الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

الروائى الكبير إبراهيم عبد المجيد فى حوار مع «البوابة»: الإنسان بما اخترعه فى الحياة صار منفيًا عن الحرية

تجمد الزمن فى «حامل الصحف القديمة» نهاية لم أخطط لها

الروائي إبراهيم عبد
الروائي إبراهيم عبد المجيد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تدعو رواية الكاتب الروائى الكبير إبراهيم عبد المجيد الصادرة مؤخرا "حامل الصحف القديمة" للتأمل بمعناه الأشمل الذى من خلاله يكتشف القارئ عالمه الداخلى والواقعىأيضا ومن ثم يتشكل المستقبل.

وفى حواره مع "البوابة"؛ تحدث عبد المجيد عن أجواء كتابة روايته "حامل الصحف القديمة" التى حملت على متنها نوستالجيا بمذاق العزلة والحب، كما ذهب الحديث عن مدى تأثر الشخصية المصرية أثناء وبعد مرور أزمة الوباء، وعن إحياء أدب الرسائل وأشياء أخرى..

مزيد من التفاصيلفى نص الحوار التالي:

الروائي ايراهيم عبد المجيد

■ فى البداية.. ما هى أجواء كتابة عملك الأدِبى "حامل الصحف القديمة"؟ 

- هى الأجواء التى سبقتها حين كتبت ثلاثية الهروب من الذاكرة. كنت يائسا من علاج آلامى وعدم قدرتى على الحركة التى شخصها الأطباء خطأ بأنها خشونة فى الركبة، وكان عليّ القيام بتناول أدوية وبعلاج طبيعى لوقت طويل بينما التشخيص خطأ، لأن أصل المسألة كان ورما فى العمود الفقري، وكان العلاج الطبيعى أحد أسباب تضخمه. عرفت ذلك بعد أن انتهيت من الرواية للمرة الأولى.

اثناؤها استسلمت لليأس، وجعلت من عدم القدرة على الحركة فرصة للكتابة وانتظار الموت. بعد أن اكتشفت حقيقة المرض وتم علاجى منه، عدت إلى الرواية وراجعتها مرة أخيرة، ثم دفعت بها إلى دار الشروق للنشر. كنت أمضى اليوم جالسا لا أعرف الليل من النهار، وكانت الكتابة تعيننى على تجاوز الانتظار، وقطع الوقت الذى كنت أحس فيه أنى مخلوق فى أرض واسعة لا أعرف هل فيها غيرى وهل لها نهاية.

■ أشعر بأن كل شخوص الرواية تعبر عنك.. هل هذا الإحساس صحيح؟

- فى كل الرواياتلكل الكتّاب جانب من حياتهم، لكن الخيال يأخذها بعيدا عن السيرة الذاتية. ورغم أن هناك دراسات عن السيرة الذاتية فى الرواية،إلا أن الحقيقة هى أن السيرة بنت العقل، بينما الرواية مهما كان فيها من حياة الكاتب فهى بنت الخيال، لكن يمكن أن تجد تشابها فى القلق والأفكار.

■ "حامل الصحف القديمة" إضافة لأدب الأوبئة والمعروف أن هذا النوع من الأدب ينحصر ما بين رصد الواقع واستشراف المستقبل لكن يتفاجأ القارئ بتجمد الزمن فى الصحف القديمة التى يحملها بائع الصحف!.. ماذا تقول عن الزمن، المكان، الفلسفة، علم النفس؟

- الذى جعلها من أدب الأوبئة هو أن زمانها مع وباء كورونا. لكن الكورونا هنا لم تبعد الراوى وبعض شخوص الرواية عما حولهم من كورونا أخرى فيما يحدث فى المجتمع من سياسة.

أما تجمد الزمن فى "حامل الصحف القديمة" فهو نهاية لم أكن أخطط لها، مثل كل رواياتى لا أضع خطة لها، لكن يبدو أن الناس فى الرواية رأت فى الصحف القديمة حلا فى الهروب مما حولهم.

علم النفس قراءة قديمة مبكرة لى جعلتنى أفهم دوافع السلوك الإنساني، لكنى لا أعبر عن ذلك مباشرة، ولا أسعى لإيضاح سبب السلوك، بل أترك المواقف تعبر عن شخصياتها. الفلسفة حبى الكبير وقرأت فيها كثيرا، وتحتوينى الفلسفة الوجودية،وأشعر وأدرك أن هذا العالم لا معنى له، ولا حل مُرضى لنا من الآخرين.

■ فى روايتك الأحدث "حامل الصحف القديمة" نوستالجيا بمذاق العزلة والحب، غرق فيها البطل الكاتب الصحفي"إيمان الناظر" استدعى فيها قطعة من التاريخ الإنسانى الحديث ألا وهى العزلة الكبرى التى سقط فيها كوكب الأرض أثناء وباء كورونا.. إلى أى مدى تأثرت الشخصية المصرية أثناء وبعد مرور أزمة هذا الوباء؟

- الرواية أحداثها أثناء الوباء، وبطل الرواية والشخصية المقابلة له - حامل الصحف القديمة- مثقفين على دراية بالتاريخ، فمن الصدق الفنى أن يستدعيا تاريخ الأوبئة فى مصر من قبل، وما فعلته وكيف مرت الأيام. السبب هنا هو الصدق الفني، والعزلة تاريخ فى كل الأوبئة. لكن من حسن حظ المصريين أن الوباء الأخير لم يفتك بالآلاف، لذلك هناك شكوك عند بطل الرواية فى مصدر الوباء.

■ هل فقدت الكلمة قوتها؟

- الكلمة لم تفقد قوتها قط ولن تفقدها أبدا، لكن للأسف حين يتم محاصرة الكلام، ينفتح الباب للإرهاب.

■ هل فى رسائل صديق البطل إحياء لأدب الرسائل؟

- طبعا إلى حد كبير.

■ كيف تأثر مفهوم "الرسائل" فى وجود وسائل التواصل الاجتماعي؟

- صارت الرسائل أقل مساحة،  وأكثر إيجازا، ولم يعد هناك دور لساعى البريد.

■ هل من الجائز وصف إنسان العصر بالهش؟

- الإنسان ليس هشا، فتاريخه نضال من أجل الحرية والمساواة. من يرى الإنسان هشا هى النظم الديكتاتورية، التى وهى تستعين على الناس بالسجون والقهر، تنسى أن الإنسان أقوى ومن ثم تلجأ لذلك. تمر على الناس لحظات ضعف وسكون، لكن يأتى يوما الانفجار.

■ ما هى أزمة الإنسان المعاصر؟

- أزمة الإنسان المعاصر هى أزمته على طول التاريخ. هناك من هو فاعل فى مصيره، حتى ممن يختارهم بديموقراطيةمن حكامه، وتبدو الحياة مثل لعبة لا تنتهي. يختار حكاما ثم يغيرهم، فيختار غيرهم ثم يغيرهم، لكن أضيفت لأزمة الإنسان منذ الثورة الصناعية تقدم الآلة عليه، ورغم أنه هو الذى يخترعها ويقوم بتشغيلها،إلا أنه يخضع لقوانينها.

■ كيف تختار أسماء أبطالك؟

- قليلا ما أفكر فى ذلك. تقفز الأسماء أثناء الكتابة ملبية دعوة اللاشعورالذى يعرف قبل المؤلف كيف سيكون حال كل شخصية. يقوم النقد بالتفسيروهذا حقه ويسعدني،لكنى لا أفكر مسبقا فيما ستفعله الشخصية، وكيف يكون الاسم معبرا عنها.  لكن لأن الرواية بها الكثير من خبرات الحياة أقوم بتغيير الأسماء التى تعطينى الرواية حتى لا تصبح سيرة وحتى يتسع الخيال. هناك بعض الأصدقاءأدركوا أصل بعض الشخصيات  لكن لا تعليق غير الابتهاج.

■ "حامل الصحف القديمة" رواية تعتمد على الصورة.. هل تعتزم تحويلها لعمل سنيمائي؟ 

- كل رواياتى تعتمد على الصورة، ومع كل رواية أتلقى مكالمات من كتّاب سيناريو ومنتجين متحمسين،لكن السينما فى أزمة، ودائما ينتهى الأمر إلى لا شيئ.

■ لمن تقرأ الآن؟ محليا وعالميا؟

- أقرا كتبا فى الفكر السياسى والاجتماعىوالتاريخ، فى محاولة لاستعادة ذهنى بعد رحلة المرض الطويلة. للأسف لا أقرأ الروايات الآن لأن ذهنى يشطح منى أثناء القراءة، بينما فى الكتاب الفكرى حتى لو شردت، أستطيع أن أعود إلى الصفحات السابقة واكتب ملاحظاتي، وغالبا أكتب مقالات عما اقرأ من كتب فكرية.

■ وهل تتفق مع الآراء التى تقول بأن النقد غائب ولا يواكب حركة الإبداع الأدبي؟ وأيضا الترجمة؟

- لا أتفق مع الكلام عن غياب النقد، بل ألتمس عذرا للنقاد، فهناك فيض من الأعمال الروائية يستعصى على عدد النقاد، لكن هناك مقالات وندوات تتم أرى أخبارها على السوشيال ميديا. انتقاد النقاد أمر لا أحبه، فإذا كنت أنت لديك الوقت فليس كل الناس مثلك، وإذا كنت تنتظر القارئ فليس كل الناس لديها الوقت لتقرأ. أما الترجمة فأمر يطول الحديث فيه.

■ أين يقع الأدب المصري/ العربى على خريطة الأدب العالمي؟

- سؤال صعب يحتاج دراسة، لكن مؤكد أن الأدب العربى تتم ترجمته، وفى النهاية بالنسبة للمصرى ليس بالأمر الكافى.

■ ما يشغل تفكيرك الآن؟

- لا شيئ والله غير أن أنتهى من هذا الحوار ويأتى صديقى الصحفى الشاب محمد شبانة يصحبنى إلى المقهى نلعب "طاولة" فأضرب النرد فى الخشب كأنى أضرب كل من أفسدوا الحياة حولنا.

■ ما هى آخر مشاريعك الأدبية؟

- انتهيت من نوفيللا أو رواية قصيرة لم أنشرها بعد، وفى حالة استراحة من الكتابة، ولا أحب الحديث عن عمل لم ينشر.