"وراء كل حضارة عظيمة امرأة" مقولة جديدة ترصد دور المرأة فى الحضارة المصرية، أطلقها خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار فى نهاية محاضرة أون لاين بعنوان "ملكات الفراعنة دراما الحب والسلطة"، ألقاها عالم الآثار الشهير والروائى الدكتور الحسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية فى إطار خطة حملة الدفاع عن الحضارة المصرية وفريق أحفاد الحضارة المصرية فى نشر الوعى الأثرى بقيمة الحضارة المصرية، أدارها الدكتور عبد الرحيم ريحان رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية والآثار محمد حمادة مؤسس ورئيس فريق أحفاد الحضارة المصرية.
وأوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان لـ"البوابة نيوز" أن مقولته جاءت بعد جولة أثرية علمية للدكتور الحسين عبد البصير رصدت دور المرأة العظيم فى صنع الحضارة المصرية ليسجلها التاريخ كى تحكى للأجيال المتعاقبة قصة الحضارة المصرية ودور المرأة المصرية فى صناعتها وازدهارها وقد أشار الدكتور الحسين عبد البصير إلى أن المرأة مقدّسة ومكرّمة ومحترمة المقام للغاية في مصر القديمة ولولاها ما كانت مصر القديمة؛ فهي رمانة الميزان ومركز الدفع والتحفيز على العمل والإبداع وشحذ الهمم والطاقات لدى رجال مصر العظام، وقد سبقت مصر العالم في احترام المرأة ومنحها حقوقها كاملة، وتمتعت المرأة في مصر القديمة بمكانة عالية وحظيت بحقوق كثيرة لم تحظِ بها مثيلاتها في العالم القديم، بل في العصر الحديث إلّا منذ فترة قريبة، وكانت المرأة مساوية للرجل ومشاركة له في الحياة، وملازمة له في العالم الآخر وكانت المرأة المصرية القديمة هي سيدة مجتمعها، ووصلت لأعلى درجات التقدير فيه، حيث حملت العديد من الألقاب سواءً في البيت أو في القصر أو المعبد أو في المجتمع، ومنذ عصر مبكر حكمت المرأة المصرية القديمة البلاد بانفراد مما يدل على عظمة الشخصية المصرية ومدى تحررها وانفتاحها والسماح للملكات بأن يعتلين عرش مصر مثل الرجال .
وتابع الدكتور ريحان بأن المحاضرة رصدت علاقة المرأة بالرجل القائمة على الحب لزوجها وكانت محل تقدير أبنائها، وصُورت المرأة واقفة إلى جوار زوجها في حجم مقارب لحجمه. وتطوق جسده بذارعها، وتضع يدها اليمنى أسفل صدره، وتلامس بيدها اليسرى ذراعه الأيسر في حنان وحب واضحين، ودور المرأة المصرية في الدفاع عن الوطن حيث جسّدت الملكة المناضلة "تِتي-شيري" دور كبير في تحرير مصر من احتلال الهكسوس على يد حفيدها الملك أحمس الأول الذي حرَّر مصر من احتلال الهكسوس وطاردهم إلى خارج الحدود المصرية كما أسهمت أمه الملكة إياح حتب الأولى في تسيير الفرق العسكرية، ولعبت دورًا كبيرًا في الدفاع عن العاصمة طيبة، وعُثر ضمن آثارها على عدد كبير من الآثار العسكرية مثل فأس يدوية وخنجر وأنواط عسكرية على شكل قلادات الذبابات الذهبية مما يؤكد على عظم دورها العسكري الفريد. كما حملت الملكة أحمس-نفرتاري اللقب الديني الكاهنة الثانية للإله آمون. ومن خلال هذا اللقب منحها زوجها أحمس الأول وأبناؤها العديد من الأوقاف للأبد، وكذلك منحها اللقب الديني الجديد "الزوجة الإلهية للإله آمون" وصار اسمها منقوشًا في عدد كبير من المعابد. وقامت المرأة الطموح والقوية الملكة حتشبسوت بالوصاية على ابن زوجها لفترة ما، ثم داعبها طموحها وبريق السلطة وروعة العرش وإغراء الحكم، فتصرفت كأنها ملك ذكر، وكانت عظيمة العظيمات وجميلة الجميلات، والمرأة القوية التي هزت الدنيا وغيرت الرياح في اتجاهها، ولم يكن هناك مثيل لقدرتها الكبيرة على إدارة حكم البلاد.
واستطرد: ولعبت الملكة تي دورًا كبيرًا في حياة وحكم زوجها وأنجبت له وريثه وولى عهده الملك أمنحتب الرابع أو الملك أخناتون بعد ذلك، واعتبرت الملكة تي إلهة السماء الأم وفاقت قوة المرأة الجميلة الملكة نفرتيتي قوة الرجال، وشاركت في أمور الحكم، وكانت ذات دور كبير في تحريك السياسة وتوجيه دفة الحكم في عهد زوجها فرعون التوحيد الملك الفيلسوف أخناتون أمّا جميلة الجميلات نفرتاري فكانت ملكة قوية ومؤثرة بقوة في عهد زوجها نجم الأرض الملك رمسيس الثاني ولعبت دورًا كبيرًا في الشؤون الدبلوماسية في الدولة المصرية العريقة؛ نظرًا لما كانت تتمتع به من مهارات عديدة مثل فنون الكتابة والقراءة وأصول وفنون علم المراسلات الدبلوماسية، فأفادت مصر بمهاراتها الكبيرة وزوجها، فضلًا عن حبها لزوجها الملك مما جعل من قصة حب رمسيس الثاني ونفرتاري أعظم قصص الحب التي خلدها الإنسان في الحجر والفن قبل أن يخلدها البشر في فنون الأدب والقول. وكان من فرط وعظم حب وإعزاز وتقدير رمسيس الثاني لزوجته المحبوبة نفرتاري هو تصويرها معه في معظم آثاره، وبناء الآثار الكبيرة والجميلة لها مثل معبدها إلى جوار معبده الشهير في "أبو سمبل". وتم السماح لبعض الملكات بتشييد مقابر ملكية بين مقابر الملوك الخالدين من حكام مصر تكريمًا وتقديرًا لهن. وأمر رمسيس الثاني بإنشاء مقبرة رائعة لها في وادي الملكات هي الأجمل بين مقابر الوادي الجميل.