أعلن وزير القوات المسلحة الفرنسى سيباستيان ليكورنو فى مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية فى ٥ أغسطس أن باريس علمت أن «الوضع فى النيجر هش» وأن الرئيس بازوم قد يكون ضحية محاولة انقلاب ولا شك أن هذا البيان يستحق الدهشة خاصة فى ظل رد فعل إيمانويل ماكرون الذي بدا غاضبًا من هذا الحدث.
فى الحقيقة لم يهتف الرئيس الفرنسى: «النيجر بعد مالى أليس هذا كثير ! «؟
وفى الحقيقة تعد منطقة الساحل هى منطقة «شقاق عرقى - عرقي"حيث يعيش الجنوبيون المستقرون والبدو الشماليون فى تنافس إقليمى منذ فجر التاريخ كما أن النيجر بالإضافة إلى تشاد تمثلان حجر الزاوية لاستقرار منطقة الساحل بأكملها وإلى جانب كل هذه التهديدات التى يمارسها الجهاديون فى منطقة الحدود الثلاثة لبوركينا فاسو ومالى والنيجر والمعروفة باسم ليبتاكو جورما وتلك الناتجة عن قرب مناطق عمل بوكو حرام فى الجنوب الشرقى فإن البلاد مهددة بالصراعات الكامنة فى الشمال. كما أنه يقع أيضًا على مفترق طرق العبور ما بين أفريقيا جنوب الصحراء وأوروبا عند نقطة التقاء مراكز زعزعة الاستقرار فى ليبيا.
ومما يزيد الأمور تعقيدا فى النيجر حيث الصراعات فى الغرب والجنوب الشرقى كون أن الرئيس محمد بازوم من العرب فهو من قبيلة أولاد سليمان الليبية التى لديها امتداد فى تشاد وشمال شرق النيجر.
ولا ننسى أيضا أن الجزء الشمالى من النيجر هو الامتداد الإقليمى للشعوب الثلاثة المتصارعين فى جنوب ليبيا إلا وهم العرب والطوارق والتبو. وحاليا يتنافس التبو والطوارق للسيطرة على طرق التهريب وفى هذا السياق، يؤكد برنارد لوجان أن باريس ارتكبت خطأ كبيرا عندما تغافلت عن ان تعهد سياسة فرنسا الأفريقية الى مسئولين من ورثة «أسلوب ليوتى» ونهج الاختلافات العرقية للسكان الاصليين القدامى.
وبعد انتهاء عملية برخان فقد تم نشر ١٤٠٠ جندى فرنسى فى النيجر من بينهم ٤٠٠ من القوات الخاصة من عملية صبر الذين طردوا من واجادوجو فى فبراير ٢٠٢٣ وقد أنشأوا قاعدتهم فى بلدة أيورو على بعد ٢٠٠ ١ كيلومتر شمال غرب العاصمة نيامي.
أعن الأفريقى برنارد لوجان فى مايو ٢٠٢٣ أن «الخطأ الكبير الذى ارتكبناه هو إعادة جميع مواردنا التى كانت فى مالى وبوركينا فاسو إلى النيجر.. لقد وضعنا أجهزتنا العسكرية فى قاع هذا الإناء الضخم! «.
وفى هذا السياق لا يمكن لفرنسا التنصل من مسئولياتها وتوجيه أصابع الاتهام بشكل إلى روسيا. تركز المخابرات الفرنسية فى أفريقيا على عدوين: الجماعات الإرهابية وروس فاجنر.. وبما أن أفريقيا هى الجناح الجنوبى لحلف شمال الأطلسى فمن الصعب توجيه اللوم الى موسكو التى لا تتردد فى الاندفاع نحو الاختراق مستغلة أخطاء فرنسا التى تقاتل على الجبهة الأوكرانية.. انقلاب عقب الانقلاب، يبدو أن منطقة نفوذ فرنسا فى أفريقيا تتضاءل لصالح روسيا.. وإذا كان هناك تأثير جديد أخر مثل «لعبة الدومينو» فإن سوف يمر بالتأكيد عبر تشاد !
معلومات عن الكاتب:
أوليفييه دوزون.. مستشار قانونى للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى. من أهم مؤلفاته: «القرصنة البحرية اليوم»، و«ماذا لو كانت أوراسيا تمثل الحدود الجديدة؟» و«الهند تواجه مصيرها».. يواصل تحليله حول الأوضاع فى النيجر بعد الانقلاب الذى أطاح بالرئيس محمد بازوم.