الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

رولان لومباردى يكتب: الانطلاق نحو الفضاء.. الإمارات العربية المتحدة فى رحلة «غزو النجوم»!.. الدولة العربية الرائدة فى استكشاف المجال الفضائى وتعزيز مكانتها عالميا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تم إطلاق برنامج الفضاء الإماراتى فى عام ٢٠٠٦، كما تم إنشاء وكالة الفضاء الإماراتية فى عام ٢٠١٤ وترأسها سارة الأميرى، البالغة من العمر ٣٦ عامًا، وهى أيضًا وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة فى الإمارات العربية المتحدة. تٌقدر الميزانية السنوية لوكالة الإمارات العربية المتحدة للفضاء بحوالى ٥ مليارات يورو سنويًا.. والحقيقة أن الإمارات العربية المتحدة عزمت على أن تصبح أول قوة فضائية عربية وهو قرار لا رجعة فيه.
وطبقا للأرقام والحقائق، فإن الميزة الرئيسية للإمارات العربية المتحدة مقارنة بجميع الدول الأخرى فى العالم العربى والإسلامى هى قوة مواردها المالية الهائلة واحتياطياتها المالية المثيرة للإعجاب؛ وعلى سبيل المثال، يتابع الجميع الحالة الكارثية للاقتصاد فى إيران، والتى وصفها العديد من المراقبين بأن لها طموحات فضائية، وغالبًا ما يتم تقديم طهران كأهم منافس للإمارات فى هذا المجال. 
هناك ميزة أخرى للإمارات العربية المتحدة هى التعاون والشراكات التى تمكنت من نسجها فى وقت مبكر جدًا، منذ عقد من الزمن، مع قوى ووكالات أجنبية أخرى فى هذا المجال (ناسا، سينس، إيسا، جاكسا - اليابان، كارى – كوريا الجنوبية، إلخ).
بالإضافة إلى ذلك، يجدر بالذكر الإشارة إلى أن العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وإيران ليست متوترة أو حتى متعارضة كما قد يعتقد البعض؛ ولكن لا يجب أن ننسى أن لا شيء فى هذه المنطقة أبيض أو أسود! وطبقا لمبدأ البراجماتية، ساعدت الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات الأخيرة سوريا على التعامل مع العقوبات الدولية على صادراتها ووارداتها.
برنامج الفضاء السعودى
حتى لو كانت السعودية، القوة المالية الكبرى الأخرى فى الخليج، قد أرسلت بالفعل أول رائد فضاء عربى ومسلم فى التاريخ إلى الفضاء فى عام ١٩٨٥، إلا أنه منذ عام ٢٠١٥ - تحت قيادة الزعيم القوى الجديد فى البلاد، ولى العهد محمد بن سلمان، مُحدث المملكة الكبير والمؤثر- تم تطوير برنامج الفضاء السعودى وتسريعه بهدف أن يصبح قوة كبيرة فى هذا القطاع، على قدم المساواة مع جاره وحليفه (ونموذجه) الإمارات العربية المتحدة.
بالطبع، بعد تحالف جيوسياسى لا تشوبه شائبة من عام ٢٠١٥ حتى عام ٢٠٢١، يمكننا أن نكشف عن منافسة جديدة وملموسة بين القوتين الخليجيتين، ويعد هذا المجال جديدا للغاية فى التنافس بين الرياض وأبوظبى.


وعلى الرغم من صغر مساحتها، تتمتع الإمارات العربية المتحدة بميزة فى هذا المجال، وكذلك بشكل عام ويكمن ذلك فى تنوع مصادرها الاقتصادية ومن الأمثلة على ذلك تطوير قمر صناعى لأبحاث الأرض، دبى سات ١، بالتعاون مع كوريا الجنوبية، فى أوائل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، ثم قمر صناعى آخر من هذا النوع. ثم شركة الاتصالات الإماراتية ثريا، التى أنشأت فى عام ٢٠٠٠ أحد ثلاث شبكات عالمية للهاتف عبر الأقمار الصناعية. وفى عام ٢٠١٩، انطلق المواطن الإماراتى، هزاع المنصورى، إلى الفضاء فى مهمة لمدة ثمانية أيام على متن محطة الفضاء الدولية وكان أول مواطن فى البلاد يسافر إلى الفضاء. فى فبراير ٢٠٢٣، انطلق مواطن إماراتى آخر، سلطان النيادى، على متن سفينة فضائية سبيس إكس إلى المحطة الدولية فى مهمة لمدة ستة أشهر.
كما تم إطلاق مهمة الإمارات إلى المريخ، أو الأمل، باللغة العربية، بواسطة صاروخ يابانى H-IIA فى ١٩ يوليو ٢٠٢٠، وفى ٩ فبراير ٢٠٢١، دخلت المركبة الفضائية مدار المريخ، مما جعل الإمارات العربية المتحدة الدولة الخامسة (والأولى العربية!) التى تتمركز حول المريخ. وفى ٢٥ أبريل ٢٠٢٣، فشلت مهمة راشد ١، مع روبوت استكشاف القمر هاكوتو-R M١، فى الهبوط على القمر ولكن من المتوقع إطلاق مهمة راشد ٢ مع نسخة ثانية من روبوت الاستكشاف فى تاريخ لم يحدد بعد.
وأخيرًا، فى ٢٧ يونيو الماضى، افتتحت الإمارات العربية المتحدة مبادرتها لاستضافة الحمولة (Payload Hosting Initiative) (PHI) بإطلاق أول قمر صناعى، PHI-Demo. وهذه المبادرة تكمن فى توفير استضافة حمولة معيارية للأقمار الاصطناعية بهدف تعزيز الابتكار فى قطاع تكنولوجيا الفضاء، وتحفيز التعاون بين الجهات الحكومية والجامعات والشركات الناشئة.
الفخر الوطنى... والواقعية!
بالطبع، هناك الكثير من الفخر والتقدير لبرنامج الفضاء الإماراتي؛ وإضافة إلى ذلك فإن الإماراتيين يتقدمون وفقا لنهج عملى للغاية حيث يريدون تدريب متخصصيهم فى هذا القطاع بأى ثمن. وهكذا، كما ذكرنا مسبقا، يعملون مع العديد من الشركاء الدوليين؛ لقد وقعوا أيضًا العديد من الاتفاقيات مع جميع وكالات الفضاء الكبرى على هذا الكوكب كما أنهم يطورون العديد من البرامج الطلابية فى الإمارات ويرسلون أيضًا موظفيهم للتدريب فى الخارج.
وبالتالى، إلى جانب الشرف والمجد والقوة الناعمة التى تمثلها التطورات الإماراتية، فإن «دولة البندقية الجديدة فى الشرق الأوسط» (طبقا لما ذكرته فى كتابى الأخير) يجب أن نعلم جيدًا أن التنمية فى هذا المجال لها تأثير واضح لا مفر منه وأيضا أثر ضخم فى قطاعات أخرى ذات أهمية استراتيجية للغاية مثل الاتصالات والتكنولوجيا العالية وبالطبع العسكرية.
باختصار، إذا واصلت الإمارات العربية المتحدة تقدمها فى مجال الفضاء - الذى يعد أمرًا استراتيجيًا للغاية بالنسبة لها خاصة من حيث السيادة الوطنية - يمكنها فى المستقبل تحقيق تمويل كبير ومستمر لقطاعات كاملة من الاقتصاد المحلى والإقليمى لأن تطبيقات الفضاء حاسمة وغنية ومتنوعة للغاية.
 معلومات عن الكاتب:
رولان لومباردى رئيس تحرير موقع «لو ديالوج»، حاصل على درجة الدكتوراه فى التاريخ، وتتركز اهتماماته فى قضايا الجغرافيا السياسية والشرق الأوسط والعلاقات الدولية وأحدث مؤلفاته «بوتين العرب» و«هل نحن فى نهاية العالم» وكتاب «عبدالفتاح السيسى.. بونابرت مصر».. يتناول، فى افتتاحية العدد، اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة ببرنامج غزو الفضاء.