التهم الذكاء الاصطناعى جميع مجالات الحياة، فأصبح وحشًا يثير مخاوف العالم، زحف حتى اقتحم بقوة مجال الفن التشكيلى، وجعل المبدعين فى حالة تربص، خوفا على ملكيتهم الفكرية، ولكن هل يخدم الذكاء الاصطناعي الفن؟ أم يفتح الطريق للمزورين ويهدد حقوق الملكية الفكرية؟ وهل يشكل تهديدًا مباشر للفنان التشكيلي؟.
وما مدى تأثيره على سوق الفن؟ هل يمكن أن نرى معرضا تشكيلىا مصنوعة لوحاته بتقنية الذكاء الاصطناعى؟ وكيف يمكن لـ”الروبوت” أن يرسم بنفس إحساس الرسم باليد ومشاعر الفنان؟ وهل هناك اقتراحات للتعامل مع الذكاء الاصطناعى دون قلق؟.. "البوابة نيوز" تحاول الاجابة عن هذه الأسئلة، من خلال عدد من الحوارات البداية مع الدكتور طاهر عبد العظيم، الأستاذ بقسم الديكور بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان.. والذي كان لنا معه هذا الحوار:
دكتور طاهر عبد العظيم.. أول أكاديمى يهتم بالتكنولوجيا فى مجال العملية الإبداعية.. و تجاربى الفنية بالتقنية الجديدة تخليد للأعمال الفنية القيمة
لدى ملف مهم يخص الدراسة والمناهج الأكاديمية فى تدريس الفن من خلاله.. قريبًا سنشهد معارض تشكيلية بواسطة الذكاء الاصطناعى
أتمنى تضافر جهود الأكاديميين والنقاد والفنانين لمواجهة هذا التحول الخطير
■ لماذا كل هذا الاهتمام بالذكاء الاصطناعى فى المجال الإبداعى؟
- ابدأ حوارى معك بالكلمات التى أكررها دائمًا مع تجاربى الفنية وعلاقة الذكاء الاصطناعى بالعملية الإبداعية تخليدا للأعمال الفنية ذات القيمة وأصحابها الذين أثروا الحياة الفنية بأعمال متميزة ولن تضاهيها أي تكنولوجيا أو ذكاء، وستظل القيمة الإنسانية هى الأصل والأساس الذى يجب المحافظة عليها، وأتمنى أن تتضافر جهود الأكاديميين والنقاد، والفنانين لمواجهة هذا التحول الخطير حتى لا تختلط الأمور.
فالاكتشافات العلمية والتكنولوجيا في العصر الحالي غيرت طريقة استخدام الكمبيوتر. لم يعد الكمبيوتر مجرد أداة حسابية، بل أداة تعبيرية للفنون.
الفنانون استخدموا التكنولوجيا لتجربة أفكار جديدة في الفن التشكيلي الرقمي. كما يمكن أن يساعد على العصف البصرى وطرح الأفكار، فاستخدام الكمبيوتر في الفن ساهم في تغيير النظرة للفن، وعمله كوسيلة للابتكار والتنوير الثقافي.
كمان استخدام أساليب وأدوات تقنية متنوعة ساعد في إنشاء مفاهيم جديدة للفن، لا شك أن كل تطور له سلبيات وإيجابيات ويتوقف ذلك على المستخدم لهذه التكنولوجيا. فقد تهدد حقوق الملكية الفكرية وإذا لم يحسن استخدامه سيكون له آثار سيئة جدًا وتهديد مباشر للفنون وخصوصًا للفن التشكيلى، من خلال مجموعة تصورات متنوعة مستلهمة باستخدام الذكاء الاصطناعى.
■ وهل يؤثر الذكاء الاصطناعى على سوق الفن؟
- نعم، الذكاء الاصطناعي يؤثر على سوق الفن بشكل ملحوظ. العمل الفنى بواسطة الذكاء الاصطناعي يمكن أن ينتج بطرق جديدة. يمكن للخوارزميات توليد لوحات فنية وصور فوتوغرافية وموسيقى وأعمال أدبية جديدة بناءً على تحليلها لأعمال فنية سابقة وتعلمها منها. هذا يفتح الباب أمام إمكانيات إبداعية جديدة وقد يؤثر على الفنانين البشريين وكيفية إنتاجهم وتسويق أعمالهم.
التعاون بين الفنانين والذكاء الاصطناعي يمكن الفنانين من أن يستفيدوا من التحول الجديد كأداة تساعدهم في عملية الإبداع. يمكن أفكار واقتراحات جديدة للفنانين ومساعدتهم في تطوير أعمالهم. هذا يمكن أيضًا من تعميق التفاعل بين الفنانين والجمهور وتوفير تجارب فنية مختلفة ومبتكرة.. تسويق الفن وتوزيعه، كما يمكن استخدامه وتوجيه الفنانين والمستثمرين نحو الاتجاهات الفنية الشائعة.
■ وهل يمكن أن نرى معرضا تشكيلىا مصنوعة لوحاته بتقنية الذكاء الاصطناعى؟
- نعم، يمكن أن نشهد معارض فنية تضم أعمالًا تشكيلية تم إنشاؤها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. في السنوات الأخيرة، شهدنا زيادة في الاهتمام بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الفني، وقد تم تطوير أدوات وبرامج تسمح للفنانين بالتعاون مع الذكاء الاصطناعي لإنشاء أعمال فنية جديدة.
بالمناسبة؛ قريبًا سيفتتح معرض للفنانة د.علية عبدالهادى الأستاذ بكلية الفنون الجميلة– جامعة حلوان، المعرض بالكامل نتاج أعمال فنية انتجت بالذكاء الإصطناعى، وأعتقد أنه سيكون بداية مهمة تؤكد أن الوسيط الجديد يمكن أن يستخدمه الفنان الواعى لإنتاج عمل فنى متكامل، المعرض سوف يكون فى قاعة من أهم قاعات مصر، أيضًا تم الاعتراف بهذا النوع من الأعمال الفنية فى صالات المزادات العالمية.
■ وكيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يخدم الفن؟
- يتيح الذكاء الاصطناعي للفنانين فرصًا جديدة للاستكشاف والتجريب في عملية الإبداع الفني. يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوليد أفكار جديدة وملهمة، وتحليل الأنماط والألوان والتركيبات الفنية، وإنشاء قوالب وتصاميم أولية، وحتى إضافة تأثيرات وتعديلات إلى الأعمال الفنية القائمة. ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن الأعمال الفنية التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي لا تزال محتاجة إلى توجيه وتحكم من قبل الفنان البشري.
يعد الذكاء الاصطناعي أداة إضافية للإبداع الفني ولا يحل محل دور الفنان نفسه. إنه يمكنه تقديم مساعدة وتحفيز للفنانين، ولكن الرؤية والتعبير الفني لا تزال مسئولية الفنان. بالتالي، يمكننا توقع رؤية معارض تشكيلية تضم أعمالًا فنية تم إنشاؤها باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، مع ملاحظة أن الفنان البشري لا يزال العنصر الأساسي والمحور الرئيسي في عملية الإبداع الفني.
■ كيف يمكن لـ”الروبوت” أن يرسم بنفس إحساس الرسم باليد ومشاعر الفنان؟
- في الوقت الحالي، لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يرسم بنفس الحس والمشاعر البشرية. على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قادر على توليد أعمال فنية، إلا أنه يعتبر عملية محضة وبرمجية تستند إلى خوارزميات ومعالجة البيانات، ولا يمتلك العاطفة ولا التجربة الذاتية التى تشكل فكر وأسلوب الفنان الذى يقدم عملًا إنسانيًا يحمل معنى التفرد وعدم التكرار.
■ هل هناك اقتراحات من وجهة نظرك الأكاديمية للتعامل مع الذكاء الاصطناعى دون قلق؟
- الرسم والتعبير الفني والتصميم هي مظاهر للإبداع والتعبير البشري الفريد. حتى الآن، لا يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على الشعور بالمشاعر والعواطف بنفس الطريقة التي يمكن للبشر تجربتها والتعبير عنها. وبالتالي، يعتبر الرسم بنفس الأحاسيس والمشاعر البشرية أمرًا غير ممكن حاليًا للذكاء الاصطناعي.
وبالتعامل مع الذكاء الاصطناعي، فإن الفنانين التشكيليين يمكنهم اعتباره أداة إضافية لتوسيع إمكانياتهم الإبداعية وتحقيق تأثيرات جديدة.
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي أيضًا في مرحلة إعداد البيانات وتحليلها وتكوينها، وذلك لتوفير أفكار جديدة وملهمة للفنانين. يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي أيضًا دور في توجيه الفنانين نحو التقنيات والأدوات الجديدة التي يمكن استخدامها في إنشاء أعمالهم. من المهم أن يتعامل الفنانون التشكيليون مع الذكاء الاصطناعي بروح مفتوحة ويكونوا جاهزين لاستكشاف واستخدام هذه التقنية الجديدة بطرق تدعم إبداعهم الفردي وتعبيرهم الفني.
وقد يكون هناك بعض القلق حول استخدام الذكاء الاصطناعي في الفن، مثل القلق بشأن فقدان الأصالة أو الاستبدال الكامل للإبداع البشري، ولكن من المهم أن يتم التعامل مع هذه التقنية كأداة إضافية للتوسع والتجديد وليس كبديل للفن البشري. باختصار، التعامل مع الذكاء الاصطناعي بدون قلق يتطلب الاحتفاظ بالروح الإبداعية الفريدة للفنانين والاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي لتعزيز وتوسيع إمكانياتهم الفنية.
الفنانة التشكيلية هبة عريبة تروى تجربتها الفنية مع الذكاء الاصطناعى
الذكاء الاصطناعي يعد مدخلا جديدا للعديد من الجرائم بشكل عصري مما دفع محاميو مصر للتصدي اليه من خلال مؤتمرات وجلسات توعية للمحامين للتعامل مع هذه القضايا المعاصرة وكذلك لسن تشريعات قانونية جديدة، وبحكم عملها اهتمت المذيعة والفنانة التشكيلية ورائدة أعمال هبة عريبة بهذا الأمر فكان لـ "البوابة نيوز" معها هذا الحوار:
■ هل يفتح الذكاء الاصطناعى الطريق للمزورين ويهدد حقوق الملكية الفكرية؟
- أما عن الملكية الفكرية فهى جزء من جرائم الذكاء الاصطناعي بل تم خلق جرائم جديدة لم تكن موجودة من قبل وبمسميات جديدة أيضا. وبالأخص مجال الفكر والفن والإبداع والكتابة الأدبية والموسيقية.
■ الذكاء الاصطناعي.. هل يخدم الفن؟
- الذكاء الاصطناعي فى نظرى لايهدد الفن التشكيلى ولا الفنان.. ولكن لابد أن يتطور الفنان من نفسه لمواكبة العصر نفس الحال عندما ظهر الكمبيوتر وبرامج الجرافيك ونالت اعتراضات من فنانين كتير على الرغم أنها أصبحت الآن مجالا ثريا للإبداع الفنى ولها فنانون متخصصون.
ولكن الذكاء الاصطناعي أكثر خطورة نظرا لسرعة تطوره.. وتجنب وخوف الفنان منه سوف يؤخره كثيراااا عن الحياة ومواكبة العصر وليعى الفنان فيما وكيف يستخدم تلك الأدوات المعاصرة لتطوره الفكرى والتقنى والإبداعي. فالذكاء الاصطناعي أداة ووسيلة جيدة لمن يريد البقاء مواكبا للعالم.
■ ماذا عن تجربتك الفنية مع الذكاء الاصطناعي؟
- عن تجربتي الشخصية. لقد أتممت معرضا كاملا بأعمال فنية رقمية جمعت بين التصوير السيلفي والجرافيك ومعالجات لها بالذكاء الاصطناعي ثم تم العرض بالكامل على عالم الميتافيرس.. تجربة ثرية جداا بالنسبة وعالم يستحق خوض التجربة معرفة جديدة كجوانب تقنية وثقافية أيضًا.
وأضيف أن المعرض قائم حتى الآن فى قاعة الجزيرة بالميتافيرس وهنا كسر حاجز الالتزام بمعدة عرض أسبوع وأسبوعين أو شهر كما اعتدتنا من القاعات فى الواقع.. المعرض على الميتافيرس مستمر إلى الأبد إلا إذا أنا قررت حذفه نهائيا.
■ هل يؤثر الذكاء الاصطناعى على سوق الفن؟
- نعترف أن ذائقة المتلقي والمقتني تختلف تبعا للعصر والحالة الاقتصادية والاجتماعية. من فترة تم غرق الاسواق بالاعمال الصينية ورغم قلق الفنانين الا ان فى مقتنين حريصين غلى زيارة القاعات واقتناء أعمال.
وهنا أرى السوق كبيرا ومتاحا للجميع حتى الهواة لديهم قدر من التسويق كما لا ننكر ان الدعاية للفنان والعمل الابداعي لها عامل التسويق فى حد ذاته عامل كبير على حركة السوق والحراك. وان كان لدينا بعض من مزورين وحرامية وايضا احتكار لبعض الفنانين لاحتكار السوق. أرى لا بأس فلا شئ يدوم للابد ولابد أن المتلقي والمقتنى والفنان ايضا سينجو من هؤلاء.
■ هل هناك اقتراحات من وجهة نظرك للتعامل مع الذكاء الاصطناعى دون قلق؟
- هذا السؤال يحتاج الى عمل جماعي وتعاون بين كافة الجهات ختى نضمن خدمة الذكاء الاصطناعي للفن والفنانين والساحة الثقافية. القائم الآن جهود وتجارب فردية من الفنانين.. وقد أوصيت فى برامجى واحد لقاءتى بالتليفزيون لابد من تضافر الجهود واعتبار الذكاء الاصطناعي والعالم الافتراضي المعزز جسرا لعبور الفنان المصري إلى العالم.
ونأمل فى القريب العاجل أن يحصل هذا مع وعى الكليات الفنية لأنها جانب وعمود أساسي فى مواكبة العصر لابد للطالب ان يعتاد على ذلك ومواكبة المناهج وسوق العمل والا نبقي بنضيع عمر هؤلاء الشباب وبنأخرهم كتيرا عن العالم.
الفنان ورسام الكاريكاتير سمير عبدالغنى: مفيد لتطوير الأدوات ومد المبدعين بالأفكار والروبوت لا يرسم ولكنه يعيد إنتاج الأفكار المرسومة من قبل
استنكر الفنان ورسام الكاريكاتير سمير عبدالغنى، مخاوف الفنانين من الذكاء الاصطناعي، موضحا أن الإنسان بطبيعته يخشى كل ماهو جديد.
وقال "عبد الغنى" فى تصريحات خاصة لـ "البوابة نيوز"، إنه يري أن الذكاء الاصطناعى مفيد لتطوير الأدوات ومد المبدعين بالأفكار لتطوير إبداعهم، ولكن سوف يظل الخيال والإلهام أحد روافد الإبداع المهمة والملهمة.
وأضاف رسام الكاريكاتير، أنه قبل الذكاء الاصطناعى كان هناك مزورون فى منتهى البراعة وعندهم من الإمكانيات فى صنعة النقل والسرقة يفوق الوصف، ربما يعطى الذكاء الاصطناعى الفرصة لصغار المزورين بدخول المجال، لكن يبقى الأمل فى وجود الذكاء الأصطناعى لدى رجال القانون لملاحقة هؤلاء المزورين.
وتابع: "ليس هناك تهديد للفنانين الكبار، التهديد لصغار المبدعين وانصاف المبدعين، ومن لديه مشروع حقيقى يجب الا يخاف، ربما يضطرب السوق بعض الوقت، لكنه سوف يعود مرة أخرى".
وأردف: " الروبوت لا يرسم ولكنه يعيد إنتاج الأفكار المرسومة من قبل وهى ليست بالمئات وانما مليارات الصور المخزنة والتى تعتبر نتاج عمر الإنسانية ومن هنا تأتى الدهشة".