لا يقتصر احتفال الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالسيدة العذراء مريم خلال شهر أغسطس فقط أو تحديد صوم لمدة ١٥ يومًا تكريمًا لاسمها وتشفعًا ببركاتها، ولكن توجد العديد من الاحتفالات والأعياد التى تهتم الكنيسة منذ العصور الأولى بأن تكون بمثابة تكريم لوالدة الإلهة، و«البوابة» تخوض فى رحلة عطرة للتعرف على أهم الأعياد التى تحتفل بها الكنيسة تكريما للسيدة العذراء مريم.
يقول القس أسطفانوس مجدى كمال، كاهن كنيسة الشهيد العظيم مارجرجس بسيدى سالم بكفر الشيخ والمدرس بالكلية الإكليريكية، إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بـ٩ أعياد للسيدة العذراء، وهى عيد البشارة بميلادها وهو يوم ٧ مسرى «الموافق ١٣ أغسطس تقريبًا»، حيث بشر ملاك الرب أباها يواقيم بميلادها، ففرح بذلك هو وأمها حنة، ونذراها للرب، وعيد ميلاد العذراء وتُعيد له الكنيسة فى أول بشنس «الموافق يوم ٩ مايو»، كما يتم الاحتفال بعيد دخولها الهيكل وتُعيد له الكنيسة يوم ٣ كيهك «الموافق ١٣ ديسمبر» وهو اليوم الذى دخلت فيه لتتعبد فى الهيكل في الدار المخصصة للعذارى، وعيد مجيئها إلى مصر ومعها السيد المسيح ويوسف النجار، وتُعيد له الكنيسة يوم ٢٤ بشنس «الموافق يوم ١ يونيو».
ويضيف القس أسطفانوس، أن الكنيسة تحتفل أيضا بعيد نياحة العذراء ويعتبر يوم ٢١ طوبة «الموافق يوم ٢٩ يناير»، وتتذكر فيه الكنيسة أيضًا المعجزات التي تمت في ذلك اليوم، وكان حولها الآباء الرُسل ما عدا القديس توما، الذي كان وقتذاك يبشر في الهند، وأيضًا العيد الشهرى للسيدة العذراء، وهو يوم ٢١ من كل شهر قبطي، تذكارًا لنياحتها في ٢١ طوبة «الموافق يوم ٢٩ يناير»، وعيد صعود جسدها إلى السماء وتُعيد له الكنيسة يوم ١٦ مسرى، الذى يوافق ٢٢ من أغسطس، ويسبقه صوم العذراء «١٥ يومًا»، كذلك يتم الاحتفال بعيد معجزتها «حالة الحديد» ويوافق يوم ٢١ بؤونة «الموافق يوم ٢٨ يونيو»، ونذكر فيه معجزتها فى حل أسر القديس متياس ومن معه بحل الحديد الذى قيدوا به.
ويشير القس أسطفانوس مجدي، إلى احتفال الكنيسة أيضًا بعيد ظهور السيدة العذراء مريم في الزيتون على قباب كنيسة العذراء، وكان ذلك في ٢ أبريل سنة ١٩٦٨، واستمر على مدار عدة سنوات، ويوافق ٢٤ برمهات.
وحول طقوس وعادات الأقباط فى نهضة العذراء خلال فترة الصوم التي تمتد من ٧ أغسطس ولمدة ١٥ يومًا، يقول كاهن كنيسة الشهيد العظيم مارجرجس بسيدي سالم كفر الشيخ، إن الطقوس تتضمن صلوات عشية وكورال لترتيل الترانيم والتماجيد الخاصة بالعذراء في أجواء من الفرح، وبعد ذلك يستمعون إلى العظات والتعاليم المتعلقة بكافة الأمور الروحية إلى جانب استخلاص الفضائل التي عاشت بها السيدة العذراء مريم ومحاولة التشبه بها، فضلًا عن التشفع بها في كافة الأمور.
ونوه القس أسطفانوس بأنه توجد عادات فى أيام صيام العذراء وهى زيارة الكنائس والأديرة التى تحمل اسم السيدة العذراء مريم لنوال البركة من هذه الأماكن المقدسة، حيث يقوم الناس بهذه الزيارات للتأمل والصلاة وتقديم الورود والهدايا كتعبير عن التبجيل والتقدير والمحبة للعذراء مريم.
فيما قال القس بولس حليم، كاهن كنيسة مارجرجس بالقُللى، إن السيدة العذراء مريم لها مكانة خاصة عند السيد المسيح الذي أكرمها وصنع معجزة قانا الجليل حين طلبت ذلك، وعند الصليب أوكل لتلميذه يوحنا أن يهتم بأمرها مُتناسيًا آلامه الرهيبة، وأكرمها أيضًا عند انتقالها من هذا العالم، كما أنه اعتنى بجسدها وأصعده معه إلى السماء.
وأضاف القس بولس حليم، أنه لا توجد امرأة تنبأ عنها الآباء والأنبياء واهتم بها الكتاب المقدس مثل مريم العذراء، ويخبرنا العهد القديم عن رموز عديدة عن العذراء مريم، والعهد الجديد يذكر لنا جانب من سيرتها وتسبحتها وعلاقتها بالسيد المسيح.
وتابع: «أما الكنيسة فقد وضعت مرتبة العذراء مريم فوق مرتبة رؤساء الملائكة، فنقول عنها فى تسابيحها وألحانها (علوت يا مريم فوق الشاروبيم وسموت يا مريم فوق السارافيم)، وأيضًا العذراء مريم لها مكانة خاصة عند الآباء فكرموها بأقوال وعبارات وتماجيد وتسابيح تليق بكرامتها»، لافتًا إلى أن الأقباط يكرمون العذراء مريم إكرامًا شديدًا فهى التي أتت إلى بلادنا مصر أثناء طفولة المسيح، وأقامت فى أرضنا سنوات قدستها خلالها وباركتها، ولذلك نجد أن معظم الأماكن التى باركتها العذراء بنيت بها أديرة وكنائس على اسمها.
بينما يؤكد القمص مكاري القمص تادرس، كاهن مطرانية مارجرجس بشبرا الخيمة، أن ألحان العذراء مريم كثيرة بسبب مكانتها عند الكنيسة، وجميعها تدور حول رومزها مثل المجمرة وحول قداستها الفائقة وكرامتها العظيمة لأنها حملت ابن الله المتجسد وصارت أما له.
ويُشير القمص مكاري، إلى أن الألحان أيضًا تحمل اشارات عقائدية حول طبيعة المسبح الواحدة وخلاص المؤمنين، وعن تاريخ نهضة العذراء، يقول القمص مكاري، إن الآباء الأوائل كانوا يختارون المناسبات الروحية لتجميع المؤمنين للصلاة والتسبيح والتعليم، فمثلًا قيل إن القديس يوحنا ذهبى الفم، كان يجتمع أسبوعيا في مناسبات الصوم الكبير، وأيضًا يذكر التاريخ حضور ومشاركة القديس آثناسيوس في التسبيح بالمناسبات مع المؤمنين.