ارتفعت أسعار الذهب العالمي للجلسة الثالثة على التوالي ليبتعد أكثر عن أدنى مستوياته في 5 أشهر، وذلك بعد أن شهدت عوائد السندات الحكومية الأمريكية بعض التراجع الذي سمح للذهب بالتقاط الأنفاس هذا الأسبوع، وذلك على الرغم من تمسك الدولار الأمريكي بتحقيق المكاسب.
سجلت أسعار الذهب الفورية ارتفاع خلال تداولات اليوم الأربعاء بنسبة 0.4% لتتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1903 دولارات للأونصة، وذلك بعد ارتفاع لثلاث جلسات متتالية دفع أسعار الذهب إلى الابتعاد عن أدنى مستوى في 5 أشهر سجله بداية هذا الأسبوع عند 1884 دولارا للأونصة.
منذ بداية الأسبوع وحتى الآن استطاعت أسعار الذهب الارتفاع بنسبة 0.8% وذلك بعد هبوط استمر لأربع أسابيع متتالية، والآن يحاول الذهب التماسك فوق المستوى 1900 دولار للأونصة مستغلا بعض التراجع في أسواق السندات.
التصحيح الإيجابي استمر في مستويات الذهب منذ بداية الأسبوع على الرغم من بعض البيانات الإيجابية التي صدرت عن الاقتصاد الأمريكي، والجدير بالذكر أن تعافي الذهب جاء على الرغم من استمرار الدولار في الارتفاع مقابل العملات الرئيسية.
مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الفيدرالية مقابل سلة من 6 عملات رئيسية ارتفع اليوم بنسبة 0.2% وسجل أعلى مستوى منذ 10 أسابيع في طريقه إلى تسجيل ارتفاع للأسبوع السادس على التوالي.
عضو الاحتياطي الفيدرالي توماس باركين صرح يوم أمس أن البنك الفيدرالي يجب أن يكون منفتحًا على احتمال أن يبدأ الاقتصاد في التسارع بدلاً من التباطؤ، مع ما يترتب على ذلك من آثار محتملة على معركة التضخم.
تصريح باركن ساعد الدولار أن يستكمل ارتفاعه بعد التباطؤ الذي أظهره بدايات جلسة الأمس، لأن التصريح ساعد على ترسيخ حقيقة أن الفيدرالي سيستمر في سياسته النقدية المتشددة لفترة أطول من الوقت، سواء لجأ البنك إلى رفع جديد في أسعار الفائدة أو استقرت عند مستويات العالمية الأعلى منذ أكثر من 20 عاما.
في المقابل شاهدنا تراجع في عوائد السندات الحكومية الأمريكية خلال جلستي الأمس واليوم، فيما يبدو أنه استعداد لاستقبال حديث رئيس الفيدرالي الأمريكي جيروم باول يوم الجمعة القادمة، خاصة أن عوائد السندات قد سجلت مستويات قياسية مطلع هذا الأسبوع.
العائد على السندات لأجل 10 سنوات انخفض خلال جلسة اليوم بنسبة 1.5% وذلك بعد أن سجل العائد يوم أمس أعلى مستوى منذ 15 عاما عند 4.362%، بينما يتداول العائد على السندات لأجل 3 أشهر بالقرب من أعلى مستوياته منذ عام 2000 عند 5.483%.
التراجع خلال جلسة اليوم في عوائد السندات ساعد الذهب على اجتذاب المزيد من الاستثمارات بسبب تراجع تكلفة الفرصة البديلة بعد تراجع العوائد، منذ كون الذهب لا يقدم عائد لحائزيه.
بينما نجد أن ارتفاع الدولار الأمريكي قد عمل على الحد من مكاسب الذهب بعض الشيء بسبب العلاقة العكسية التي تربط بين الذهب والدولار، ولكن المستويات المتدنية التي سجلها الذهب من المحتمل أن تجتذب المزيد من عمليات الشراء خاصة بعد التشبع الأخير في البيع بشكل كبير.
هل يغير خطاب جيروم باول من قواعد اللعبة
وترى جولد بيليون أن خطاب رئيس البنك الفيدرالي جيروم باول في ندوة جاكسون هول يوم الجمعة القادمة يعد هو محور اهتمام الأسواق هذا الأسبوع، وأن التحركات التي نراها منذ بداية الأسبوع وحتى الآن ما هي إلا تعديل مراكز وتعديل مؤشرات فنية قبل الحركة الرئيسية التي ستنتج عن تصريحات رئيس الفيدرالي.
في ندوة جاكسون هول من العام الماضي 2022 جاء خطاب جيروم باول لمدة عشر دقائق ليتسبب بعدها في دفع الذهب إلى المزيد من الانهيار والتراجع ويدفع الدولار في المقابل إلى مستويات قياسية.
الخطاب الماضي لباول أشار خلاله إلى المعاناة التي ستتحملها الأسر والقطاع العائلي كنتيجة للسياسات التشديدية التي سينتهجها الفيدرالي لمحاربة التضخم، وأشار إلى التركيز الكامل للبنك على محاربة التضخم وإعادة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية.
أما اجتماع هذا الأسبوع فيشهد معطيات مختلفة فقد تراجع التضخم من ذروته عند 9.1% في يونيو 2022 ليصل إلى 3.2% في يوليو 2023، ومن غير المرجح أن يأتي خطاب باول حاد وقاسي هذه المرة على الأسواق، إلا أن الوصول بالتضخم إلى 2% سيظل هدف واضح للبنك الفيدرالي.
من غير المتوقع أن يدلي باول بتصريحات تغير قواعد اللعبة على شاكلة انتهاء سياسة التشديد النقدي، ولكن من المرجح ان يشير إلى ما انجزه البنك من نتائج خفض معدلات التضخم ولا يزال هناك المزيد لبذله.
أيضاً من غير المحتمل أن يشير باول صراحة إلى خطوة البنك القادمة سواء لتثبيت الفائدة أو رفعها، وبالرغم من ذلك فإن الأسواق تسعر احتمال بنسبة 85% أن يبقي الفيدرالي على الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه في سبتمبر القادم.
خطاب جاكسون هول سيؤثر على تحركات الذهب والدولار ولكن بشكل معتدل إلى حد ما، لأنه من غير المتوقع أن يعلن عن تغيير جذري في مخططات البنك بشأن التضخم والسياسة النقدية.