أنهى الذهب المحلي تداولات شهر أغسطس على انخفاض بعد أن شهدت الأسعار تقلبات كبيرة خلال هذا الشهر، وتميز السوق خلاله بتغيرات في مستويات الطلب بالإضافة إلى تحركات في سعر صرف الدولار في السوق الموازية ليكون السبب الرئيسي وراء تقلبات الأسعار.
أغلق سعر الذهب عيار 21 الأكثر شيوعًا تداولات شهر أغسطس عند المستوى 2215 جنيه للجرام منخفضًا بمقدار 60 جنيه عن سعر افتتاح تداولات الشهر ويكن بذلك انخفض السعر بنسبة 2.8%، وقد تخلل هذا الشهر ارتفاع الأسعار إلى مستوى 2430 جنيه للجرام قبل أن يبدأ السعر في التراجع من هذه المستويات، وفق رصد تحليلي من جولد بيليون
و افتتح الذهب تداولات اليوم الجمعة عند المستوى 2220 جنيه للجرام وذلك بعد جلسة الأمس التي شهدت تذبذب في نطاق محدد سجل خلالها سعر الذهب أدنى مستوى عند 2200 جنيه للجرام.
أحد أبرز تحركات الذهب خلال الشهر الماضي كان الارتفاع الكبير الذي سجله يومي 11 و12 أغسطس عندما ارتفاع بنسبة تخطت 11% خلال فترة زمنية قصيرة ليسجل أعلى مستوى عند 2430 جنيه للجرام، ثم شهد انخفاضات حادة في فترات قصيرة أيضًا تخطت الـ 100 جنيه للجرام.
اختلف التوصيف والمسميات لحركة الذهب العنيفة، فالبعض يراها ارتفاع كبير في الطلب في الوقت الذي يشهد فيه المعروض تراجع، والبعض الآخر يراها أنها مجرد فقاعة وهمية بهدف تحريك الأسواق واشعال المضاربات في سوق الذهب بعد فترة طويلة من الاستقرار والتحرك ضمن نطاقات سعرية ضيقة بين 2150 – 2175 جنيه للجرام، بحسب جولد بيليون.
ولكن ما اتفق عليه الجميع حتى الآن ان هذا التحرك في الأسواق والعشوائية في التسعير هو أمر مؤقت وحدث لسبب معين وانتهى أثره بانتهاء هذا السبب، وقد اتضح هذا في تحركات الذهب بعدها التي شهدت هبوط تدريجي في الأسعار.
سيطرت المخاوف على الأسواق خلال أغسطس بسبب انتشار إشاعات وتسريبات لإمكانية حدوث تعويم أو خفض جديد في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار خلال الفترة القادمة، وذلك تزامنًا مع مراجعة صندوق النقد الدولي التي تحدث خلال شهر سبتمبر.
وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني أصدرت أيضًا توقعات بانخفاض الجنيه المصري مقابل الدولار إلى مستويات 37 جنيه لكل دولار من مستويات الحالية عند 30.95 جنيه لكل دولار، وذلك بحلول نهاية العام.
وقد يسبق هذا تعديل آخر في سعر الصرف في الفترة من سبتمبر إلى أكتوبر وهي نفس فترة مراجعة صندوق النقد الدولي، وترى المؤسسة أنه في حال عمل الحكومة على خفض التضخم تدريجيًا والانتقال لسعر صرف مرن سيكون عليها اللجوء إلى خفض سعر صرف عملتها.
توقعت مؤسسة ستاندرد آند بورز أيضًا تسارع معدلات التضخم السنوي ليصل إلى 39% نهاية العام من مستوياته الحالية 36.5% وبذلك يصل متوسط التضخم في مصر هذا العام عند 35% ومتوقع أن ينخفض إلى 20% في العام المقبل.
هذا وقد قام البنك المركزي المصري خلال اجتماعه مطلع الشهر الماضي برفع أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس لتصل إلى 19.25% من أجل العمل على تفادي الضغوط التضخمية والسيطرة على توقعات التضخم.
يعد هذا القرار الثاني خلال العام من قبل المركزي المصري برفع الفائدة بعد أن قرر في مارس الماضي رفع الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، وكان البنك في عام 2022 قد رفع الفائدة بمقدار 800 نقطة أساس.
قرار المركزي المصري جاء بعد تضارب في توقعات الأسواق التي شهدت توقعات كثيرة بتثبيت أسعار الفائدة نظرًا لكون التضخم الحالي لا يعتمد على السيولة النقدية المتزايدة في الأسواق وبالتالي رفع الفائدة لن يعمل على تهدئة التضخم.
من جهة أخرى قدمت مجموعة دول البريكس دعوة رسمية لمصر والسعودية والامارات لانضمام للمنظمة بداية من يناير 2024، وهو الأمر الذي قد يساهم بشكل كبير في تحسين أوضاع الاقتصاد المصري بشكل غير مباشر.
الانضمام لمجموعة دول البريكس من شأنه أن يقلل من الطلب على الدولار في السوق المحلي، كون حجم التبادل التجاري بين مصر ودول البريكس يصل إلى 30 مليار دولار سنويًا وهو ما سيتم استبداله بالعملة المحلية.
سيسهم هذا في تحقيق بعض الاستقرار في الأوضاع في مصر خاصة مع وصول أزمة الدولار إلى أقصاها بشكل تسبب في ارتفاع أسعار السلع بشكل كبير وتسجيل معدلات التضخم لمستويات قياسية.
هذا وقد وافق مجلس الوزراء على انشاء وحدة باسم "بريكس" معنية بالتعاون مع التكتل، وقد ساعد هذا الاهتمام الحكومي بالانضمام لهذا التكتل العالمي بدفع بعض الاطمئنان إلى الأسواق، وظهر هذا بوضوح في تراجع الطلب على الدولار في السوق الموازية الأمر الذي تسبب في تراجع مستوياته.
وكشف تحليل جولد بيليون أن الذهب تأثر بتراجع الطلب خلال الفترة الحالية بالإضافة إلى تراجع سعر صرف الدولار في السوق الموازية، ليشهد هذا الأسبوع محاولات عديدة لكسر المستوى 2200 جنيه للجرام وهو ما قد يفتح الباب أمام المزيد من الهبوط في سعر الذهب حتى مستويات 2150 و2130 جنيه للجرام.
هذا وقد أعلنت وزارة المالية أن إجمالي الذهب الذي دخل مصر من خلال مبادرة "زيرو جمارك" منذ بدايتها في 11 مايو وحتى نهاية شهر أغسطس قد بلغ 1500 كيلو جرام من الذهب بدون رسوم جمركية باستثناء ضريبة القيمة المضافة على المصنعية.
وتعد المبادرة أحد الأسباب المباشرة وراء استقرار أسعار الذهب خلال الأشهر الأخيرة، وهناك توقعات ومحادثات بمد فترة المبادرة والتي من المقرر لها أن تنتهي في نوفمبر القادم.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
واجه الذهب مقاومة فنية حول مناطق المستوى 1950 دولار للأونصة، ليتوقف ارتفاع الذهب ويعود إلى التذبذب فوق المستوى 1940 دولار للأونصة في انتظار بيانات تقرير الوظائف اليوم والذي يعد حافز قوي لتحريك الذهب في أي من الاتجاهيين على حسب البيانات.
على الرغم من التعافي الأخير في أسعار الذهب إلا أن الهبوط لا يزال هو المسيطر بشكل عام، ويحتاج الذهب إلى زخم صعود يدفعه إلى الاستقرار فوق منطقة 1975 – 1980 دولار للأونصة حتى يثبت أقدامه ويستمر في الصعود.
أما في حالة الهبوط فقد نشهد تراجعات قوية كون الاتجاه الهابط هو المسيطر حاليًا، وستكون أمام الذهب محطات في الهبوط عند منطقة المستوى 1930 دولار للأونصة ومن بعده منطقة المستوى 1910 دولار للأونصة، ثم المستوى النفسي 1900 دولار للأونصة.
وبالنسبة لأسعار الذهب محليًا فتستمر في التداول فوق 2200 جنيه للجرام عيار 21 في محاولات مستمر لكسر هذا المستوى، والذي قد يفتح الباب لمزيد من الهبوط واستهداف منطقة 2150 – 2155 جنيه للجرام، ومن بعدها 2130 جنيه للجرام.