- لم تظهر سوى 10% فقط من قدراته.. والدكتور عبد الرحيم علي وطارق حجي ومصطفى الفقي يعلمون ذلك
- سافر إلى أمريكا فى سن الخمسين ليتعلم فنون الموسيقى.. وعاد ليُقدم أول أوبرا غنائية شعبية فى مصر
- كتبت عنه كتاب «صرخة نوح».. وصممت الغلاف نصف وجهه أبيض والآخر أسود
- كان مهمومًا بحب مصر.. وعلمني قيمة التاريخ الفرعوني
أكد الفنان التشكيلي والكاتب والمنتج حسين نوح، أن شقيقه الموسيقار الكبير محمد نوح كان بمثابة الأب الشقيق الأكبر وأنه له الفضل الكبير في أن يخوض تجربة الكتابة، وأن يكون له اسم كبير في عالم الفن التشكيلي والإنتاج والكتابة، مُشيرًا إلى أنه سوف يستمر في إبراز دور شقيقه التنويري حتى آخر لحظة من عمره.
وأضاف حسين نوح، أن شقيقه كان يعشق مصر وأنه تعلم منه قيمة هذا البلد وقيمة التاريخ الفرعوني، وكان دائما يقول له من تعلم حب حبيبته يتعلم حب بلده، مؤكدا أنه كان فنانا بدرجة مثقف، وجالس كبار المثقفين والشخصيات المهمة، حيث كان مهمومًا بحب مصر، وكان يعشق القراءة والتعلم، حتى أنه في سن الخمسين سافر إلى أمريكا ليدرس فنون وعلوم الموسيقى الحقيقية وعاد بعدها إلى مصر ليقدم أول أوبرا غنائية شعبية في مصر.
وعن الإنسان محمد نوح، قال شقيقه، إن والدهما رحل و«نوح» كان عمره 22 عامًا، فتحمل المسئولية منذ صغره، وتولى أمر كل أشقائه، حتى أن الجميع تعلم منه، وإلى نص الحوار..
* في البداية ماذا يمثل لك محمد نوح؟
- هو أبي وشقيقي وأدين له بمشواري كله، فعن طريقه أحببت بلدي مصر، وبفضله أنشأت فرقة النهار، وأصدرت ستوديو النهار، وهو من شجعني على الكتابة فقد نشأت وسط الصالون الخاص به، وحينما وجد بي موهبة الحكي أبلغني بضرورة الكتابة، فجاءت أول رواية لي بعنوان «تعاريج» وأصدرت عن دار الشروق وحققت مبيعات ضخمة، وسرت في درب الكتابة وأصبحت عضوًا في اتحاد الكتاب، وكتبت حوالي 5 كتب، وأيضًا كتاب عن محمد نوح بعنوان «صرخة نوح»، كما أكتب مقالات في العديد من الإصدارات الصحفية.
* وماذا عن أبرز اللقطات التي قمت برصدها في كتابك «صرخة نوح» عن الراحل محمد نوح؟
- أنا فنان تشكيلي وموسيقى ومنتج ومهندس ديكور وأيضًا كاتب، وحينما شرعت في كتابة «صرخة نوح»، قمت بتصميم لوحة الغلاف بنفسي، عبارة عن وجه نوح نصفه أبيض والنص الآخر أسود، ليرمز إلى المعاناة والخير في وقت واحد، ودعني أفصح لك عن شيء مهم، وهو أن ما ظهر من مواهب وإبداع وقدرات محمد نوح للناس ليس أكثر من 10%، ويعلم كلامي هذا العديد من الشخصيات والقامات الثقافية المهمة، وعلى رأسهم الدكتور عبدالرحيم علي، والدكتور طارق حجي، والدكتور مصطفى الفقي، وفي فصول الكتاب قدمت مشوار محمد نوح ومسيرته وحبه الكبير لمصر ودوره الوطني وتفرده في عالم الموسيقى، ودوره التنويري والثقافي.
وليس هذا فقط من خلال كتابه، ولكنني أفعل هذا من خلال الصالون الثقافي الذي أنظمه بحضور كبار مثقفي مصر، حيث أسعى دائمًا لتحقيق حلم «نوح» بأن يستمر التنوير دائمًا.
* وكيف ترى مدى تأثيره عليك بصفة خاصة؟
- «نوح» كان فنانًا مُثقفًا وقارئًا بشكل لم أر مثله في حياتي، وهذا ما جعل الكثيرون يطلقون عليه لقب المثقف والمستنير، ويعود إليه الفضل الكبير في أن أعشق القراءة وأحب الثقافة، فقد كنا حينما نعود من عملنا كموسيقيين كان يمر على المكتبات والأماكن التي تبيع الكتب ويختار الكتب التي يقرأها كل ليلة، وعشرتي معه جعلتني أهتم بهذا الأمر كثيرًا.
وأذكر أنه كان يجلس في كافتيريا بسوق الحميدية بباب اللوق، ويجلس معنا أمل دنقل ويوسف إدريس وزكي نجيب محمود وعبدالرحمن الأبنودي وسيد حجاب مدكور ثابت وكبار مثقفي مصر، وكان عمري وقتها 18 عاما، ومن هنا تشكلت أفكاري وتكون عقلي.
* هناك بعض الأشياء التي يعرفها الناس عن محمد نوح.. نود أن نلقي الضوء عنها؟
- دعني في البداية أصف لك طبيعة محمد نوح، فهو كان من ضمن الفنانين الذين يتصفون بالخجل، ولا يحب أن يتحدث عن نفسه كثيرًا، فلم يقل على نفسه أنه درس علوم الموسيقى الحقيقية، أو أنه كان يقوم بتدريسها في الأكاديمية.
وهنا لابد أن أذكر لك شيئًا مهما أنه لم يقل على نفسه أبدًا أن أعماله الموسيقية كلها من ألحانه، أو أنه كان يهتم طوال الوقت بأن يستكمل مشوار سيد درويش وأنه كتب ولحن الأوبرا الشعبية الوحيدة في مصر، وهي «ليلى يا ليلى» التي أخرجها جلال الشرقاوي وكتب أشعارها صلاح جاهين وجسد بطولتها كل من نيللي وإيمان البحر درويش وحسن كامي، وتم عرضها على مسرح جلال الشرقاوي.
وأود أن أضيف أن ثقافة محمد نوح جعلته يهتم بفكرة الموسيقى بشكل عام بمعنى الموسيقى بفكرها وخصوصيتها وليس مجرد تلحين الكلمات، حتى أنه كان في الخمسين من عمره وسافر إلى أمريكا ودرس في جامعة ستانفورد فنون الكتابة وفنون علوم الموسيقى ثم عاد بكتبها ليكتب أول أوبرا غنائية شعبية في مصر، هذا العمل تم عرضه في عام 1986 وساهم في إعادة الجمهور الحقيقي للمسرح.
وأذكر أن هذا العرض حضره عدد كبير من كبار الشخصيات منهم السيدة جيهان السادات والدكتور علي لطفي، رئيس وزراء مصر الأسبق، وفؤاد سراج الدين ووجيه أباظة وغيرهم، ودعني أقول لك أن «نوح» لو قدم هذا العمل فقط في مشواره فهذا يكفي جدًا.
* كيف تصف حب نوح لمصر؟
- محمد نوح كان مهمومًا بمصر، فكل أغانيه تجدها في عشق مصر، ودائمًا كان يقول «أنا أغني لمصر على أنها الحبيبة، واللي يعرف يحب حبيبته يعرف يحب أمه يعرف يحب بلده».
* وماذا عن محمد نوح الشقيق الأكبر ودوره الإنساني في حياتكم؟
- لو تحدثت عن الجانب العائلي في حياة محمد نوح لا بُد أن أوجه كلمة للشباب وهي أن يتعلموا مما فعله، فهناك من لا يعرف أن والدنا توفي وكان محمد نوح عمره 22 عامًا، حيث كان طالبًا في كلية التجارة، وكنا 6 أفراد، ثلاثة على أبواب الجامعة وثلاث بنات، ووقتها تولى محمد نوح أمرنا، وتحمل المسئولية كاملة، وعن نفسي لو كان لي اسم في عالم الفن التشكيلي في الوطن العربي أو في عالم الكتابة فالفضل له.
كما أن «نوح» جعلني أعرف قيمة مصر وقيمة التاريخ الفرعوني واحتكاكي بكل المثقفين السبب فيه «نوح»، حيث أقيم صالون الثقافي بحضور كبار المثقفين، منهم السفير محمد العرابي، ووزير البترول السابق أسامة كمال، ورئيس التليفزيون الأسبق أسامة الشيخ، والمخرجون محمد فاضل ومجدي أبوعميرة ومحمد حسن الألفي وغيرهم.
* وكيف ترى استمرارية الدور التنويري لمحمد نوح بعد رحيله؟
- محمد نوح هو الذي قال شيلي طرحة الحزن السودة وقال مدد شدي حيلك يا بلد، هذه الكلمات مهمة جدا لأننا أصبحنا في زمن حينما نستمع لكلمات أقل بكثير في مضمونها ومعناها ونحن الذين تربينا على الأطلال وشمس الأصيل وأنا المصري كريم العنصرين بلادي بلاي، فلابد أن يكون هذا مورثونا الفني والثقافي، وهذا ما نسعى إليه في أن تظل كلمات نوح ودوره التنويري مستمر، وسوف أجعل باقي عمري لإبراز دوره التنويري.
* وكيف ترى مشوار نوح مع التمثيل؟
- بالطبع أراه مميزا للغاية، وعلى الرغم من أنه قدم حوالي 300 عمل فني منهم زقاق السيد البلطي لتوفيق صالح، الدخيل مع محمود المليجي والزوجة الثانية مع سعاد حسني وصلاح منصور، ولكن لم يعرض منها سوى عدة أعمال قليلة، وكان أداؤه التمثيلي مميزًا للغاية، وحلته بصفة عامة رائعة وثرية.
* وماذا عن الموسيقي التصويرية التي وضعها للعديد من الأعمال الفنية؟
- قام نوح بوضع الموسيقى التصويرية لعشرات الأعمال الفنية، منها المهاجر مع يوسف شاهين ومرسيدس مع يسري نصر الله وقلب جريء مع محمد النجار، كما قدم رحلة العائلة المقدسة وكان يؤمن بالمواطنة ودورها الكبير في تنوير الشباب المصري.