صدر حديثا للكاتبة هدى توفيق، رواية "محطة الثقافة"، عن دار نشر "الشواهين" وتُحكى الرواية بلسان المتكلم من خلال البطل بهلول الفقير، والمهمش من إحدى قرى الصعيد في محافظة سوهاج، واسمه الحقيقي جميل.
وكان أبرز ما يوجد عنده بروز في ظهره بأتب واضح، ولكنه شخص طيب وجميل الملامح والقلب؛ وهو في المرحلة الابتدائية أعطى شحاذ في الطريق فردة حذاءه؛ لأن لم يكن معه شئ يعطيه له؛ فأطلقت عليه أمه بهلول لأنه عبيط من وجهة نظرها، ولأنه أيضا من كفر يُسمى البهاليل، وشخص عفوي، ويستمر في الحكي عن حياته الأولى إلى أن أصبح موظف في الشؤون الاجتماعية؛ لكنه كان شاعرا ويحب الفن، ويتمنى أن يكون شاعر غنائي، ويُلحن للمطربين الكبار.
لكن بالطبع لم يتحقق شئ من أمنياته حتى الفتاتين اللتين أحبهما لم يستطع أن يرتبط بهما؛ لأن واحدة تركته مع العائلة التي نزحت إلى أسيوط، وقد أحبها في طفولته في كفر البهاليل قبل أن تنتقل عائلته إلى المنيا ثم بني سويف، والأخرى بنت الست كوكب هربت مع من تحب وتركته، ترك عمله كموظف، وانتدب جميل أو بهلول للعمل في مركز ثقافي في بندر محافظة بني سويف، وقد أصبح مسمى قططي هذا أخر لقب أطلقوه عليه؛ لأنه يجيد الحديث ويفلسف الأمور بطريقة مثيرة للجدل، وأطلق بفذلكة في مقر عمله الجديد على الفنانين(مطاريد الفن).
وكان مكان هذا القصر يطلق عليه كاملاً(محطة الثقافة)؛ لأنه مكان حيوي ومهم، وبجانب القصر كان يوجد منزل الست كوكب الأنس تاجرة شنطة، ودلالة ولديها ابنتين: الصغرى واسمها مريم التي أحبها جميل (بهلول أو قططي)، لكنها أحبت شخص آخر، والثانية الكبرى كانت معاقة ويرعاها في مقابل أن أعطته الست كوكب شقة صغيرة في الدور الأرضي بدون إيجار، وكانت فرصة لأنها قريبة من عمله في قصر الثقافة، وبدون مقابل مادي.
انحصر عالم قططي في خدمة مطاريد الفن، وخدمة الست كوكب وبنتيها حيث كان يعمل هناك رئيس الحراسة، وأمن المكان؛ لكن لحبه الشديد للفن ومطاريد الفن كان يشاركهم في كل شئ يحتاجوه، وهكذا بالنسبة لمنزل الست كوكب؛ لأنه كان يحبكلتيهما سواء السليمة أو المعاقة؛ ويخدمهما بكل إخلاص وحب.
يحكي البطل جميل كل هذا بفلسفة وسرد أقرب إلى النزعة الواقعية النفسية الذاتية في عدة فصول تشبه الفواصل المسرحية مثال: الفاصل الأول / بهلول / الفاصل الثاني / مطاريد الفن / الفاصل الثالث / كوكب الأنس / وهكذا حتى نصل إلى الفاصل الأخير/ انهاء مسرحي .حيث نصل أيضاً لنهاية الرواية.
وقد كان حريق القصر في حادثة مشهورة عام 2005؛ وأغلق القصر بسببه عدة سنوات حتى تم افتتاحه مرة أخرى في عام 2009م ، وأيضا ماتت الابنة المعاقة ابنة الست كوكب داخله مع صديقه في العمل ظريف أثناء احتفالات كانت تعرض في تلك الحادثة، وهربت الابنة الأخرى مع حبيبها، ومرضت الست كوكب جراء ما حدث لهما، ومات العديد من الفنانين في هذه الحادثة الكبيرة المؤسفة عام 2005م.
وبين قراءة الفاصل الأول / بهلول ، والفاصل الأخير/ انهاء مسرحي. نشعر بالشخصية الروائية، والكثير عن تحديد رؤية لشخصية جميل أو بهلول أو قططي، لكن عنوان الرواية ( محطة الثقافة ) كان له وظيفة إبداعية في بناء العالم السردي. وتصميم الغلاف، نسبة لوجود قصر الثقافة المركزي؛ فسميت بذلك الاسم؛ الذي أطلق عليه البطل أيضا الكائن العملاق، ثم سماه المارد العملاق بعد حريقه، وأيضا شخصية الست كوكب التي كانت تسكن بجواره ويعيش البطل عندها العالم الآخر في السرد الروائي. وكل الرواية تدور في هذين العالمين بالنسبة للبطل حتى يفقد الجميع، ويتمنى الموت، وقد أصبح وحيدًا بدونهم؛ بسبب الحادثة المشؤومة أي الحريق الهائل لقصرالثقافة في مهرجان كبير أقيم في تلك الفترة من زمن الرواية.