فى خضم مشهد يجمع بين التأييد والتنديد، تزايدت التحديات في كشفت حقائق بحتة حول الخطة اليابانية المثيرة للجدل لإطلاق المياه الملوثة نوويًا من محطة فوكوشيما دايتشي المتضررة، في المحيط الهادئ، وهو ما حصل على موافقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحظى بدعم بعض الخبراء المختصين فى هذا المجال.
فيما أثار احتجاجات دول مجاورة مثل الصين، وتحذيرات خبراء من أن هذا القرار قد يترك تأثيرات سلبية على البيئة البحرية لواحد من أكبر المحيطات فى العالم، كما يرون أن هذه العملية قد تتسبب فى آثار بيئية مدمرة وتهدد التنوع البيولوجي للبيئة البحرية بشكل مستدام.
أعلنت شركة طوكيو للطاقة الكهربائية يوم الخميس بدءها فى عملية تصريف المياه المعالجة والمخففة من محطة فوكوشيما دايتشى للطاقة النووية إلى المحيط. وجاء ذلك وفقًا لبيان أصدرته الشركة وتم نقله عبر هيئة الإذاعة اليابانية (إن إتش كيه).
وأوضحت الشركة أن المرحلة الأولى من عملية التصريف ستستمر لمدة ١٧ يومًا، حيث ستقوم بتصريف حوالى ٧٨٠٠ طن من المياه المعالجة والمخففة باستخدام مياه البحر.
كما أعلنت الشركة عن خطط لتصريف أكثر من ٣١ ألف طن من هذه المياه خلال العام المالى الحالي، ما يعادل حوالي ٣٠ خزانًا. ومن المتوقع أن تستغرق العملية الكاملة لتصريف المياه حوالى ٣٠ عامًا على الأقل حتى تكتمل بالكامل.
وتعليقا على الحدث نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرًا طرحت خلاله نقاشا حول ما إذا كان من الآمن إطلاق المياه من محطة فوكوشيما النووية، وقالت خلال التقرير إن العلماء الذين يدعمون الضوء الأخضر للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أكدوا أن المنشآت فى جميع أنحاء العالم نفذت مثل هذه الإطلاقات، والتى تقع ضمن المعايير التنظيمية.
التأثير المحتمل بين التأييد والرفض
وخلصت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن خطة "التصريف التدريجي والمراقب للمياه المعالجة إلى البحر" سيكون لها "تأثير إشعاعي ضئيل" على الناس والبيئة من خطة ضخ ١.٣ مليون طن من المياه المعالجة فى البحر. على مدى السنوات الثلاثين المقبلة.
وقال جيم سميث، أستاذ العلوم البيئية بجامعة بورتسموث فى المملكة المتحدة: "فى أى موقع نووى آخر فى العالم، سيعتبر هذا إطلاقًا "روتينيًا" لمياه الصرف الصحى المعالجة بمستويات منخفضة جدًا من النشاط الإشعاعي".
يقابل ذلك تحذيرًا من علماء آخرين، بما فى ذلك لجنة استشارتها ١٨ دولة من جزر المحيط الهادئ، من أنهم لم يروا معلومات كافية لدعم سلامة الإصدار، مضيفين أن التأثير المحتمل على المحيط لم يتم فحصه بشكل كامل.
ووصف جاك لوتشارد، النائب السابق لرئيس اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع، وهى هيئة استشارية مستقلة، نظام تصريف المياه فى اليابان بأنه "فعال للغاية"، ومع ذلك، أضاف أنه "لم تكن هناك أى مشاورات حقيقية مع السكان المحليين" - وهى مشكلة قال إن الوقت لم يفت بعد لمعالجتها.
وقال بوب ريتشموند، أستاذ الأبحاث فى جامعة هاواى فى مانوا ومدير مختبر كيوالو البحري، إن التلوث الناجم عن النويدات المشعة فى مياه الصرف الصحى يمكن أن ينتقل من قاع الشبكة الغذائية عبر كائنات صغيرة مثل العوالق النباتية إلى الكائنات الأكبر حجمًا، مثل التونة.
وأضاف أن هذه النويدات المشعة تتراكم بمرور الوقت، وتصل فى النهاية إلى مستويات عالية بما يكفى لتدمير الحمض النووى والحمض النووى الريبوزى (RNA) فى الخلايا إذا تم تناولها من خلال المأكولات البحرية، مثل المحار والكركند. وأن ذلك قد يثير مخاوف بشأن الإصابة بالسرطان على المدى الطويل.
ومن جانبها تشدد الصين على أنه "لا ينبغى الموافقة على خطة تفرض مخاطر على الحياة البحرية وصحة الإنسان"، كما قال المتحدث باسم الخارجية الصينية، وانج ون بين، إنه "من المخالف للعلم أن نساوى بين المياه الملوثة نوويا، من محطة فوكوشيما، مع مياه صرف المحطات النووية التى تعمل بشكل طبيعي".
فى هذا السياق، يعارض الرئيس التنفيذى لهونج كونج جون لى بشدة تصريف المياه العادمة من محطة فوكوشيما للطاقة، كما أعلنت البلاد فرض قيود على واردات بعض المنتجات الغذائية اليابانية.
بدورها؛ تعارض أبرز منظمة علمية رئيسية خارج آسيا إطلاق سراح عملية تصريف مياه فوكوشيما فى المحيط وتتمسك بورقة موقف أصدرتها فى ديسمبر الماضى وجاء فيها: “إن البيانات الداعمة التى قدمتها اليابان غير كافية وفى بعض الحالات غير صحيحة، مع وجود أخطاء فى بروتوكولات الأخذ عينات وتحليلات الإحصاءات والافتراضات، مما يؤدى بدوره إلى وجود عيوب فى استنتاج السلامة ويعرقل التقييم الأكثر دقة للنهج البديل الأفضل للتخلص.