تعيش أفغانستان حاليًا تحت حكم جديد لحركة طالبان بعد سيطرتها على البلاد في أغسطس 2021 ومع هذا التغيير السياسي الذي يشهده البلد، يعاني الأطفال في أفغانستان من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي تؤثر بشكل سلبي على حياتهم وتعليمهم.
يموت 167 طفلًا كل يوم في أفغانستان بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، ووفق تقديرات منظمة اليونيسف فهي أمراض يمكن وينبغي علاجها بالأدوية المناسبة، ويعاني حوالي نصف الأطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية، وأيضا يعاني حوالي 14 مليون شخص، أي ثلث سكان أفغانستان، من شكل من أشكال نقص الغذاء أو انعدام الأمن الغذائي.
وتأثر الاقتصاد الأفغاني بشدة بعد سيطرة طالبان على البلاد، حيث قامت العديد من الدول بتجميد المساعدات ووقف التعامل التجاري مع أفغانستان، هذا أدى إلى نقص في السيولة المالية وارتفاع في معدلات التضخم، ليَحِلَّ الفقرُ والعَوَز مما أدى إلى تراجع قوة الشراء وزيادة في البطالة وفي ظل هذه الأزمة الاقتصادية، يعاني الأطفال بشكل خاص حيث يجبرون على العمل من أجل مساعدة أسرهم في تأمين احتياجاتها الأساسية.
وزيادة أعداد الأراملِ والمُطَلَّقاتِ بسببِ الحروبِ في أفغانستان، حيث إن الكَثيرَ مِن الرِّجالِ قدْ غادَرَ أفغانِستان إلى الدّوَلِ المُجاوِرة، ممّا تَرَكَ النساءَ دونَ عائلٍ، كلُّ ذلك أسهَمَ في إقدامِ الكثيرِ مِن العائلاتِ على عَرْضِ أطفالِها للبَيع من أجل كسرة خبز.
أفاد صندوق منظمة الأمم المتحدة لحماية الأطفال (اليونيسف) أنه تم تلقي تقارير عن ١٠ حالات لبيع أطفال تتراوح أعمارهم بين ٥ و١٧ عاما في ولايتي هرات وبادغيس في أفغانستان.
وأضاف اليونيسف أن بعض العائلات في أفغانستان باعت بناتها البالغات من العمر ٢٠ يوما إلى آخرين.
ويشير التقرير أيضا إلى زيادة في حالات زواج القصر في أفغانستان، حيث يُقدَّر أن ٢٨٪ من الفتيات يتزوجن قبل سن ١٨ عاما.
وكانت هناك تقارير عن الاتجار بالأطفال في أفغانستان في الأشهر الأخيرة، على سبيل المثال، ذكرت صحيفة "جمهوري إسلامي" في تقرير لها في أوائل أكتوبر الماضي أن الأولاد يتم بيعهم في أفغانستان مقابل ٢٠٠ دولار، والفتيات مقابل ١٢٠ دولارا.
كما أشار تقرير اليونيسف إلى الأزمة السياسية والاقتصادية، وتفشي فيروس كورونا، والدخول في فصل الشتاء، وأزمة الغذاء، باعتبارهم من أهم العوامل التي أدت إلى تفاقم الوضع المعيشي في أفغانستان.
وأعلنت منظمة "مراسلون بلا حدود" أن حركة طالبان المتشددة اعتقلت تسعة صحفيين في أفغانستان خلال أقل من أسبوعين.
وقالت المنظمة في بيان ليها يوم الخميس الماضي، إن الاعتقالات تمت خلال مداهمات في خمسة أقاليم على مدى الأيام الـ١١ الماضية.
وقال كريستيان ميهر المدير التنفيذي لـلمنظمة "هناك خوف وعدم أمان بين العاملين في وسائل الإعلام الأفغانية"، وفي وقت لاحق، تم إطلاق سراح أحد الصحفيين.
ومنذ عودتها إلى السلطة في أفغانستان قبل عامين، فرضت حركة طالبان قيودا مشددة على حرية الصحافة، ومنذ ذلك الحين فر المئات من العاملين في وسائل الإعلام، وتوقف أكثر من ٨٠٪ من الصحفيات الأفغانيات عن العمل.
كما أمرت طالبان صحفيات التليفزيون بتغطية وجوههن أثناء ظهورهن على الشاشة، منذ العودة إلى السلطة.
تشهد أفغانستان منذ فترة طويلة تحديات كبيرة في مجال التعليم، ومع ظهور طالبان على الساحة السياسية، تفاقمت هذه التحديات. فطالما كان التعليم في أفغانستان مستهدفًا على يد الجماعات المتطرفة.
وقد قامت طالبان في السابق بحرمان الفتيات من حقهن في التعليم سعيا وراء رسم صورة أكثر اعتدالًا والتزاما بعملية السلام الداخلي للمجتمع، فإنها سرعان ما تراجعت عن وعودها، وقررت صب جام تطرفها على النساء.
تمنع طالبان الفتيات من أداء بعض المهام اليومية البسيطة في المجتمع، مما يضعهن في موقف صعب. فمثلًا، تمنع الفتيات من مغادرة منازلهن دون رفقة ذكور من العائلة وتلزمهن بارتداء النقاب الإسلامي. هذه القيود تجعل من الصعب على الفتيات الحصول على التعليم، حيث يصعب عليهن الانتقال إلى المدارس أو الوصول إلى الفصول الدراسية بسبب هذه القيود.
وحتى الآن، لم تنجح طالبان في ضمان التعليم لكافة الأطفال في أفغانستان، خاصة في المناطق الريفية والمناطق التي تسيطر عليها مقاومة طالبان. وعندما يتعذر على الأطفال الحصول على التعليم الجيد، فإنهم يكونون عرضة لأخطار العمل. ويجد الأطفال أنفسهم يعملون في وظائف غير مناسبة لعمرهم ويتعرضون للظلم والاستغلال من قبل أصحاب العمل، وهذا يؤثر بشكل سلبي على صحتهم ونموهم الجسدي والعقلي.
تواجه الفتيات في أفغانستان تحديات أكثر صعوبة، حيث يعاني العديد منهن من زواج الأطفال والعنف الأسري. وفي ظل الحكم الجديد لحركة طالبان، زادت حالات استعمال الأطفال والاستغلال الجنسي. يتم استغلال الفتيات في صناعة الجنس وتسليمهن للعبودية الجنسية، وهذا يعتبر انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وحق الطفل في الحماية والرعاية.
في ظل هذه الأزمة الاقتصادية والتحولات السياسية، يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته تجاه الأطفال في أفغانستان، ينبغي على الدول والمنظمات الحقوقية والإنسانية أن تضغط على طالبان لضمان التعليم المجاني والجودة لجميع الأطفال، بغض النظر عن الجنس أو القومية، ويجب أن تعمل الدول المانحة على تقديم المساعدات الاقتصادية لأفغانستان للحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية على الأطفال وضمان حقوقهم الأساسية.
لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة في أفغانستان من دون استثمار في تعليم الأطفال، ينبغي أن يكون التعليم أولوية قصوى في الأجندة السياسية لأفغانستان، ويجب أن يتعاون المجتمع الدولي لضمان التعليم لجميع الأطفال الأفغان، بغض النظر عن خلفيتهم أو جنسهم. إذا رغبت الحكومة الجديدة لطالبان في الاعتراف بشرعية دولية، فعليها أن تضمن حقوق الطفل وتساعد الأطفال في إعادة بناء حياتهم بعد هذه الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد.
من جانبه؛ قال هشام النجار، باحث في شئون الحركات الإسلامية، إن الأطفال هم أساس الحياة لذلك ما يحدث في أفغانستان جريمة دولية ضد حقوق الطفل الغذاء هو حق مكفول لكل إنسان.
وأضاف النجار في تصريحات لـ«البوابة»، أن التجربة أثبتت أن الولايات المتحدة تعجلت بالانسحاب وقدمت مصالح أخرى على المصلحة الحقيقية للشعب الأفغاني والمنطقة العالم بأسره، كما أثبتت أنه لا وثوق بوعود جماعات متطرفة فكل ما وعدت به طالبان انقلبت عليه وتنكرت له بعد أن ضمنت السيطرة على مقاليد السلطة.
وبدلاً من تحجيم التطرف والإرهاب زاد وانتشر وشكل خطورة على المستوى العالمي مجددًا بسبب استفحال خطر تنظيم داعش ولاية خراسان، فضلاً عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والمعاناة التي تلاقيها المرأة ومنعها من العمل والتعليم.