تنقلت العائلة المقدسة على مدار ثلاث أعوام ونصف في رحلتهم إلى مصر بمناطق ونقاط عديدة؛ فبدأت رحلتهم بأرض الفيروز "سيناء" مروراً بمناطق الدلتا ووادي النيل حتى ربوع الصعيد؛ وكانت الرحلة هرباً من هيرودث الملك؛ فيذكر إنجيل متى "قُمْ وَاهْرُبْ بِالصَّبِيِّ وَأُمِّهِ إِلَى مِصْرَ، وَابْقَ فِيهَا إِلَى أَنْ آمُرَكَ بِالرُّجُوعِ، فَإِنَّ هِيرُودُسَ سَيَبْحَثُ عَنِ الصَّبِيِّ لِيَقْتُلَهُ".
وحرصت "البوابة نيوز" على أن تسلط الضوء على شجرة مريم احدى أشهر المعالم الدينية التي تُخلد ذكرى مجيء العائلة المقدسة إلى مصر حيث استظلت العائلة المقدسة هناك منذ ألفي عام تحت شجرة في مدينة المطرية "هليوبوليس قديماً"، والتي عُرفت بشجرة مريم فيما بعد، وأصبحت بعد ذلك مزاراً دينياً وثقافي شهير، وأقيمت بجوارها كنيسة تحمل اسم الشجرة، حيث يأتي إليها الكثير من الزوار والحجاج من مختلف أنحاء العالم؛ ليتبركون منها.
ويقول موقع وزارة السياحة والأثارة عن تلك الشجرة أن شجرة العذراء مريم الاصلية التي استراحت عندها العائلة المقدسة قد أدركها الوهن والضعف وسقطت عام 1656 م، فقام جماعة من الكهنة بأخذ فرع من فروع هذه الشجرة وقاموا بزرعها بالكنيسة المجاورة لمنطقة الشجرة والمسماة بكنيسة الشجرة مريم ونمت الشجرة وتفرعت، ومنذ فترة قريبة تم أخذ فرع من هذه الشجرة، وتم زرعها ملاصقة للشجرة الأصلية العتيقة وهي عامرة بالأوراق وثمار الجميز الآن ويذكر أن الناس يذهبون إلى هذه الشجرة ليستبركون بها، وهناك اعتقاد من بعض المسيحين أن هذه الشجرة تجعل النساء حوامل ممن هم لا يستطيعون الحمل.
شجرة مريم تشهد الحملة الفرنسية
وتابع الموقع بذكر واقعة تاريخية حيث قال أنه كان هناك مجموعة من الجنود الفرنسيين، كانوا قد عرجوا إلى الشجرة في عام 1800، وحفروا أسمائهم على فروع شجرة مريم بأسنة سيوفهم خلال معركة عين شمس بين الجنود الأتراك وكليبر قائد الحملة الفرنسية، ولا تزال أسماؤهم محفورة على الشجرة حتى الآن.
وبجوار شجرة مريم بئر روماني، يعتقد أن العائلة المقدسة قد شربت منه أثناء اقامتهم في منطقة المطرية، حيث غسلت السيدة العذراء ملابس السيد المسيح، نثرت من مائه على الأرض، فنبت في تلك البقعة نبات عطري ذو رائحة جميلة وهو المعروف بنبات البلسم او البلسان، والذي أنواع أخرى من العطور، ويصنع منها الميرون المستخدم في الطقوس الدينية.
وحازت شجرة مريم على اهتمام الكثير من مؤرخي العصور الوسطى؛ فكان أبرزهم المقريزي والإمام الأسيوطي، فضلاً عن عدد من الرحالة مثل أوجيني إمبراطورة فرنسا، وستانلي لين المستشرق الإنجليزي.
ويقول "المقريزى" الذي عاش في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، أن العائلة المقدسة حطت بالقرب من عين شمس ناحية المطرية، وهناك استراحات بجوار عين ماء، وغسلت السيدة مريم فيها ثياب السيد المسيح، وصبت غسالة الماء في تلك الأراضي.
تطوير مزار شجرة مريم العذراء
وحرصت محافظة القاهرة ووزارة السياحة والآثار، العام الماضي على ترميم الشجرة، وعمل أسوار حديثة حول المنطقة، واستكمال أعمال تشغيل شلالات المياه الموجودة عند فوهة البئر المجاورة للشجرة، كمنظر جمالي للمنطقة، وتضمنت أعمال التطوير أيضاً خدمات رفع المياه، بالإضافة إلى تجهيز منطقة الكافيتريات، وتطوير نظم الإضاءة والتأمين بالمنطقة الأثرية، ورفع كفاءة الحديقة العامة، وتجهيز مركز للزوار وإقامة قاعتي عرض دائم بالمنطقة، لتعريف الزائرين بتاريخ رحلة العائلة المقدسة في مصر، وتاريخ شجرة مريم من خلال عرض أفلام تسجيلية ووثائقية.
وقامت الوزارة أيضاً بطلاء وتجميل العقارات المجاورة لمنطقة شجرة مريم؛ لتليق بصورة مصر، خاصة أن هذه النقطة من نقاط مسار العائلة المقدسة المهمة في القاهرة، والتي من المنتظر أن تشهد إقبال عدد كبير من السائحين والزائرين عليها.
العودة للأراضي المقدسة
ويذكر ظلت العائلة المقدسة في مصر إلي أن ظهر ملاك مرسل من الله ليوسف النجار يخبره أنه قد مات هيرودث الملك وانه يجب عليه العودة، "قُمِ ارْجِعْ بِالصَّبِيِّ وَأُمِّهِ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، فَقَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَسْعَوْنَ إِلَى قَتْلِهِ" متى (20:2) وخاضت العائلة المقدسة رحلة العودة إلي الناصرة " مدينة تبعد عن القدس بـ 105 كم"، وطلب منها بعد أن اكتملت بشارة السيد المسيح، أن تكمل حياتها مع يوحنا بن زبدي "يوحنا الإنجيلي".!