الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

موسى حوامدة لـ "البوابة نيوز": العالم العربي يعيش أزمة حضارية وإنسانية بشكل مطلق (حوار)

أؤمن أن الإنسان بحاجة إلى الشعر والشعرية كما قال الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي غياب المشاريع النقدية يعطي الانطباع بأزمة الشعر

الشاعر موسى الحوامدة
الشاعر موسى الحوامدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يرى أن أمتنا تعاني من العجز الحضاري، وأننا لا يمكن أن نحقق نقلة حضارية دون أن نعطي الفلسفة أولوية قصوى، فبدونها لا يمكن لأي أمة التقدم أو النهوض، ونحن نرى الاهتمام على حفلات الاستعراض ومهرجانات الاستعراض حتى في الأدب والفنون، بينما المشروع الفلسفي التنويري ما زال غائبا عنا، ويكتب القصيدة الحديثة أو ما تسمى ظلما بقصيدة النثر لإيمانه بضرورة التحديث ولكن الشعر وحتى بقية الفنون ستظل ناقصة دون تنوير حقيقي يبدأ من المشروع الفلسفي.

الآن هو في مصر الشاعر الفلسطيني / الأردني "موسى حوامدة" في ضيافة "البوابة نيوز" وفي حواره تحدث عن ديوانه الأخير "جسد للبحر رداء للقصيدة" وعن أزمة النقد وطقوسه في شهر رمضان الكريم وأشياء أخرى.. وإلى نص الحوارـ

 

في ديوانك الأخير "جسد للبحر رداء للقصيدة" تدفق معنى الحنين، غربة الذات، هزائم الماضي ويحمل العنوان شفرة تنسحب على الديوان في أبسط صورها توحي للقارئ وتشير إلى اللامحدود في ضوء هذه الرؤية.. دعني أولًا أحدثك عن قصة الديوان، فهو الثامن تقريبًا، وقد طبع "جسد للبحر" أول الأمر في دار نون الإماراتية، والتي كان يشرف عليها الشاعر الفلسطيني السوري خالد سليمان الناصري، وأغلب قصائده كتبت في الأعوام الثلاثة من 2010 إلى 2013، وهذا يعني أنها تأتي زمنيًا قبل مجموعتي "سأمضي إلى العدم" التي صدرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2017م. 

وإذا كنتَ قد لمست في المجموعة تدفقًا للحنين، وغربةً للذات، وهزائم الماضي فهذا صحيح، فالحنين دائم إلى وطن مفقود، والحلم الذي لن يتحقق يواصل وطأته، أما الذات فهي في غربة دائمة، ليس في القصيدة فقط، بل وفي الحياة نفسها، ولهذا أسباب كثيرة، لا أملك تفسيرا لها.

 كيف ترى أزمة الشعر؟

 أسمع كثيرًا عن أزمة الشعر، ولا أدري حقيقة ما هي هذه الأزمة، ربما يصح هذا السؤال مشروعًا، لو قلنا أن العرب توقفوا عن كتابة الشعر، وأن الشعر انقرض، غير أني أرى الشعراء رغم التغييرات الهائلة التي حدثت في السنوات الثلاثين الأخيرة، يواصلون كتابة الشعر، صحيح أن هناك صراعًا لا زال مستمرًا بين الأشكال العشرية، لكني أعتقد أن قصيدة النثر، أو القصيدة الحداثية، قد فرضت نفسها، رغم تراجع الإقبال على الشعر، واختلاف النظرة لصورة الشاعر المنبري والجماهيري.

وصار هناك تراجع في حجم مبيعات المجموعات الشعرية، رغم ازدياد عدد الشعراء في مختلف الأنواع، ووفاة العديد من شعراء النصف الثاني من القرن العشرين، وانكباب القراء على الرواية أكثر، لكن الأزمة ليست أزمة شعر فقط، بل أزمة حضارية عربية وإنسانية بشكل مطلق.

ولا أبالغ إذا قلت أنها أزمة وجودية، ليس بمعنى الوجود البشري، بل بالمعنى الأخلاقي. بالنسبة لي شخصيأ أشعر بالأزمة حين تجافيني القصيدة، وقد شعرت بذلك منذ حطَّ وباء كورونا، فلم أكتب طيلة عامين حتى سافرت إلى اسطنبول، وهناك في شهر أكتوبر الماضي كتبت ثلاث قصائد، توقفت بعدها حتى نهاية شهر فبراير هذا العام، وكتبت قصيدتين في مصر، واحدة عن القاهرة والثانية عن الوقت، وشعرت أن الأمل لم يمت، ربما لو سألتني هذا السؤال قبل عام لقلت لك، إنني أعاني فعلًا من أزمة، وحتى لو افترضنا أن هناك أزمة في الشعر فهي ليست بعيدة ولا غريبة، فالأزمات العربية لم تتوقف عند الشعر نفسه ولا عند الكتابة بل وصلت إلى كل مناحي الحياة.

وماذا عن أزمة النقد؟ 

 نعم ربما تكون هناك أزمة نقدية فأغلب ما يكتب عن الشعر إما يعيد استرجاع قائمة الأسماء الشعرية المعروفة، أو يتم تناول الشعر الجديد على استحياء ما، وكثير مما يكتب عبارة عن انطباعات، وليس نقدا ممنهجا، ولا نجد تنظيرًا نقديًا للشعر الحداثي، وكأن النقاد اقتنعوا بما قدمه السابقون القدماء أو المحدثون. وربما سبب غياب المشاريع النقدية يعطي الانطباع بأزمة الشعر. 

وكيف ترى الشعر كجنس أدبي في المستقبل؟

-أعجني حديث للشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي سمعته منه شخصيًا قبل أيام في بيت الشعر (بيت الست وسيلة التاريخي)، تحدث فيه عن حاجتنا إلى الشعر، وأعتقد أنه مصيب فسوف يظل الإنسان بحاجة إلى الشعر والشعرية، كما أن اللغة العربية، كونها لغة حية وليست ميتة تحتاج إلى الشعر، وأقصد هنا حاجتها إلى كتابة الشعر فاللغة التي تتوقف عن كتابة الشعر تتحنط، وأعتقد أن لغتنا قوية وقادرة على مجاراة الزمن رغم الهجوم الشرس عليها حتى من أبنائها بسبب حالة التشرذم والهزيمة التي نعيشها، والافتتان بكل ما يأتينا من الغرب. لكننا لسنا بحاجة إلى إعادة كتابة الشعر، حسب الطرق التقليدية بل أرى أن الشعر الحداثي هو الذي سيبقى لأنه ابن عصره، أما اجترار الماضي فلن يضيف لجمال شعرنا القديم شيئًا جديدًا.

 كيف تقيم الصحافة الثقافية في العالم العربي؟ 

هناك تراجع في الصحافة الثقافية فغالبية الصحف العربية وبسبب تراجع مبيعاتها نتيجة شيوع وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية وتراجع مداخيلها المادية وإعلاناتها التجارية، قلصت صفحاتها وملاحقها الثقافية وبعضها ألغى صفحات الثقافة نهائيًا، كما أن العديد من الدول العربية لا تضع الثقافة كأولوية لها، فتجدها تنفق على الرياضة أو الإعلام أضعاف أضعاف ما تنفقه على الثقافة.

كما أن التلفزيونات العربية تتسابق لبث المسلسلات والأعمال الفنية وبرامج التسلية والترفيه والطبخ وحتى عمل الرقية والسحر، تعمل البرامج الثقافية إلا ما ندر، ولا توجد خطط حضارية للتعامل مع الثقافة ورصد ميزانيات كافية للمشاريع الثقافية وللمؤسسات الثقافية سواء المختصة بالإبداع أو الفنون أو الآداب أو التراجم أو الفلسفة أو الفكر، وبعض المجلات الثقافية تم إغلاقها، وللأسف يتم التعامل مع الثقافة بميزان الربح والخسارة المباشرين، ويتم الاستهتار بحقوق المبدعين والكتاب، ونادرًا ما نجد في عالمنا العربي كتابًا يعيشون من كتابتهم، فلا تطبق معايير حضارية لتوفير قوت يومهم فكيف سيتمكن الكاتب بدون دخل مناسب من شراء الكتب والتفرغ للإبداع وهو مضطر للعمل لتوفير الحد الأدنى من تكاليف الحياة.

 هل يحمل الشعر المصري الحديث خصائص تميزه؟ 

ربما يحمل شعر العامية المصرية تميزًا واضحًا، لا أعني الشعراء الراحلين مثل بيرم التونسي وأحمد فؤاد نجم وعبد الرحمن الأبنودي وصلاح جاهين وفؤاد حداد ونجيب سرور وسيد حجاب ومجدي الجابري وفؤاد قاعود ومرسي جميل عزيز ومأمون الشناوي وغيرهم والذين قدموا تجارب كبيرة وجددوا كثيرا في شعر العامية بل ربما وصلوا إلى مصاف شعراء الفصحى، وما زال شعراء العامية المعاصرون يواصلون الاجتهاد والبحث عن طرق جديدة للتعبير.

لكن ما لمسته أن بعض شعر العامية في مصر صار يكتب بطريقة قصيدة النثر نفسها، وهذا شيء مدهش فعلًا. أما الشعر الفصيح، فأجد أن الشعر في مصر مثله مثل غيره من الشعر في الأقطار العربية، والتجارب مفتوحة على بعضها البعض، لكن لم تعد هناك جماعات متنافسة في قصيدة الحداثة، وربما هناك ردة في الكتابة إلى الشعر التقليدي، ولكن لا زال للشعر حضوره في مصر، وهناك إقبال عليه، وهناك أسماء تحترم على المستوى العربي. 

حدثنا عن أعمالك الإبداعية تحت النشر

هناك مجموعة شعرية بعنوان "أترك النهر هامشًا وأمضي" ربما تصدر في القاهرة هذا العام، كما أنني أسعى للانتهاء من كتابة سيرة الطفولة وقد كتبت فيها الكثير، وقد وجدت أن استكمالها يحتاج إلى وقت طويل ففكرت بنشر الجزء الذي فرغت منه.