الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"شهر زاد" تفرق بين توفيق الحكيم وطه حسين وتجمعهما مرة أخرى

توفيق الحكيم
توفيق الحكيم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

إن الصداقة بين توفيق الحكيم وطه حسين قد بلغت أشدها على جبال الألب بفرنسا حيث اجتمعا سويا عام 1936 فى القرية الصغيرة «سالاتش» إحدى قرى جبال الألب الفرنسية التى تتوزع فيها عدة فنادق متوسطة الحال فنزل فى إحداها طه حسين ليلحق به توفيق الحكيم، وأرسل الحكيم رسالة لطه حسين بتواجده فى نفس الفندق التى يجلس فيه، فعرف طه حسين توفيق الحكيم على بعض بالأماكن الجديدة التى لم يكن يعرفها الحكيم، على الرغم بخبرته فى فرنسا وباريس وجنباتها وهو جبل الألب.

وصحمل الحكيم بين يديه ما استطاع من كتب وصحف ومنذ وصوله وهو لا يصمت عن الحديث فى كل شيء وأى شيء ولم يشغله حتى طعام الغداء عن مواصله حديثه من الجبل والمناخ وقراءاته فى الصحف والكتب واخبار النشاط الأدبى فى مصر، وفى إمكانية ترجمة كتابه "شهرزاد" وتجسيدهها وتمثيلها على خشبة المسرح، حتى إذا انتهى الغداء، وصار الحكيم مشغولا بالإعداد للصيد.

ويقول الحكيم على لسان «شهرزاد»: «فى القصر المسحور أنى أعرف هذا الصنف من الرجال انه لم يصطاد لن يصطاد سمكة فى حياته، ولا أحسب أنه يذهب يوميا بحيرة أو نهر إنما هو يخلق فى رأسه كل هذه الرغبات ويعد للوصول إليها ويغمر نفسه فى ذلك الجو الذى ابتدعه خياله حتى اذا كان على بعد خطوة من التنفيذ والحقيقة انهار حلمه ولم يعد يعنيه من اللأمر شيئا».

وعلى الجانب الآخر، فيصف طه حسين فى «القصر المسحور» أيضا توفيق الحكيم الذى رأى الجبل لأول مرة والثلج الأبيض الذى يغطيه لأول مرة فيقول أنه لم يخطر بباله قط أن الجبل الأبيض والثلج الأبيض الذى يغطيه شيء يرى، فلما رآه كاد يخرج من طوره لولا أن تمالك واصطنع الوقار وهو يقسم لنا جهد إيمانه ليصعدن فيه وليبلغن قمته، فإذا صعبنا ذلك قال فى براءة الصبى النقى: «أليس يكفى أن أعدو إليه من الصبح وأعوذ منه حين ينتصف النهار فادرك معكم الغداء».

وهذه مجموع من المداعبات المتبادلة بين طه حسين والحكيم اكتملت فصول كتابهما المشترك «القصر المسحور» الذى كانت فيه شهرزاد هى البطل الذى جمعهما، فقد مات شهريار جليسها وأنيسها فصارت تبحث عن أنيس وجليس، وكلا من طه حسين والحكيم يحاول الفوز بها دون الآخر، وذلك عن طريق كيد كلا منهما للآخر عند «شهرزاد»، فينتهز طه حسين فرصة ليوجه نقده للحكيم عن طريق لسان شهرزاد على كتابه «شهرزاد» الذى قامت بسببه مشكلة عكرت صفو الصداقة بين الأديبين الكبيرين بسبب عدم رضاء طه حسين عن شهرزاد وانتقده بسببها انتقادا كبيرا، أما فى القصر المسحور فقد كان معه رقيقا، شهرزاد فرقت الاثنين حينا وجمعتهما حينا آخر ووضع كل منهما كتابا خاصا عنها، فنجد أن لطه حسين كتب «أحلام شهرزاد»، ووضع الحكيم مسرحيته «شهرزاد» حتى اشتركا معا فى كتاب «القصر المسحور».

ورصدت سهير القلماوى، إحدى تلاميذ طه حسين: أن الأديبين قد تأثرا بشهرزاد الغربية لا العربية بعد أن انتهت قصتها الخرافية أو أسطورتها، لا شهرزاد العربية التى تقبل على الغداء ومعاناتها والتجربة الموحية بكل عجيب من الصراع بالأمل واليأس والخوف والاطمئنان والحب والكره.