على هامش "لقاء الصداقة بين الشعوب" والذي تنظمه سنوياً في مدينة ريميني الإيطالية حركة "شركة وتحرر" أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع الراهبة الإيطالية مارتا لويزا فانياني والتي تخدم في مدينة حمص السورية، معتبرة أن الأوضاع غير المستقرة والراهنة على الصعيد العالمي حدّت من اهتمام الجماعة الدولية حيال سورية، مؤكدة أن الكنيسة حاضرة في البلاد منذ زمن بعيد وهي تنشط في مجال الحوار مع المسلمين، ولافتة إلى أن التطرف يُغذى من الخارج.
في حديثها لموقعنا الإلكتروني حاولت الراهبة الإيطالية أن تقدّم صورة عن بلد أنهكته العقوبات والحرب وما يزال يعاني لغاية اليوم من نتائج الهزة الأرضية التي ضربت مناطقه الشمالية في السادس من شباط فبراير الماضي. الأخت فانياني، التي تنتمي إلى رهبنة الـ"ترابيست"، جاءت من حمص خصيصاً للمشاركة في لقاء الصداقة بين الشعوب في ريميني. وشاءت أن تُطلق نداء إلى الغرب مطالبة إياه بعدم نسيان سورية.
ولفتت إلى أن العقوبات الدولية تُلقي بثقلها على السكان، في وقت تشير فيه الإحصاءات إلى أن تسعة مواطنين سوريين من أصل عشرة يعيشون في حالة من الفقر. وأكدت في هذا السياق أن الكنيسة حاضرة في البلد العربي وهي تساعد الجميع ولا تميّز بين مسيحي ومسلم.
في معرض حديثها عن الأوضاع الراهنة اليوم في سورية تحدثت الراهبة الإيطالية عن تظاهرات تشهدها مناطق عدة في جنوب البلاد احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، في بلد يمر بأسوأ أزمة مالية في تاريخه وفقاً للخبراء: أزمة زادت من تفاقمها نتائج الحرب الدائرة في سورية منذ اثنتي عشرة سنة، فضلا عن العقوبات الغربية وانهيار النظام المصرفي في لبنان المجاور. وقد تحدثت وسائل إعلام إقليمية عن تظاهرات احتجاجية يشارك فيها مئات الأشخاص في مدينتي السويداء ودرعا.
في غضون ذلك تستمر العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الروسية، حليفة النظام السوري، في بعض المناطق التي ما تزال خاضعة لسيطرة الجهاديين. وغالباً ما يدفع المدنيون ثمن هذه الهجمات. الأخت فانياني ألقت كلمة أمام المشاركين في لقاء ريميني وأكدت أنه ينبغي ألا ننسى أن سورية تشهد حرباً منذ أكثر من إحدى عشر سنة ولدت الكثير من الدمار. وجاءت بعدها الهزة الأرضية في السادس من شباط فبراير الماضي، وفي بعض المناطق السورية تفشى داء الكوليرا.
وقالت إن كل تلك الأزمات جاءت لتزيد الطين بلة، كما أن الوضع الراهن على الصعيد العالمي لم يساهم في حل المشاكل، ومع ذلك تمكنت الجماعات السورية من الصمود والبقاء على قيد الحياة بفضل سخاء العديد من الأشخاص والمساعدات التي جاءت من خارج البلاد.
واعتبرت الراهبة الإيطالية أن هذا الأمر ليس كافياً إذ إن انعدام الاستقرار على الصعيد العالمي حد من اهتمام الجماعة الدولية حيال سورية، ولم تعد وسائل الإعلام تتطرق إلى الأوضاع في هذا البلد. وشددت أيضا على ضرورة ألا ننسى الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في الرابع من آب أغسطس ٢٠٢٠، والذي زاد من عزلة سورية.
لم تخل كلمات الأخت فانياني من الحديث عن أوضاع الجماعات المسيحية، وقال إن المسيحيين هم أقلية صغيرة في سورية لافتة إلى أن الصعوبات الراهنة في هذا البلد شجعت الكثير من أبنائه المسيحيين على الهجرة. مع ذلك أكدت أن الجماعة الكاثوليكية في حمص تبقى حية وناشطة. وأشارت إلى أن العلاقات بين المسيحيين والمسلمين جيدة، كما كانت دائماً منذ البدء، مضيفة أن راهبات الـ"ترابيست" موجودات في سورية منذ العام ٢٠٠٥ ومنذ ذلك التاريخ أقمن حواراً رائقاً مع باقي السكان المسلمين.
ولفتت إلى أنه في سورية لا تُقام نقاشات لاهوتية عميقة إذ يكتفي الناس بالعيش المشترك. وقالت: مما لا شك فيه أن الحرب فاقمت الجراح وثمة العديد من الأطفال الذين وُلدوا وكبروا في ظل الحرب وشاهدوا الأعمال الوحشية، لكن العيش المشترك يبقى ممكنا.
ختمت الراهبة الإيطالية مارتا لويزا فانياني حديثها لموقع فاتيكان نيوز الإلكتروني، على هامش لقاء الصداقة بين الشعوب في ريميني، متطرقة إلى الأصولية والتطرف وقالت إن الأصولية وجدت تربة خصبة لها في بعض المناطق السورية، لاسيما تلك النائية، لافتة إلى أن هذه الظاهرة حظيت بدعم من الخارج، وتم استخدمها كأداة. وذكرت في هذا السياق بأن سورية لم تكن قط دولة أصولية ومتطرفة، ولا شك أن السوريين يريدون أن يعيشوا كمواطنين في دولة لا تعرف التطرف ولا الأصولية.