تحتفي الكنيسة الكاثوليكية اليوم بذكرى القديس لويس التاسع ملك فرنسا.
ولد لويس في 20 أبريل عام 1214 في بويسي بالقرب من باريس بفرنسا. وكان والده الملك لويس الثامن وأمه الملكة بلانش، وهي إسبانية الأصل. وقد نشأ نشأة دينية منذ صغره بفضل توجيهات والدته. توفي ملك فرنسا لويس الثامن فجأة عام 1226 بعد حكم دام ثلاث سنوات، فتّوج ابنه الصغير لويس التاسع ملكًا على فرنسا تحت وصاية والدته، وكان عمره آنذاك اثني عشر عامًا.
وقد امتاز عهده بإصلاحات متعددة في النواحي الإدارية والقضائية والمالية، إذ طور النظم القديمة التي كانت سائدة. وتعهد بنشر الإنجيل في مملكته. تزوج ورزق أحد عشر ابنًا رباهم تربية مسيحية فاضلة. كان في حياته مثالاً للمؤمن العلماني الملتزم بمبادئ الإنجيل. امتاز بروح التواضع والوداعة. كان مواظبًا على الصلاة ومساعدة المحتاجين، لذلك يعدّ لويس التاسع من ملوك فرنسا العظام.
اشتهر لويس التاسع ملك فرنسا بحبه لمريم العذراء وتكريمه لها. كما كان يطلب حمايتها كلما اضطربت حبال السكينة في بلاده. واقتداء بابنها الإلهي وحبًا بتكريمها اعتاد أن يحشد كل يوم سبت، وهو اليوم المخصص لإكرام البتول مريم، جمهورًا من الفقراء والبائسين في قصره، حيث كان يقيم لهم مأدبة عامرة يقف فيها خادمًا، خدمة أولته تعزية وسرورًا.
قام الملك لويس التاسع بقيادة الحملة الصليبية المشهورة، المعروفة بالحملة السابعة بهدف استرداد بيت المقدس، وبعد ثلاث سنوات من الاستعداد للحملة، أبحر الملك الفرنسي إلى الشرق سنة 1248، قاصدًا مصر (بالرغم من معارضة والدته ونصح وزرائه) وذلك بعد أن اقتنع الصليبيون بأن مصر هي المفتاح المؤدي إلى بيت المقدس. وقد اصطحب معه زوجته وأخويه، فضلاً عن عدد آخر من كبار الأمراء الفرنسيين وصغارهم، وكانت نتيجة تلك الحملة الفشل، كما وقع أسيرًا في معركة المنصورة، ولم يطلق سراحه إلا بعد دفع فدية ضخمة.
جمع لويس التاسع بين صفات الملك العادل والقائد الناجح والقديس التقي، فامتاز عهده بالسلام الشامل، وبالتقدم الحضاري الكبير في ميادين العلوم والفنون. وبعد عودة لويس التاسع إلى فرنسا، انشغل في إصلاحاته الداخلية، وفي أواخر أيامه أخذ يفكر في القيام بحملة صليبية جديدة، وكانت وجهته شمالي إفريقيا هذه المرة، وما إن أرسى أسطوله على شواطئ تونس، في وقت من أسوأ فصول السنة، وكان لويس قد بلغ سنًا لا تمكنه من ركوب المخاطر.
تنيح الملك لويس التاسع في تونس في يوم 25اغسطس عام 1270، وخلفه في الحكم ابنه الملك فيليب الثالث. ويُقال أن الملك لويس توفى بسبب إصابته بمرض الطاعون الذي كان منتشرًا في هذا الوقت. وقام البابا يونيفاس الثامن بإعلان قداسة الملك لويس عام 1297 فهو الملك الوحيد في تاريخ فرنسا الذي يأخذ لقب "قديس". وهو شفيع الرهبنة الفرنسيسكانية الثالثة العلمانية.