قرر القضاء الفرنسي تحديد موعد الجلسات للنظر في قضية وصفت بأنها فضيحة تمويل نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي الحملة الانتخابية للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وذلك بين السادس من يناير 2025 والعاشر من أبريل 2025، حسبما قال المدعي العام الوطني للقضايا المالية في فرنسا، ويستجوب في القضية نفسها اثنا عشر شخصًا آخر، وينفي ساركوزي التهم الموجهة له.
وقال المدعي العام الوطني للقضايا المالية في فرنسا جان فرانسوا بونير، إن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي سيمثل للمحاكمة بتهم فساد وتلقي تمويل غير قانوني لحملته الانتخابية في الانتخابات الرئاسية عام 2007 التي فاز بها.
وأكد إن ساركوزي سيمثل أمام المحكمة الجنائية على مدى أربعة أشهر بتهم، الفساد السلبي وتشكيل عصابة إجرامية وتمويل غير قانوني للحملة الانتخابية وإخفاء اختلاس أموال عامة ليبية
وأضاف المدعي العام أن الجلسات ستقام مبدئيًا بين السادس من يناير 2025 والعاشر من أبريل 2025.
12 شخصا آخر
في الجزء الرئيسي من هذه القضية المتشعبة، يشتبه القضاء الفرنسي بأن ساركوزي ومقربين منه عقدوا اتفاقًا مع نظام الزعيم الليبي السابق معمر القذافي للحصول على دعم مالي سري خلال الانتخابات الرئاسية التي فاز بها ساركوزي العام 2007.
وسيمثل ساركوزي أمام المحكمة إلى جانب 12 شخصا آخر بينهم ثلاثة وزراء يمينيين من حكوماته هما وزيرا الداخلية المقربان من ساركوزي كلود غيان وبريس أورتوفو فضلا عن إريك ورت أمين صندوق حملته الانتخابية السابق.
وبعد تحقيقات استمرت عشر سنوات، أيد القضاة المكلفون التحقيق، ورأت النيابة العامة المالية الوطنية أن ساركوزي "كان على اطلاع تام" على تصرفات المقربين منه.
ويرد في القضية اسم رجلي أعمال يشتبه في قيامهما بدور الوسيط وهما الفرنسي، اللبناني زياد تقي الدين، الهارب إلى لبنان والذي سيغيب تاليا عن جلسات المحاكمة والفرنسي/ الجزائري، إسكندر الجوهري.
كان تقي الدين قد أكد قبل أن يغير روايته أنه سلم بين نهاية 2006 ومطلع 2007، خمسة ملايين يورو إلى ساركوزي عندما كان وزيرا للداخلية وإلى مدير مكتبه كلود غيان.
وفُتح التحقيق القضائي في أبريل 2013 استنادا إلى اتهامات شخصيات ليبية ظهرت اعتبارا من 2011 وادعاءات لتقي الدين ووثيقة نشرت في الصحيفة الاستقصائية الإلكترونية "ميديابارت" بين دورتي الانتخابات الرئاسية في 2012 التي خسرها ساركوزي، وقد طعن ساركوزي بصحة هذه الوثيقة.
قضايا أخرى
يذكر أن محكمة استئناف في باريس أيدت في 17 مايو 2023 حكما بسجن ساركوزي لثلاث سنوات، اثنتان منها مع وقف التنفيذ، بعد طعنه في حكم صدر في 2021 بإدانته في قضية أخرى تخص الفساد واستغلال النفوذ، وساركوزي أول رئيس فرنسي سابق يحكم عليه بالسجن مع النفاذ.
يضاف إلى ذلك الشكوى التي تقدمت بها جمعية مكافحة الفساد "أنتيكور" في 7 أبريل الماضي ضد ساركوزي وثلاثة آخرين للاشتباه في معاملات فساد متعلقة بمنح قطر تنظيم مونديال 2022.
وذكر موقع ميديا بارت أن قاضيي التحقيق أكدا أن الملف جاهز للمتابعة، وأن الرئيس السابق سيحاكم بناء على تهم تتعلق بالفساد السلبي، وإعادة تدوير الأموال العامة الليبية، والتمويل غير المشروع للحملة الانتخابية.
وكشف انه إلى جانب ساركوزي، سيحاكم 3 من وزرائه السابقين، ويتعلق الأمر بكل من بريس أوغتوفو، وكلود غييان وإريك ووريث، مبرزا أنها المرة الأولى في تاريخ فرنسا التي يحاكم فيها هذا العدد من السياسيين البارزين في ملف واحد بهذه الحساسية.
ووفق الموقع الفرنسي، فإن أساليب عمل المتورطين في مثل هذه الملفات الثقيلة متشابهة، حيث يكون فيها الطموح الرئاسي للقادة السياسيين أصل الداء، ويستخدمون أساليب مختلفة لتحقيق أهدافهم، بينها اجتماعات سرية، وحركة دبلوماسية خفية، وضغوط أجهزة الدولة، وحسابات خارجية وملاذات ضريبية، وحقائب أموال، وذلك كله مقابل سعي النظام الفرنسي لمنح "الاعتراف الدولي" لأنظمة هي في أحسن الأحوال "استبدادية"، وفي أسوئها "دكتاتوريات مروعة"، على حد تعبير الموقع.
وأوضح ميديا بارت أنه في الحالة الليبية تطورت الأوضاع سريعا إلى حرب، بدأها نيكولا ساركوزي عام 2011، وشهدت مقتل معمر القذافي.
تحقيقات وأدلة
يأتي تقديم ملف ساركوزي ومن معه للمحاكمة، بعد سنوات من البحث والتحقيق، وبعد مئات من جلسات الاستماع، وعمليات استرجاع آلاف القطع النقدية من مختلف مناطق العالم، إلى جانب رفع السرية عن مئات الصفحات من الوثائق الدبلوماسية وتقارير الاستخبارات الفرنسية.
ونفى ساركوزي جملة وتفصيلا التهم التي وجهت إليه، بل وتخلى -وفق ميديا بارت- عن بعض أبرز معاونيه عندما اضطر خلال جلسة استماع إلى التصريح بأنه لم يكن يعلم شيئا عن تفاصيل حياتهما الخاصة، مُدينا بعض "الأخطاء" التي ارتكبوها، ولقاءات "غير مفهومة" عقدوها.
القانون الفرنسي
يعاقب القانون جريمة التمويل غير الشرعي للسياسين فى فرنسا وفقا لأخر تعديل لقانون 1339 لسنة 2017 المؤرخ في 15 سبتمبر 2017، والذى تم تعديله من أجل زيادة الثقة في الحياة السياسية، والذى نص أنه لا يجوز لدولة أجنبية أو أفراد وبنوك إقراض أموال لحزب سياسي فرنسي، بالإضافة إلى ذلك، حظر القروض المقدمة من الشخصيات الاعتبارية للأحزاب والمرشحين ، باستثناءالممنوحة من الأحزاب السياسية والبنوك الأوروبية.
ووفقا لهذه المادة لم يعد بإمكان دولة أجنبية أو بنك غير أوروبي إقراض أموال لحزب أو مرشح لتمويل حملته الانتخابية، كما لم يعد بإمكان الدول الأجنبية والكيانات القانونية الأجنبية.
ولضمان الامتثال لهذه القوانين الخاصة بتمويل الحياة السياسية فى فرنسا ، تم تشديد العقوبات الجنائية ورفعها إلى السجن لمدة 3 سنوات وغرامة قدرها 45 ألف يورو لمن يتلقي تمويلا من الخارج .