الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

مصريات

كليوباترا السابعة.. ملكة غيرت خريطة الحكم في العالم القديم

تمثال الملكة كليوباترا
تمثال الملكة كليوباترا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حكم البطالمة بدأ فى مصر بعد عصر الإسكندر الأكبر المقدوني، وهو أحد ملوك مقدونيا الإغريق أو اليونانيين، وجاء للحكم خلفًا لوالده فيليب الثانى المقدونى المُلقب بالأعور عام 336 ق م، وانطلق عام 334 ق م فى حملة على بلاد فارس، وتمكن من هزيمتهم وامتدت الأراضى الخاضعة للإسكندر من الغرب إلى الشرق، حتى وصل إلى نهر السند.

توفى الإسكندر فى مدينة بابل سنة 323 ق م، وكان ضمن البلاد التى انتزعها الإسكندر من الفرس هى مصر والتى استقبله أهلها بالترحاب، لأنه احترمهم واحترم عقائدهم عكس الفرس، الذين أهانوهم وأهانوا عقيدتهم، وبعد أن مات الإسكندر تقسم إرثه بين قادته وكانت مصر من نصيب البطالمة، وهم عائلة من أصل مقدونى «يوناني» جاءت إلى مصر مع الإسكندر، وكان أول حكامها بطليموس الأول، ثم تتابع الحكام البطالمة حتى كان آخرهم الملكة كليوباترا السابعة.

وصولها إلى الحكم 

قبل وصول كليوباترا إلى الحكم كان الحكم البطلمى فى مصر قد تدهور بشكل كبير، وكان أبوها بطليموس الثانى عشر الملقب بالزمار، والذى تولى الحكم عام 80 ق م، وتزوج من كليوباترا السادسة، وحدث فى عهده أن اعتدت روما على مصر وضمت إليها جزيرة قبرص بعد أن كانت خاضعة لمصر، وذلك عام 58 ق م، وبسبب موقف بطليموس الزمار السلبى ثار أهالى الإسكندرية، واضطر إلى الفرار لروما، وظل هناك إلى عام 55 ق م، وازداد نفوذ الرومان على مصر وخصيصًا بعد ظهور يوليوس قيصر، والذى كان زعيم حزب كبير فى روما، وسعى لضم مصر للإمبراطورية الرومانية، وحاول بطليموس الثانى عشر «الزمار» أن يُثنى يوليوس عن خطته ونجح فى ذلك بعد أن دفع نصف دخل مصر كجزية ليوليوس قيصر، واعترف بعدها ببطليموس الثانى عشر كحاكم على مصر، ولم يلبث «الزمار» أن مات عام 51 ق م، وانتقل العرش إلى ابنه وابنته التى هى كليوباترا السابعة.

الطموح إلى السلطة 

كانت كليوباترا وأخيها، كل منهما يمتلك الطموح للحكم حسبما جاء فى كتاب الدكتور حسين عبد البصير الحب والسلطة عند ملوك مصر القديمة، فوقع بينهما صراع شديد، ووجدت كليوباترا نفسها تحارب أخاها من ناحية وتحارب رجال القصر من ناحية أخرى، فاختفت كليوباترا من على الساحة حتى تسنح لها فرصة للعودة مرة أخرى. 

الصراع فى روما كان على أشده بين يوليوس قيصر وبين بومبي، للسيطرة على روما، ونجح يوليوس قيصر فى ذلك وهُزم بومبى وهرب إلى مصر لاجئًا عند أبناء بطليموس الزمار، ولكنه قتل فى الإسكندرية، ثم وصل يوليوس قيصر إلى الإسكندرية، وتجول فى المدينة، وكأنه ملك عليها. 

كليوباترا ويوليوس قيصر 

علم يوليوس بالمشكلات بين كليوباترا وأخيها، فأرسل فى طلبهما، وهنا لجأت كليوباترا لطريقة استعراضية لإبهار يوليوس قيصر، فأمرت خدمها بإحضار سجادة، والتفت بها، ثم حملوها ملفوفة ودخلوا على يوليوس ثم خرجت منها كأفروديت آلهة الحب والجمال عند الإغريق، وانبهر يوليوس قيصر بكليوباترا، وبعد أن نجحت فى هزيمة أخيها بمساعدة قيصر أعلنها ملكة على مصر.

مساعدة قيصر لكليوباترا لم تمر هكذا، فقد كان ثمنها رحلة حب بين العاشقين فى النيل لمدة ثلاثة أشهر عادت منها كليوباترا وهى تحمل طفلها من قيصر، فيما عاد يوليوس إلى روما، وأعلن كليوباترا السابعة ملكة على مصر، ثم أنجبت كليوباترا ابن يوليوس وأطلقت عليه اسمًا مميزًا وهو «قيصر»، فيما تندر المصريون على هذه الواقعة وأطلقوا على الطفل اسم «قيصرون».  

واستطاعت كليوباترا أن تنهض بالبلاد، وسافرت إلى روما وقابلت قيصر، وقد أشعرها وكأنها ملكة على البلاد، وظلت فى صحبة يوليوس قيصر لمدة عامين، ويبدو أنها خلبت لبه وأطارت صوابه حتى جاء ذلك وبالًا عليه، حيث صار عجوزًا متغطرسًا، حتى تآمر عليه كل رجال القصر لقتله وبالفعل تم اغتيال قيصر فى اليناتو مقر الحكومة عام ٤٤ ق م، واشترك فى حادثة الاغتيال أقرب الناس إليه بروتس، وكانت صدمة كليوباترا باغتيال يوليوس كبيرة، وعادت إلى مصر، وقتلت أخاها بطليموس الرابع عشر، وأعلنت ابنها قيصر أو قيصرون شريكًا لها فى الحكم. 

 

صراع رومانى 

أما فى روما فقد اندلع صراع شديد بين أنصار يوليوس قيصر بزعامة مارك أنتوني، وبين أعداء يوليوس قيصر، وانتهى الأمر بفوز أنتونى ثم ظهر أوكتافيوس ابن قيصر بالتبني، وكان مذكورًا فى وصية يوليوس، وجرى صراع فى البداية بين الطرفين حتى اتفقا على التحالف، واقتسموا الحكم فيما بينهم، وكان نصيب مارك أنتونى الجزء الشرقى من الإمبراطورية، وكان ضمنها مصر التى على رأسها كليوباترا السابعة تنتظر. 

أرسل أنتونى وهو عاشق قديم لكليوباترا، طالبًا لقاءها، ولم يكن الأمر صعبًا عليها، وفى وقت وجيز وقع تحت سيطرتها وتزوجها وأنجب منها 3 أبناء وأعلنهم أبناؤه الشرعيون، بالمخالفة للقانون الرومانى الذى لم يكن يسمح للملوك بالزواج من أجنبيات، وطلّق أنتونى أخت أوكتافيوس، وأعلن كل الولايات الشرقية ملكًا لكليوباترا وعاصمتها الإسكندرية. 

هنا ثارت ثائرة أوكتافيوس، وأعلن الحرب على نسيب وشريك وصديق الأمس الذى أصبح عدو اليوم، وبدأ فى حملة تشهير كبيرة بأنتونى وبكليوباترا التى أطلق عليها لقب «العاهرة»، ونجح فى الحصول على موافقة السيناتور بروما بالقيام بحملة عسكرية كبرى للقضاء على كليوباترا وأنتوني، وأقسم أن يحضر كليوباترا مقيدة بالسلاسل إلى روما. 

موقعة أكتيوم البحرية

التقت الجيوش المصرية الرومانية من ناحية، والرومانية أيضًا من ناحية أخرى فى معركة شهيرة فى التاريخ وهى موقعة أكتيوم البحرية، عام 31 ق م، وانطلق أسطولان لأنتونى وكليوباترا، ضد أسطول أوكتافيوس، وتفشت الملاريا بأسطول أنتوني، وكان أسطول أوكتافيوس أكثر قوة، وتبدت الهزيمة مبكرًا فانسحبت كليوباترا بأسطولها، وفر الجنود بأعداد كبيرة للغاية من جيش أنتوني. 

فى بداية تلك المعركة حاول أنتونى إبعاد كليوباترا عنها، وأن يبقيها فى مصر، ولكنها رفضت خشية أن يتفق أنتونى وأوكتافيوس، ولكن سارت الأمور على غير هواها، وهُزما فى المعركة البحرية، وهى تلك المعركة التى كان سببها الأساسى الدعاية الكبيرة التى شنها أوكتافيوس ضد كليوباترا واصفًا إياها بالعاهرة، وضد أوكتافيوس الذى تزوجها وطلق أخته أوكتافيا وعزم على أن يُدفن فى الإسكندرية.

المؤرخ بلوتارخ حمل كليوباترا خطأ قرار خوض المعركة البحرية، وأنها لو انصاعت لنصيحة أنتوني، وبقيت فى مصر لكانت استطاعت مواجهة أوكتافيوس بريًا، وهى الحرب التى لم يكن ليتفوق فيها، ولكنها خافت اتفاق الطرفين كما ورد سابقًا، وزحف أوكتافيوس ناحية مصر، واستطاع دخولها، وحاولت كليوباترا أن تثنيه بشتى الطرق من أن يصطحبها مقيدة بالسلاسل إلى روما، وأصر أوكتافيوس على رأيه، فآثرت كليوباترا أن تنتحر بعد أن تركت الكوبرا تلدغها، وإن كانت تلك الرواية ينفيها البعض ويؤكدون أن أوكتافيوس تمكن منها وقتلها.

سقوط البطالمة 

بموت كليوباترا السابعة سواء منتحرة أو مقتولة سقطت دولة البطالمة، ودخلت مصر فى حظيرة الإمبراطورية الرومانية منذ عام 30 ق م، وحتى رحلوا عنها عام 641 م، وذلك بعد أن نجح العرب فى دخول مصر وطرد الرومان البيزنطيين فى ذلك الوقت منها، ولم تحظ ملكة مصرية عبر التاريخ بما حظيت به كليوباترا من عشق وحب وهيام، وأثرت فى تاريخ العالم كله وليس فى تاريخ مصر وحسب.