لغز اختفاء الأفلام القبطية.. هل ستعود إلى سابق عهدها؟
«البوابة» تفتح ملف الأفلام القبطية.. وتضع خطوات للعودة من جديد
صناع الأفلام القبطية: العودة مرهونة بتضافر جهود الأديرة والكنائس مع المنتجين
إيهاب صبحي: أنا ابن هذه التجربة.. وكنا نستعين بالنجوم الكبار للاستفادة من شهرتهم
فريد النقراشي: المنتج يتعرض لخسائر فادحة.. والأمل فى وجود منتجين لا يهدفون للربح
شهيرة فؤاد: الأزمة تكمن فى عدم وجود ورق مكتوب.. والتكلفة العالية
استيفان منير: حينما تتوفر الإمكانيات المادية والتقنيات الكبيرة يمكن تجميع كل العناصر المتبقية
وجيه شفيق: السر الوحيد وراء الاختفاء هو ظهور القنوات الفضائية الكثيرة
فى الوقت الذي ازداد فيه عدد القنوات التليفزيونية المسيحية قلت معه عملية إنتاج الأفلام القبطية التى تستعرض حياة القديسين والرموز المسيحية عبر الأجيال المختلفة، هذه الندرة فى العملية الإنتاجية من المؤكد أن لها أسبابا عديدة جعلت صناع هذه الأعمال يبتعدون شيئا فشيئا عن هذا المجال.
«البوابة» تفتح هذا الملف لترصد أسباب قلة الأفلام القبطية فى الآونة الأخيرة، وكيفية إيجاد حلول مناسبة لعودة الانتعاشة الإنتاجية التى شهدتها عدة فترات، وكانت تصل فى بعض الأحيان إلى إنتاج 10 أفلام قبطية فى السنة الواحدة.
على مائدة الحوار جلس عدد من رموز هذه الأفلام عبر السنوات الماضية، ومنهم الفنان والإعلامي إيهاب صبحى، والفنان فريد النقراشى، والفنانة شهيرة فؤاد والفنان استيفان منير، وصاحب ومدير دار أنطون وجيه شفيق، الذين أجمعوا على أن العملية الإنتاجية أصبحت تكلف مبالغ ضخمة وفى المقابل العائد المادى من هذه الأعمال لا يكفي مطلقا لاستعادة ما تم إنفاقه، وأن الحل يكمن فى تدخل بعض الأديرة والكنائس لإعادة إنتاج أفلام قبطية بالكم الذي كان عليه سابقا.
كما أكدوا أن المسرح الكنسى لن يستطيع تعويض اختفاء الأفلام القبطية، وأن الحل يكمن فى تضافر جهود العديد من الأديرة والكنائس حتى يعود إنتاج الأفلام القبطية إلى سابق عهده.
فى البداية، أكد الفنان والإعلامي إيهاب صبحي، أن تجربته مع الأفلام الدينية هى حياته كلها، حيث كانت بدايته من خلال فيلم «القديس مارى مينا»، وأيضا فيلم «الأنبا إبرام» سنة ١٩٨٦، وكان يشعر دائما بأنه ابن هذه التجربة وأنه ليس مثل الفنانين الكبار ومنهم سناء جميل ويوسف داود وجورچ سيدهم، حيث كانوا نجوما كبار فى وقتها وتمت الاستعانة بهم فى بعض الأفلام كوسيلة جذب للجمهور بسبب شهرتهم وأدائهم المتميز.
كنا نشارك فى 10 أفلام سنويًا.. والآن من الصعب تقديم فيلم واحد كل 5 سنوات
وعن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى قلة الأفلام القبطية فى الآونة الأخيرة، قال إيهاب إنه يذكر فى عام ١٩٩٨ أنه شارك فى بطولة ١٠ أفلام فى السنة الواحدة، أما فى عصرنا هذا من الممكن أن نرى فيلما واحدا كل ٥ سنين، وهذا يعد بالتأكيد مقارنة ضعيفة وظالمة جدا، مشيرا إلى أن السبب فى ذلك هو رفع الأفلام على الإنترنت مجانا، والنتيجة فى ذلك لا يوجد أى ربح يعود على الجهة المنتجة، أو حتى تستعيد ما تم صرفه من ميزانية على إنتاج هذا العمل.
وعن الحلول، قال صبحى، إنه يجب على الأديرة والكنائس والقائمين على إنتاج مثل هذه الأفلام العمل على الهدف الروحى فقط وليس الربح، وظهر ذلك فى آخر فيلم من أعماله وهو فيلم القديس «أبو نوفر السائح»، وهذا العمل من إنتاج دير الأمير تادرس، وتم رصد ميزانية جيدة لهذا الفيلم، حيث كانت رغبتهم تحقيق الهدف الروحى وتصوير السيرة الذاتية بشكل صحيح وليست رغبتهم فى تحقيق الربح.
وعن أقرب أفلامه لقلبه، قال صبحى إن فيلم «تاج السريان» عن ساويرس الأنطاكى وهو يتحدث عن العقيدة القبطية، هو الأقرب له، حيث يكاد أن يكون الفيلم الوحيد الذى يتحدث عن العقيدة بشكل كبير وهو محبب عند الناس.
وردا على سؤال هل من الممكن أن يعوض المسرح الكنسى أزمة عدم وجود أو قلة الأفلام فى هذه الفترة، قال صبحى بالتأكيد لا، لأن العمل السينمائى يختلف عن الألوان الفنية الأخرى، فكل شىء منفرد ومخصص لذاته، ولكن الميزة التى حدثت هنا هى وجود أعمال مسرحية بدل الأفلام، وظهور فنانين معروفين الآن، لذلك أنا أرحب بوجود العديد من العروض المسرحية فى الكنيسة وانتشارها بشكل كبير، هذا يؤدى بالتأكيد إلى ظهور مواهب محترفين وناس جديدة، وفى النهاية التجربة مهمة جدا لكل من يريد الالتحاق بها، لكن يبقى للأفلام القبطية رونقها وروعتها وأتمنى عودة الإنتاج إلى سابق عهده.
من جانبه قال الفنان فريد النقراشي، إن السبب فى قلة الأفلام القبطية يعود إلى التكلفة الكبيرة التى يتم رصدها لعمل فيلم متكامل، وحاليا لا يوجد استثمار فى هذا المجال بعكس ما كان يحدث سابقا، حيث كان يتم إنتاج هذه الأفلام على هيئة شرائط فيديو وسيديهات يتم بيعها، وبالتالى يستعيد المنتج ما صرفه.
وأضاف النقراشى، أن الوقت الحالى أصبح الإنترنت يعرض مثل هذه الأفلام مجانا وفور صدورها، وهذا يعرض الجهة الإنتاجية لخسائر فادحة، ولو حدث وقامت القنوات المسيحية بشراء هذه الأفلام يكون المقابل المادى ضعيف جدا، وفى بعض الأحيان مجانا، مشيرا إلى أنه لا يوجد، حاليا، منتج أو شركة تقوم برصد ميزانية لفيلم يتكلف ملايين ضخمة خاصة بعد ارتفاع الدولار، إلا إذا كان هناك جهة أو كنيسة أو دير يقوم بعمل قصة لقديس باسم كنيستهم رغبة منهم فى تعريف الناس بهذا القديس وهذا يكون بدون مقابل، وعدم انتظار ربح من الفيلم نفسه، وهذا عكس ما كان يحدث فى الماضي، حيث كان هناك إنتاج حقيقى وشركات وناس تعمل فى هذا المجال.
اكتسبت من تجربة الأفلام الدينية خبرات كثيرة
وعن تجربته مع الأفلام القبطية، قال النقراشى، إنها تجربة مفيدة جدا على مستويين، أولا على المستوى المهنى والمهاري، حيث اكتسب من خلالها خبرات كثيرة، وعلى المستوى التانى حب الناس، فقد منحته مساحات كبيرة فى قلوب الناس، وهذا فضل عظيم من الله ونعمة، والسبب الحقيقى فيها أفلام الدراما المسيحية.
وعن أقرب فيلم لقلبه، قال النقراشى إن فيلم «العابد» هو الأقرب لقلبه من بين الأعمال التى قدمها، وذلك بالرغم من عدم عرضه حتى الآن، وهذا العمل عن قصة حياة أبونا بولس العابد، مشيرا إلى أنه يتمنى من الله أن يكتب له النجاح والقبول عند الناس مثل أفلامه السابقة وخاصة فيلم أبونا فلتاؤس.
وعن إمكانية أن يعوض المسرح الكنسى غياب الأفلام القبطية فى هذه الفترة، قال النقراشى إنه يرى أن المسرح لا يمكن أن يعوض غياب الدراما التليفزيونية، فهذا مجال وذلك مجال آخر، ولا يمكن أن يحل أحدهما بديلا للثانى، لأن لكل منهما جمهوره الخاص.
أما الفنانة والإعلامية شهيرة فؤاد، فقالت إن سبب قلة الأفلام القبطية من وجهة نظرها يعود إلى عدم وجود ورق مكتوب بصورة أفضل أو بمعنى آخر الكتابة خارج الصندوق، وأيضا الإنتاج أصبح قليلا للغاية، فالمنتج يريد الربح بسبب ذلك لا يوجد رأس مال، ولكن لو وجدت السيناريوهات المكتوبة بشكل مميز وصحيح ورأس مال كافٍ ذلك يساعد على عمل العديد من الأفلام الكبيرة التى تساعد الشعب على معرفة سير القديسين.
المسرح الكنسي يمنح الفرصة لظهور مواهب جديدة.. ولكنه لن يغني عن الفيلم الديني
وعن تجربتها الثرية مع الأفلام القبطية قالت شهيرة، إنها تجربة رائعة، قدمت فيها أشياء كثيرة وساهمت من خلالها فى ظهور شخصيات هؤلاء القديسين لمعرفة الجمهور بمسيرتهم، وأيضا يوجد أدوار قامت بتجسيدها لمساعدة بعض الزملاء كنوع من أنواع المحبة، مشيرة إلى أنها ترى أن هذه الأفلام القبطية ساعدتها كثيرا فى مشوارها، بالإضافة إلى المشاركة فى المسلسلات الدرامية مع المخرج «سمير سيف»، ذلك الشخص الذى تعلمت منه الكثير كأحجام اللقطات والزوايا وأن نرى الصورة بشكل مختلف.
وأضافت شهيرة، أن مثل هذه الأشياء ساعدتها كثيرا ومنحتها خبرة كبيرة فى حياتها، وساهمت الأعمال الدينية فى زرع مبادئ وأخلاقيات كثيرة لدى الجمهور، ولذلك الدراما حققت الكثير من النجاح بشكل كبير.
وحول إمكانية أن يعوض المسرح الكنسى عدم وجود الأفلام القبطية، قالت شهيرة إن المسرح الكنسى موجود من أيام الفراعنة، هو شىء جميل وممتع ومختلف، لا يمكن مقارنة أى شيء بشيء آخر، فهو لا يغني عن الأفلام، فهو أمر شامل ونهضة فنية كبيرة، لا يوجد له تعويض، لذلك فإن المسرح يساعد على التغيير والتنفيذ بشكل مختلف، ويعطى لنا شبابا لديهم مواهب ويظهر وجوها جديدة يتم اختيارها فى العديد من الأعمال الفنية.
وفى سياق متصل قال الفنان استيفان منير، إن أساس العمل الفنى هو التمويل، وحينما تتوافر الإمكانات المادية والتقنيات الكبيرة يمكن تجميع كل العناصر المتبقية، وأيضا تكوين فريق عمل فنى مختلف فى كل الأقسام، ووقتها يظهر الفيلم على أعلى مستوى، فكلما كان رأس المال كبيرا ساعد ذلك على خلق فيلم كبير.
وعن تجربته مع الأفلام الدينية، قال إنها تجربة رائعة جدًا، لأن الهدف منها تقديم سير قديسين وتعريف الناس بهم وحياتهم وظروفهم، وهذه من التجارب الرائدة، مشيرًا إلى أنه ينتمى لأوائل الناس التى قامت بفعل هذا الأمر، وأن روعة التجربة تكمن فى تكوين مجموعة كبيرة من العمل بهدف روحى وتعريفى لشخصية وسيرة قديس من القديسين.
وأضاف استيفان، أن الأعمال سابقا كانت مختلفة تماما عن الآن، وأنها كانت مرتبطة بتبرع من جهة ما تتحمس لهذا العمل فتقوم بإنتاجه فيديو كاست، ثم تقوم بتوزيع هذا الفيديو وهذا يساعد مع الجهة المتبرعة بأن تنتج العديد من الأفلام، أما الآن فمثل هذه الأفلام تعرض على المحطات الفضائية، وهذه المحطات ليس لديها الإمكانية أن تنتج عملا فنيا أو تعطى مقابل مادى يوازى الإنتاج، ولذلك يمكن القول اختفاء الأفلام الآن بمقارنتها عن زمان بسبب عدم وجود تقنيات وإمكانيات تساعد على تقديم عمل فنى.
وعن أقرب أعماله لقلبه، قال استيفان إنه يعشق كل أعماله، لأنه يرى أن هدف الفيلم هو تقديم سير قديسين وليس مجدا شخصيا.
وردا على سؤال حول إمكانية أن يحل المسرح الكنسى بديلا للأفلام القبطية، قال استيفان: «إلى حد ما لأن المسرح مختلف تماما عن العمل الفنى، فمن الممكن أن تكون تقنياته أبسط، كما أن أساس المسرح هو الكلمة أما السينما أساسها الصورة، وتقنيات السينما مكلفة جدا».
وقال وجيه شفيق: مدير وصاحب دار لإنتاج الأفلام القبطية، إن الأفلام القبطية كانت بمثابة كنز فى البيت، لأن فى الماضى لم تكن هناك قنوات فضائية، وكان الاعتماد بشكل كبير فى هذه الفترة على القناتين الأولى والثانية فكانت لا توجد أفلام قبطية، وكان الجمهور ينتظر ظهور فيلم أو فيلمين في السنة.
وأضاف، أنه يتمنى تقديم أفلام دينية كثيرة لأنه يريد أن يدخل العمل الفنى كل بيت، مشيرا إلى أن الشعب كان ينتظر أن يرى الكنيسة من خلال الفيلم نفسه، وأنه سبق كدار انطون وأهدى أفلام الدار لقداسة البابا شنودة، والبابا وقتها أعطاها لقناة أغابي وأيضا قناة ctv، وهذه القنوات كانت تساعد على انتشار الأفلام، وكل هذا مجانا وأى قناة كانت تحتاج الأفلام كانوا يحصلون عليها دون مقابل.
وأضاف، أن السر الوحيد وراء اختفاء الأفلام هو ظهور القنوات الفضائية الكثيرة، فالجمهور أمامه أكثر من ٢٠ قناة وأيضا الـ"يوتيوب" والـ«فيسبوك» وجوجل، لذلك الموضوع اختلف عن السابق، مشيرا إلى أن الإنتاج العالمى قل، وفى نفس الوقت آخر فيلمين قمنا بإنتاجهما لم نحصل منهما على أى ربح، واعتمادنا كان على بيع النسخ، وهذا كان وقتها مصدر المكسب لنا، فكان يوجد رأس مال يساعدنا على الإنتاج مرة أخرى.
وعن رأيه فى وجود المسرح الكنسى بشكل أكبر عن ذى قبل، قال إن المسرح يساعد بشكل كبير على ظهور مواهب جديدة، وإن إمكانات المسرح ليست مكلفة مثل السينما والأفلام، خاصة أن الخدام الذين يشاركون فى المسرح يعتبرونه بمثابة خدمة، سواء الممثل والمخرج وغيرهما من كل عناصر العمل.
وحول الحلول التى يقترحها لعودة إنتاج الأفلام القبطية، قال إنه من الممكن أن ينتج بمفرده، ولكن لو اجتمع ٥ منتجين، وشاركنا فى عمل واحد أو بمشاركة إحدى الكنائس، فسوف يختلف الأمر كثيرا، وهذا هو الحل.
وعن أفضل الأعمال التى قدمها، قال إنه يحب كل أفلامه، ومنها «أبونا عبد المسيح، أبو سيفين، الراهبة مارينا» إخراج ماجد توفيق، و«الأنبا مكاريوس» إخراج طارق سعيد، وقدم أيضا معه أكثر من 20 قصة إذاعية منها الأمير تادرس، أبونا عبد المسيح.
وردا على سؤال من هو النجم المسيحي الذى يريد العمل معه، قال إنه لا يختار النجم بقدر ما يتم اختيار الفكرة و«التيمة» والقصة نفسها هى التى تفرض اسم النجم، مشيرًا إلى أنه قام بعمل أفلام لمعظم النجوم، منهم إيهاب صبحى، ماجد الكدوانى، فريد النقراشى، شهيرة فؤاد، جميل برسوم.