تشهد هذه الأيام احتفالات الكنائس الأرثوذكسية بصوم العذراء، الذي بدأ يوم 7 أغسطس، ويمتد حتى يوم 22 أغسطس، وتأتي كنيسة العزباوية في مقدمة كنائس العذراء مريم من حيث مكانتها في قلوب الزوار.
ولذلك نضع أمام أعين القارئ خلال السطور التالية أهم المعلومات عن هذه الكنيسة الخاصة بالسيدة مريم العذراء، التي يقصدها ليس فقط المسيحيون، بل والمسلمون أيضًا..
«موقع الكنيسة» في القاهرة، شارع الكنيسة المرقسية، متفرع من شارع كلوت بك، هو عنوان كنيسة السيدة العذراء العزباوية، وليس كل الأوقات متاحة للزيارة، بل ثمة مواعيد معينة من الأسبوع مخصصة للزيارات، والرحلات، ويقصدها أعداد كبيرة على مختلف انتماءاتهم، سواء أرثوذكس أو بعض من المسلمين، سواء من مصر، أو حتى من خارجها.
«علاقة الكنيسة بالعائلة المقدسة» مرت العائلة المقدسة من موقع الكنيسة، خلال فترة هروبها من هيرودس الملك، الذي كان يملك على اليهودية آنذاك، وأمر حينها بذبح كل أطفال بيت لحم وكل تخومها من ابن سنتين فما دون، فهربت العائلة إلي مصر، وظلت بها حتى وفاة هيرودس، وقد تبارك هذا الموقع بمرور العائلة به، وكان الموقع في ذلك الزمان حقل لزراعة فاكهة البطيخ، وكان يملكه رجل، استضاف العائلة، وأحسن استقبالهم، ولبى طلب السيدة العذراء في أن يشربوا ماء، فأحضر لهم الرجل، مالك الحقل، ماء من بئر كان قريب جدا من موقع الحقل، وهذا البئر موجود حتى الآن ناحية الشمال، بجانب مكان دخول الكنيسة العزباوية.
ويذكر أن معجزة قد تمت في هذا المكان، حيث قالت السيدة العذراء لمالك الحقل الذي كان يقوم بزراعة البطيخ حينها، أن البطيخ سيثمر في الصباح الباكر، في حين أن الوقت الذي يحتاجه البطيخ ليثمر حوالي أربعة أشهر، وطلبت منه أن يخبر أي أحد يسأل عنهم في الصباح، أنهم مروا من هذا المكان وقت ما كنت أزرع البطيخ، وهو ما حدث بالفعل لأنهم مروا بالموقع وقت زراعة البطيخ، لكن بحضور رجال هيرودس في الصباح كان البطيخ مثمرا، فأدركوا أن العائلة مرت من هنا من أربعة أشهر، وهي فترة طويلة على محاولة تعقبهم، فكفوا عن اللحاق بهم، وعادوا يائسين من حيث ما أتوا.
«الأيقونة العجائبية» توجد بالكنيسة أيقونة أثرية شهيرة للسيدة العذراء، وهي تحمل طفلها يسوع، وتحت قدميه يوحنا المعمدان، وخلفه خروف صغير يشير إلي الذبيحة الحقيقية، هذه الأيقونة نُقِلَت عن صورة أصلية رسمها لوقا البشير والطبيب خلال القرن الميلادي الأول، وقد أُحضِرَت من خلال قمص يدعي عبد القدوس من دير السريان بوادي النطرون، بعد ما خصص حجرة داخل الكنيسة للسيدة العذراء مريم، ووضعها داخل مقصورة، وأشعل أمامها القناديل، ليتبارك بها كل من يزور المكان.
لُقِبَت الأيقونة، بأيقونة العجائب، لما نتج عنها من معجزات كثيرة، وطلبات تحققت ومشاكل حُلَّت بالصلاة أمامها، وحتى الطلبة كان التشفع بالأيقونة عونا لهم في دراستهم، وامتحاناتهم.
«أشهر معجزات العزباوية» يحكى عن أحد الآباء أنه في الأربعينيات من القرن الـ٢٠ حدثت معجزة لسيدة ليست مصرية، كانت يونانية الجنسية، وكانت تواظب على المجىء اليومي أمام الأيقونة للصلاة والبكاء بحرقة، لمدة ١٢ يوما متتالية، وكانت تستغرق صلاتها حوالي النصف ساعة، وبعد انتهاء صلاتها كانت تعطى كاهن الكنيسة مبلغ قدره ريالا، ليضعه في الصندوق ولعمل تمجيد أمام الأيقونة، ولما سألها الكاهن عن سبب كل هذا أخبرته أن ابنها مجند في الجيش الإنجليزي، وتم ترحيله إلى لبنان.
وكان يداوم على مراسلتها ليطمئنها، ولكن حدث أن آخر خطاب له أخبرها أنه مريض بشدة، وبعد هذا الخطاب انقطعت المراسلة، فقالت السيدة أخشى أن يكون مكروها قد حدث له، وأسمع عن معجزات الأيقونة وأريد أن الست العزباوية ترجعلي ابني سالما.
وفي أحد الأيام فتح الكاهن الباب صباحا كالعادة فوجد أول الزائرين الست اليونانية تجري عليه قائلة بصوت عال وبه فرحة أبونا أبونا هعمل تمجيد وهضع اليوم جنيها في الصندوق، فسألها الكاهن عن الجديد في الأمر، فأخبرته بأن ابنها راسلها في خطاب وطمأنها، وقرأت له الخطاب مترجمة له إياه قائلة: «بعد التحية، كنت مريضًا يا أمي جدا، وملازمًا الفراش، والست اللي أنت بَعَتِّيها لي بزجاجة الدواء هي سبب شفائي، وقالت لي والدتك أرسلتني إليك، وشربت من الزجاجة فشفيت في الحال، وسألتها عن اسمها فقالت لي أنا اسمي العزباوية». وبنفس اللهجة كتبها باليونانية هي العزباوية.