هناك مثل شعبي عراقي، تعني كلماته باللغة الفصيحة «أنها لم تحظ برجلها ـ أو زوجها ـ ولم تتزوج السيد علي». وتقول قصة هذا المثل إن شابة جميلة زوجت طبقًا لرغبة والدها لشاب فقير الحال يجهد يومه ليوفر لزوجته ما يتحصل عليه من مأكل ومشرب وملبس، لكن الزوج ـ المسكين ـ لم يكن يتصف بالجمال وحسن الصورة كما تتمناه كل جميلة لشريك حياتها رغم انه كان حسن السيرة والسلوك، ولم يكن بد للزوجة الا الصبر والرضى بالقسمة والنصيب.
وكان أن حدث صدفة للشابة أن ذهبت يومًا لسوق بيع الأقمشة لشراء ما تحتاجه منها، وشاء حظها ان تذهب لدكان، صاحبه شاب أعزب اسمه (سيد علي) في ريعان الشباب وذو وجه كأنه البدر في ليلة اكتماله، وجسم متناسق من طول وعرض، ولسان حلو الحديث يقطر منه كلامًا كالسكر. أصيب قلب الفتاة بسهم قبلت بالقماش الذي اختاره لها، ودفعت الثمن الذي طلبه دونما أخذ ورد مثلما هو متعارف عليه، وعادت لدارها مع القماش ولكن قلبها تعلق بدكان (السيد علي).
ومختصر الكلام: انها كانت تنتهز الفرص لتذهب لشراء أو التعرف إلى أنواع أقمشة دكان (السيد علي) حتى تمكنت من جلب نظره، وإشغال فكره، وخلب لبه، وتم الاتفاق أخيرًا على الزواج بمجرد ان تنال طلاقها. وهنا انقلب حالها من راضية مرضية، الى متبرمة ناقمة محولة دارها الى جحيم، حيث لم يجد الزوج بدًا من إنقاذ حياته من هذه الورطة الا أن يطلقها.. وحينها ركضت مسرعة الى دكان (السيد علي) وبيدها ورقة الطلاق والدنيا لا تسعها فرحة وسعادة، وحالما رأى (السيد علي) ما حل وتم حقيقة، وضع رأسه بين يديه ممعنًا في التفكير والتدبير، ثم بادرها بالقول: اذا انت هدمت بيتك على رأس زوجك، وأهدرت حياتك لهوى طارئ فمن يقول انك لن تفعلي بي ما فعلت به، خاصة حينما تمر عليّ الايام ويذبل فيها ورد الخدود، وطول القدود وانتكاس العود؟ وعليه فإنني لا ولن أتزوجك مطلقًا.
بكت وولولت وتوسلت.. لكن لا من سميع أو مجيب. ولم تجد أخيرًا الا ان تجر اذيال الخيبة وتذهب لبيت أبيها غير حاظية بزوجها القبيح، ولا آخذة (السيد علي) الجميل، اي خسرت الاثنين في آن واحد... (يجب الإشارة هنا إلى أن كلمة (رجيل) هي تصغير لكلمة رجل في اللغة العراقية الشعبية، ومثلها كلمة (وُلِيَدْ) أي ولد).