أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر صباح اليوم /الثلاثاء/، بأن الخلافات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن الميزانيات الوطنية الجديدة البالغة 86 مليار يورو تلقي بظلالها على تمويل أوكرانيا ودعمها في جهودها لصد العمليات العسكرية الروسية.
وذكرت الصحيفة في سياق تقرير، نشرته عبر موقعها الإلكتروني، أن الخلافات الراهنة بين الدول الأعضاء يمكن أن تهدد تدفق الدعم الحربي إلى كييف، وبالفعل توقف بعض التمويل الأوروبي لدعم أوكرانيا بسبب هذه الخلافات، والتي تأججت في ضوء المخاوف بشأن الميزانيات الوطنية المتوترة وارتفاع التكاليف في بروكسل ما يهدد تدفق الدعم المالي إلى كييف.
وأدت طلبات بروكسل للحصول على تمويل إضافي بقيمة 86 مليار يورو، بهدف تخفيف الضغوط على ميزانية الاتحاد الأوروبي مع تأمين أربع سنوات من الدعم لأوكرانيا في الوقت نفسه، إلى انقسام الدول الأعضاء وأدت إلى دعوات لتخفيضات وجدول زمني أطول للموافقة، وفقا لمصادر مطلعة تحدثت إلى الصحيفة بشرط عدم ذكر هويتها.
واعتبرت الصحيفة أن الخلافات الراهنة تمثل اختبارًا رئيسيًا لعزيمة الغرب بشأن أوكرانيا، حيث بدأ المتشككون في الحرب في أوروبا والولايات المتحدة في الإشارة إلى المكاسب المحدودة التي حققها الهجوم المضاد الذي شنته كييف مؤخرًا ضد روسيا. وأضافت أن الجولة الأخيرة من التمويل الأمريكي لأوكرانيا قد تواجه هي الأخرى مسارًا صعبًا عبر الكابيتول هيل وسط تزايد المخاوف بشأن الحرب والنزاعات الأوسع حول الإنفاق الحكومي.
من جانبها، اقترحت بروكسل أحدث حزمة تمويل لأوكرانيا تمتد على مدى أربع سنوات، وذلك جزئيا لعزل كييف عن التقلبات السياسية، فيما سيستأنف وزراء الاتحاد الأوروبي مشاوراتهم في وقت لاحق من اليوم بعد إجازتهم الصيفية، مع وضع دعم أوكرانيا على رأس جدول أعمال اجتماعات وزراء الدفاع والخارجية.
وحتى الآن، تعقدت مفاوضات التمويل بسبب قيام المفوضية الأوروبية بتجميع الدعم المالي لأوكرانيا مع متطلبات إضافية لميزانية الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك مخصصات لتغطية تكاليف فوائد الديون وزيادة رواتب مسئولي الاتحاد الأوروبي. وقالت العديد من الدول الأعضاء إنه على الرغم من أن الدعم المالي الإضافي لأوكرانيا معقول، إلا أن العناصر الأخرى للحزمة هي نتاج لمشكلة داخلية تتعلق بإدارة ميزانية الاتحاد الأوروبي والتي لا تستحق أموالًا إضافية.
وقد قادت دول مثل ألمانيا وهولندا المقاومة، زاعمة أن تقشف الميزانية الوطنية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والمطالبات بالأجور لابد أن ينعكس أيضًا في بروكسل. وقال أحد كبار الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي في تصريح خاص للصحيفة: "التوقيت ليس مناسبًا.. ويتعين على الحكومات أن تتخذ قرارات صعبة بنفسها، والآن تطلب منها بروكسل المساهمة بشكل أكبر". وأضاف: "بصراحة عبارة أن بروكسل تحتاج إلى أموالنا لزيادة رواتب المفوضية بما يتماشى مع التضخم ليست منصة سياسية محلية رائعة يمكن لزعيم وطني أن يتخذها".
ويمهد النزاع -حسبما أفادت "فاينانشيال تايمز"- الطريق لما يُتوقع أن يكون واحدا من أكثر مفاوضات الاتحاد الأوروبي صعوبة في الفترة المتبقية من هذا العام. وفي يونيو الماضي، رصدت المفوضية مبلغ إضافي قدره 66 مليار يورو لميزانية 2021-2027، والتي مولتها الدول الأعضاء. واقترحت بروكسل بشكل منفصل 20 مليار يورو لإمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا.
ويتضمن مبلغ 66 مليار يورو ما يقرب من 19 مليار يورو لتغطية تكاليف الفائدة المرتفعة بشكل غير متوقع على الاقتراض المشترك للاتحاد الأوروبي، وحوالي 2 مليار يورو لزيادة التكاليف الإدارية بما في ذلك زيادات رواتب المسئولين و15 مليار يورو للنفقات المتعلقة بتزايد الهجرة وتمويل البلدان الخارجية و10 مليارات يورو للمبادرات، بما في ذلك صندوق الابتكار الجديد.
وقال مسئولان إن الدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي تناقش حاليًا جوانب زيادة الإطار المالي المتعدد السنوات بهدف التوصل إلى موقف توافقي، مشيرين إلى أنه من المحتمل أن يستمر النقاش حتى نهاية العام. في الوقت نفسه، يُطلب من الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي المساهمة مجتمعة بمبلغ 20 مليار يورو أخرى لصندوق الأسلحة الذي تديره بروكسل والمصمم لضمان الدعم العسكري لأوكرانيا على مدى السنوات الأربع المقبلة وهو ما تسبب في حالة الانقسام الراهنة.
العالم
احتدام الخلافات حول ميزانية الاتحاد الأوروبي تلقي بظلالها على تمويل أوكرانيا
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق