانين الوطنية لكلا البلدين. وعلى الرغم من عدم وجود قوانين واضحة في تلك المناطق، إلا أنها أصبحت معروفة بأنها مناطق هادئة وسلمية حيث يمكن للناس الاستمتاع بالطبيعة والترفيه دون قيود.
3. بئر طويل
بئر طويل هي قطعة أرض في أفريقيا تتميز بوضعها الاستثنائي من الناحية القانونية. لقد تم تجاهل هذه المنطقة النائية تقريبًا من قبل العالم، ولم تكن محل اهتمام مصر أو السودان، البلدين المجاورين.
وجود بئر طويل في منطقة الحدود بين البلدين هو نتيجة ثانوية لتأثير القوى الاستعمارية في شمال شرق أفريقيا أثناء فترة السيطرة البريطانية على مصر والنفوذ المصري في السودان.
في عام 1899، وقعت الحكومة البريطانية اتفاقية لتقسيم السودان ومصر عن طريق خط مستقيم يمر عند خط العرض 22. ومع ذلك، بعد ثلاث سنوات من ذلك، قام البريطانيون بتوقيع اتفاقية أخرى بعد الاعتراف بأن الجبل المعروف ببارتازونجو يسكنه قبيلة العبابدة البدوية التي لها روابط تاريخية قوية مع مصر، ومنحت قطعة صغيرة من الأرض من السودان إلى مصر.
4. جمهورية جزيرة الورد
في عام 1968، حقق المهندس الإيطالي جورجيو روزا حلمه بإقامة دولة خاصة به على بُعد حوالي 12 كيلومترًا من ساحل مدينة ريمجزيرة الورد هي جزيرة صغيرة تقع قبالة ساحل مدينة ريميني في إيطاليا. في عام 1968، أعلن المهندس الإيطالي جورجيو روزا استقلال الجزيرة وأسس دولة صغيرة تسمى "جمهورية جزيرة الورد"، واعتبر نفسه رئيسًا لهذه الدولة الوهمية.
مساحة جمهورية جزيرة الورد تبلغ حوالي 400 متر مربع فقط، وتشتهر بأنها وجهة سياحية صغيرة تستقطب الزوار لرؤية هذه الدولة الفريدة. تضم الجزيرة بعض المباني والمنشآت الصغيرة، بما في ذلك القصر الرئاسي الذي يعد مقرًا لروزا كرئيس للدولة.
مع ذلك، يجب أن نلاحظ أن جمهورية جزيرة الورد ليست دولة معترف بها دوليًا ولا تحظى بالاعتراف الرسمي من قبل المجتمع الدولي. إنها بمثابة مبادرة شخصية لروزا وتعتبر أكثر ما يشبه حديقة سياحية بدلاً من دولة حقيقية.
قد يكون إعلان روزا لاستقلال جمهورية جزيرة الورد عبارة عن مبادرة غريبة وفريدة من نوعها، ولكنها ليست غير عادية في سياق الأشخاص الذين يسعون إلى تحقيق أحلامهم الشخصية والابتكار في إنشاء أماكن جديدة أو تجارب فريدة.
عمومًا، يجب الإشارة إلى أن العيش في مجتمع بلا قانون قد يكون محفوفًا بالمخاطر والتحديات. ففي غياب القوانين والنظام، يمكن أن يحدث الفوضى والتجاوزات والصراعات بين الأفراد. كما أنه في حالة وجود خلافات أو نزاعات، قد يكون من الصعب حلها بطرق قانونية.