موضوع الحرية موضوع شائك ومعقد في تحليلاته وتطبيقاته، مطمح عزيز على قلب الشباب، ومطلب أساسي في حياة الشعوب، وهي فكرة الافكار الوجودية..
فمثلًا رفض المسيح النزول من على الصليب عندما طلب منه أن ينزل ويعطي الناس آية: المسيح اختار اتحادًا بالله حرًّا وليس علاقة حرية مزيفة مع الذات، غايتها اظهار تفوق او قوة الانسان.
تنشئة الآخر والذات على الحريّة، أن يختار المرء بانسجام وتناغم مع مبادئه، أن ينتصر على الجبريات العديدة التي تؤثر على حياته، وخاصة تلك الدقيقة منها والخفية، أمر يحتاج الى ايمان حقيقي، وهذا يختلف عن مجرد تديّن تقليدي.
الحريّة الحقيقة مكلفة جدًا، تتطلب التزامًا، وصدقًا. تتطلب خروجًا عن الذات والضمانات الفردية الى رحاب الحقيقة. وهنا أتذكر ما قاله المسيح: "الحقّ يحرّركم" (يوحنا 8: 32).
سأقول فكرة غريبة، وقد تكون مثيرة للبعض منكم.. التركيز على الديمقراطية والمساواة في مجتمعاتنا بشكل مطلق وصارم، جعلت من مجتمعاتنا اليوم مجتمعات أسياد، حيث الجميع متساوي ولا يوجد اختلاف ولا يوجد من هو أفضل.. وحيث لا يوجد أسياد، يصبح الجميع أسياد. وحيث لا يوجد أسياد، يصبح الجميع عبيدًا".
لا يعرف الكثيرون ان القيود اليوم صارت كثيرة في حياتنا: التقنية والاعلانات (عن المنتوجات) عبئت حياتنا من حيث لا ندري، ويبدو أننا مرتاحون الى ما يختاره الآخرون لنا.. ولا ندرك عبوديتنا، إلا اذا انقطعت خطوط الانترنت أو انطفأت الكهرباء.. عندها نتجابه مع عزلتنا وحدودنا..
الحرية الحقيقية تأتي من الوعي بالعبوديات التي تملأ حياتنا. الحبّ وحده قادر على أن يحرّر طاقات الروح البشرية، ويطلق النفس نحو الحرية الحقيقية. أقصد بالحب هنا الحب الملتزم والمسؤول.
المطران سعد سيروب الزائر الرسولي للكلدان في أوروبا