أصبحت علاقة أوكرانيا بشركائها الدوليين معقدة بشكل متزايد، وربما كان من المحتم أن تنشأ التوترات والاختلافات في الرأي بين كييف وحلفائها مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، بحسب ما ذكرت قناة "سي ان بي سي" الأمريكية.
وقالت القناة أنه يتعين على أوكرانيا أن تسير على خط رفيع مع أصدقائها الدوليين، حيث أنها تعتمد على شركائها للحصول على معدات عسكرية بمليارات الدولارات، بالإضافة إلى أشكال أخرى من المساعدة الإنسانية والمالية، كما أنها تحتاج إلى إمدادات مستمرة ومتزايدة من الأسلحة لمحاربة روسيا. ومع ذلك، فإنها تصر على أن تقاتل ليس فقط من أجل بقائها ولكن من أجل الغرب أيضا، في مواجهة روسيا المعادية والتي لا يمكن التنبؤ بها، علي حد وصف القناة.
وتعهد أكبر المتبرعين لكييف، وهما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، الذين قدموا أكثر من 40 مليار دولار و 4 مليارات دولار من المساعدات الأمنية لأوكرانيا، على التوالي، بدعم أوكرانيا حتى النهاية. وأصبحت عبارة "مهما تطلب الأمر" شعارا يتكرر غالبا في التجمعات العامة للحلفاء الذين يقيمون الحرب والاحتياجات العسكرية لأوكرانيا.
وأشارت القناة إلي أن كييف شكرت مرارا شركائها على مساعدتهم، لكن وراء الكواليس، وصلت الإحباطات أيضا إلى ذروتها، وتعارضت احتياجات أوكرانيا ومطالبها المستمرة بالاعتبارات العسكرية والسياسية لحلفائها في بعض الأحيان، مما أدى إلى مواجهات غير مريحة.
وفي الآونة الأخيرة، ظهرت توترات بشأن الاستراتيجية العسكرية لأوكرانيا ومطالبها من حلف شمال الأطلسي (الناتو). ويقال إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أغضب بعض الحلفاء قبل قمة الناتو الأخيرة في عاصمة ليتوانيا، فيلنيوس، في يوليو الماضي، عندما وصف عدم وجود جدول زمني بشأن القضية الشائكة لعضوية الناتو، و"الشروط" التي يجب تلبيتها قبل الدعوة للانضمام، على أنها "سخيفة"، وفقا للقناة.
وبالنسبة لبعض المسؤولين في واشنطن ولندن، كان قرار زيلينسكي بإخبار مؤيديه المخلصين بأن أوكرانيا تستحق "الاحترام"، بالتزامن مع اجتماع الناتو لمناقشة الدعم الإضافي لكييف، بمثابة "تجاوز".
واستاء وزير الدفاع البريطاني بن والاس، الذي ربما كان غير مثقل برحيله الوشيك عن المنصب، من تصريحات زيلينسكي، قائلا إن كييف يجب أن تأخذ في الاعتبار الإرهاق بسبب الحرب وأيضا مراعاة المتشككون بين حلفائها في المبلغ الهائل من التمويل المستمر.
واضاف إن المملكة المتحدة لا يمكنها تزويد كييف بأسلحة لا نهاية لها عندما تطلب أوكرانيا ذلك، بحسب القناة.
كما لم ترحب واشنطن بتعليقات زيلينسكي، وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية نقلا عن مصادر أن المسؤولين الأمريكيين كانوا غاضبين للغاية لدرجة أنهم فكروا لفترة وجيزة في تقليل ما سيتم تقديمه لكييف خلال قمة الناتو.
وقال مصدر مطلع طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الوضع، في تصريحات نشرتها القناة، أن "التعليقات التي أدلى بها زيلينسكي قبل القمة الأخيرة لم يكن لها صدى جيد في واشنطن. وإن الإدارة الأمريكية كانت منزعجة للغاية."
وأشار المصدر إلى أن واشنطن كانت منزعجة أيضا من تجاهل أوكرانيا لنصيحتها في الحرب مع روسيا، مما جعل مسألة الناتو أكثر إحباطا للبيت الأبيض.
وأوضح أن "الولايات المتحدة تنصح أوكرانيا بشدة بعدم القيام بأشياء معينة، لكن كييف تفعلها على أي حال، وتتجاهل أو لا تعالج مخاوف الولايات المتحدة. ومن ثم يأتون إلى الولايات المتحدة أو واشنطن أو إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن يشتكون من عدم مشاركتهم في محادثات الناتو."
لكن في النهاية، وقف حلف الناتو بحزم خلف كييف وشدد على وحدتها، مع التركيز على الهدف الأكبر: ضمان عدم "انتصار" روسيا في الحرب ضد جارتها، وذلك من أجل منع موسكو من مهاجمة الجمهوريات السوفيتية السابقة الأخرى. ومع ذلك، يجب علي أوكرانيا السير على خط رفيع بين المطالب والضغوط التي تفرضها على حلفائها وتقدير وجهات نظر شركائها وأولوياتهم واعتباراتهم السياسية.