في الوقت الذي يعلن فيه تنظيم داعش الإرهابي تنصيب خليفة جديد ومبايعته، يصاحبه الإقرار بمقتل الخليفة السابق، فإن الأنظار ترتقب قرب وقوع عملية إرهابية كبيرة في أي منطقة من مناطق نفوذه وخاصة في سوريا، وكأنها الإعلان الحقيقي عن وجه الخليفة الجديد، الذي يحرص على طمس هويته، وإخفاء شخصيته الحقيقة، لصعوبة تعقبه وتصفيته.
ووفقا للمعلومات الصادرة عن قوات التحالف الدولي، فإن قيادة التنظيم الإرهابي باتت "دائمة التقلب، لأن كل زعيم يلقى حتفه أسرع من سلفه. إن دل ذلك على شيء، فإنه يدل على الطريق المدمِّر الذي يسلكه هؤلاء، كما التزام التحالف الدولي في القضاء على الإرهاب".
كان أبو بكر البغدادي، الخليفة الأول، الأكثر شهرة، والأوفر حظا في قيادة التنظيم الإرهابي، استمرت فترة ولايته للتنظيم مدة 6 سنوات، وقتل في أكتوبر من العام 2019، بعدما شنت القوات الأمريكية غارة على موقعه في شمال غرب سوريا، أما خليفته أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، فكانت مدة ولايته للتنظيم أقل من سنة ونصف، نحو 15 شهرا، وقتل في فبراير 2022، بعد عملية إنزال جوي في إدلب السورية، وجاء خبر تصفيته بعد يوم واحد من اتهام قوات سوريا الديمقراطية لشركائها من التحالف الدولي بقيادة أمريكا، بالتقصير في دعمها بعدما فتحت الأجواء أمام الطيران التركي لقصف بعض المواقع في شمال شرقي سوريا، في الوقت الذي واجهت فيه "قسد" إحدى أكبر العلميات الإرهابية التي شنها التنظيم الإرهابي منذ سقوطه، وهي عملية تهريب المساجين الدواعش من سجن الصناعية بالحسكة.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد أعلن آنذاك، تمكن القوات الأمريكية بمساعدة قوات سوريا الديمقراطية من القضاء على زعيم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" المعروف باسم "أبو إبراهيم القرشي"، في بلدة أطمة بإدلب السورية، مؤكدا أن زعيم التنظيم الإرهابي هو المسئول عن هجوم الحسكة الأخير، وأن واشنطن ملتزمة بالدفاع عن شركائها ودعم حلفائه بالمنطقة.
وأعقبه خليفة جديد وهو أبو الحسن الهاشمي القرشي، ومدته كانت أقل من سلفه، إذ بقى زعيما للتنظيم لمدة 10 أشهر، وبعدها لقى مصرعه في نوفمبر 2022، بعدما جاء لإمارة التنظيم قادما من ديوان التعليم عندما كان التنظيم الإرهابي مسيطرا على مناطق واسعة في سوريا والعراق. ثم أعقبه أبو الحسين الحسيني القرشي، الذي قتل في أبريل 2023، بعد 5 أشهر من ولايته للتنظيم، وقد تأخر التنظيم كثيرا في إعلان مقتله والإقرار بذلك، ما اهتم التنظيم ببقاء شخصيته مجهولة للجميع، حتى الشخصية الخامسة الحالية التي أعلنها التنظيم وهو أبو حفص الهاشمي القرشي، تظل شخصية مجهولة، يعلن عنها التنظيم ويعول عليها في الفترة المقبلة.
ويرى مراقبون، أن صعود شخصية جديدة لرأس التنظيم الإرهابي يخلق المزيد من التصدعات ويطرح العديد من المسائل الخلافية بينهم، لأنها في الغالب شخصية مجهولة للكثيرين في التنظيم وخاصة في الفروع البعيدة، أما مقتل رأس التنظيم ورغم تأقلم التنظيمات المتطرفة مع خسارة القيادات فإن الخسارة المتعلقة برئيس التنظيم تؤثر على التمويل، وعلى البيعة وعلى تجنيد الشباب.
وتتوالى عمليات اصطياد الرؤوس الكبيرة في تنظيم داعش، حيث جرى الإعلان عن مقتل زعيم كبير لداعش يعتقد أنه شغل منصب "والي سوريا" وهو أبو أسامة المهاجر، استهدفته القوات الأمريكية وهو يستقل دراجة نارية، على الطريق الواصلة بين مدينة الباب وبلدة بزاعة ضمن منطقة "درع الفرات" بريف حلب الشرقي، في 7 يوليو الماضي.
يشار إلى أنه في إطار مواجهة خلايا وعصابات داعش في سوريا، نفذت قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن نفذت نحو 58 عملية أمنية ضد معاقل وخلايا تنظيم داعش الإرهابي، في عدة مناطق في شمال وشرق سوريا، أسفرت عن مقتل 13 عنصرا واعتقال 473 آخرين، بالإضافة لدخول 1105 شاحنات في إطار التعزيزات العسكرية لقوات التحالف، ودعم الشركاء المحليين خاصة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قوات التحالف.
ووفقا لبيانات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن العمليات في يناير الماضي أسفرت عن اعتقال 278 عنصرا كان من بينهم المسئول المالي في التنظيم (أمير بيت المال) وفي مايو الماضي جرى اعتقال 23 عنصرا إرهابيا من بينهم 5 من قيادات التنظيم الإرهابي، ومنذ مطلع الشهر الجاري، نفذت قوات التحالف الدولي عمليتين، كانت الأولى في قرية مطب البوراشد شرقي الرقة أسفرت عن مقتل مواطن، والثانية كانت في قرية ضمان التابعة لمدينة البصيرة بريف دير الزور الشمالي، وأسفرت عن اعتقال شخص منتمي لخلايا التنظيم الإرهابي.
ووفقا لبيانات صادرة عن "التحالف الدولي"، فإن "هجمات التنظيم فى العراق وسوريا انخفضت بشكل دراماتيكى منذ بداية العام الجاري، وأن العمليات التى ينفذها شركاء التحالف الدولى أسهمت فى تحييد قادة داعش من ساحة المعركة. وفى ظل حالة الفوضى لدى قيادة داعش لفاشلة، لن يكون أى عضو فى داعش بأمان".