غلب الشيب على ملامح وجهه، صار شعره ناصع البياض، تقدم به العمر كثيرا، إلا أنه لم يفارق كربته التي يحملها على صدره ويتجول بها بين شوارع العاصمة، لبيع العرقسوس ليجني منه قوت يومه ويربي أسرته.
ففي أحد شوارع منطقة السيدة نفسية، لم يستطع العم منصور التجول فاستقر به الحال إلى منطقة خيم عليها الظل بجوار أحد المباني، وبيدأ ينادي بأعلى صوته " يا رب" ليلفت انتباه المارة أنه يبتاع العرقسوس، فتلك هي مهنته منذ أكثر من ثلاثين عامًا، حيث اضطر لترك التعليم من الصف الرابع الابتدائي، والتوجه إلى قاهرة المعز قادمًا من سوهاج، ليواصل العمل في هذه المهنة الشاقة لكي يستطيع أن يزوج شقيقاتها البنات.
يقول الرجل الستيني إنه بدأ العمل منذ الصغر فكان يتجول في الشوارع بداية من رمسيس مرورًا بالعتبة وصولا إلى الأزهر والسيدة نفسية، رحلة يومية شاقة أخذ من عافيته الكثير، إلأ أنها لم تذهب هباءً منثورا، فقد استطاع من خلالها أن يزوج 4 فتيات، ويعلم أبنائه وزوجهم.
لكن ما تخطى من عمر الرجل الستيني في كافة، وما تبقى في كافة ثانية، حيث تكبده الهموم معاناة لا وصف لها، لأنه حتى الآن لا يستطيع الحصول على معاش يصرف من خلاله، وليس لديه أي تأمينات صحية أو اجتماعية، الأمر الذي يؤرقه كثيرًا إذ يقول: "لو تعبت وقعدت في البيت مش هلاقي أكل".