رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم 30 أغسطس من عام 2006، الأديب العالمي نجيب محفوظ أول أديب عربي حائزعلى جائزة نوبل في الأدب، عميد الرواية العربية، وفيلسوف السرد، الذى ملأ الدنيا بروائعه الخالدة، ووضع الرواية العربية فى مصاف الروايات العالمية، وترك خلفا إرثا ثقافيا وأدبيا، من أروع ما تحتفظ به المكتبة العربية، والأدب العالمي.
ويشير خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، لـ"البوابة نيوز"، إلى أن أدب نجيب محفوظ كان ضمن معايير ترشيح القاهرة التاريخية تراث عالمي عام 1979 وقد جاء ضمن معايير الترشيح أن القاهرة التاريخية اقترنت بالعديد من المصنفات الأدبية التى سجلت مع ملف الترشيح كما فى ثلاثية نجيب محفوظ (قصر الشوق- بين القصرين- السكرية). حيث سجلت روايات محفوظ معالم القاهرة التاريخية، وقد ولد بين عبق التاريخ بحي الجمالية بقاهرة المعز لدين الله الفاطمي في 11 ديسمبر 1911، وحين بلغ سبعة أعوام قامت ثورة 1919 وقد أثرت فى أدبه في رواية بين القصرين أول أجزاء ثلاثيته ثم جمع بين التاريخ والآثار فى روايات كفاح طيبة ورادوبيس ثم انتقل إلى الآثار الإسلامية برواية خان الخليلي. واستخدم محفوظ بين القصرين اسمًا لأحد رواياته، والقصرين هما القصر الشرقى الكبير الذى قام على أنقاضه خان الخليلى، وكان مخصصًا لإقامة الخليفة الفاطمى المعز لدين الله وسكنه بعد ذلك الخلفاء الذين جاءوا بعده، وكان للقصر تسعة أبواب أعظمها باب الذهب وباب البحر وباب العين وباب الزهومة الذى كان مخصصًا لدخول الأطعمة والقصر الغربى الصغير قد حلت محله الآن أعظم آثار دولة المماليك وكان يعرف بقصر البحر.
وأضاف الدكتور ريحان، أن إحدى روايته "خان الخليلى" اسم حى أثرى مهم أطلق على مجموعة من الأبنية القديمة والمتعاقبة عليها فى أزمنة مختلفة، وكونت طرقًا وأزقة بها تجار، ويرجع تاريخ إنشاء هذا الحى إلى القرن الثامن الهجرى، عندما قام الأمير جهاركس الخليلى ببناء خان فى هذا الموقع عام 879هـ / 1474م، وبعد ذلك تحول الموقع إلى سوق للرقيق حتى جاء السلطان الغورى عام 917هـ / 1511م، حيث آلت إليه ملكية الخان فأمر بهدمه وإعادة بنائه لينشئ به حواصل وحوانيت. وما زال الحى حتى الآن يضم الباب العظيم الذى يحوى نقوشًا وكتابات بإنشاء هذا المكان فى عصر الغورى وعلى جانبيه بقايا الواجهات القديمة بكل تفاصيلها،وكان يتردد على مقاهى هذا الخان كبار الشخصيات مثل طلعت حرب الذى كان يجلس على مقهى أحمد افندى وموقعها اليوم الحرم الحسينى وكذلك كان يتردد عليه رجال الفن كما جسّد معالم حى الحسينية الأثرى ذى التاريخ العريق فى السير الشعبية والمعروف بفتواته " فتوات الحسينية"، والذين كان لهم دورًا كبيرًا فى مقاومة الحملة الفرنسية فى ثورة القاهرة الثانية، وكان بالحى أسواق للغلال والخشب والطيور وكان يقام بالحى الكثير من الموالد، مثل مولد سيدى على البيومى ومولد محمد الطوابى وحدود الحى الآن من الشمال السكاكينى وغمرة ومن الجنوب الجمالية وخان الخليلى ومن الشمال الشرقى العباسية ومن الغرب حى الظاهر وباب الشعرية وباب البحر وكلها تضم مواقع أثرية هامة.
ويطالب الدكتور ريحان باستثمار أدب محفوظ ثقافيًا بإعداد ملف لتسجيل مفردات التراث المتربطة به تراث عالمى لا مادى على القائمة التمثيلية لليونسكو، واستثماره سياحيًا بإدخال نمط جديد من السياحة يطلق عليه سياحة الأديب العالمى نجيب محفوظ وعلاقة رواياته بالقاهرة التاريخية وتجسيد معالمها وتشريح مجتمعها فهى علاقة ربط بين الأثر والمجتمع، والتى كانت ضمن معايير التفرد والاستثناء لتسجيلها تراث عالمى باعتبارها نموذجًا لمدينة سكنية متكاملة بكافة وظائفها مثلت تفاعل الإنسان مع بيئته مما خلق تراثًا متميزًا يعبر عن طبقات زمنية متلاحقة فى تناغم شديد.