يمثل اتهام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بمحاولة قلب هزيمته في الانتخابات عام ٢٠٢٠، جبهة جديدة فيما وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن هذا الاتهام بمعركة الديمقراطية الأمريكية.
إنها القضية التي وصفها بايدن بأنها أكثر النضالات أهمية خلال فترة رئاسته. والتهم الجنائية هي تذكير بمخاطر حملة العام المقبل، عندما يأمل ترامب في مباراة ثانية مع بايدن. وجاءت الاتهامات الجنائية الأخيرة ضد دونالد ترامب لتمثل اختبارًا غير مسبوق لتحمل الضغط للنظام السياسي الأمريكي. ترامب متهم بالتآمر وعرقلة محاولته قلب خسارته في انتخابات ٢٠٢٠ ، في قضية جنائية ظهرت في الوقت نفسه كمحاولة من الناخبين لإعادته إلى البيت الأبيض.
تحدٍ صارخ
وذكرت صحيفة "الأسوشيتدبرس" أن الدراما القانونية والسياسية المتداخلة تمثل تحديًا صارخًا للرئيس جو بايدن الذي يعيد ترشيح نفسه لانتخابه ٢٠٢٤ . على الرغم من أن بايدن جعل حماية الديمقراطية حجر الزاوية في جدول أعماله وحملته، فقد تعهد أيضًا باحترام استقلالية العملية القضائية.
والنتيجة هي أن بايدن سيشعر على الأرجح بأنه مضطر إلى التزام الصمت بشأن قضية قد ترسل المرشح الرئاسي الجمهوري البارز إلى السجن، على الرغم من أن التهم تتوقف على السلوك الذي وصفه بايدن بأنه تهديد وجودي.
من جانبه؛ قال باتريك غاسبارد، الذي شغل منصب المدير السياسي للبيت الأبيض في عهد الرئيس باراك أوباما: "هذا هو الموقف الذي اتخذوه ، وهذا هو الموقف الذي سيحتاجون إلى الحفاظ عليه لأنه لا يمكن أن يكون هناك أي تلوث سياسي للإجراءات على الإطلاق".
التزم بايدن الصمت المماثل بعد لوائح الاتهام السابقتين لترامب هذا العام. في نيويورك، اتهم المدعي العام في مانهاتن ترامب بتزوير سجلات تجارية تتعلق بمدفوعات مالية لممثلة إباحية سابقة. في وقت لاحق، قال ممثلو الادعاء الفيدراليون إن ترامب احتفظ بشكل غير صحيح بوثائق سرية في منتجع مار إيه لاغو في فلوريدا بعد مغادرته منصبه وعرقل تحقيقًا يهدف إلى استعادتها. وجاءت لائحة الاتهام الثالثة يوم الثلاثاء.
ترامب، الذي دفع بأنه غير مذنب في كلتا الحالتين، يتفوق على الساحة المزدحمة بالنسبة لترشيح الحزب الجمهوري. كما يواصل نشر نفس الأكاذيب حول تزوير الناخبين الذي غذى هجوم ٦ يناير على مبنى الكابيتول، والذي أوقف الانتقال السلمي للسلطة من ترامب إلى بايدن.
ويزيد رفض ترامب المستمر لقبول هزيمته من المخاطر في كل من لائحة الاتهام الأخيرة وانتخابات عام ٢٠٢٤. من شأن التبرئة في قاعة المحكمة أن تعزز سمعة ترامب في التهرب من العواقب. قد يؤدي الفوز في صناديق الاقتراع - سواء في الانتخابات التمهيدية أو العامة - إلى بناء علامته التجارية في رفض الانتخابات.
بايدن والشرعية
وواجه أكثر من ١٠٠٠ شخص اتهامات تتعلق بأعمال الشغب عام ٢٠٢١، يعتقد ١٦ ٪ فقط من الجمهوريين أن ترامب تصرف بشكل غير قانوني فيما يتعلق بأحداث ذلك اليوم ، وفقًا لاستطلاع أجراه مركز Associated Press-NORC لأبحاث الشؤون العامة.
وجد بحث إضافي من AP VoteCast ، وهو مسح وطني للناخبين، أن ٦٢ ٪ من الناخبين الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي لعام ٢٠٢٢ يعتقدون أن بايدن لم ينتخب بشكل شرعي.
من جانبها؛ وصفت روث بن غيات، أستاذة التاريخ في جامعة نيويورك، الأكاذيب الراسخة المنتشرة بأنها "منطقة مجهولة" للديمقراطية، وقالت: "لم أسمع قط بمثل هذا النجاح للخداع الجماعي بهذا الحجم". ولم يترك بايدن أدنى شك في أنه يرى ديمقراطية البلاد معلقة في الميزان.
وكان المشاغبون لا يزالون في مبنى الكابيتول يوم ٦ يناير عندما أدان "الهجوم غير المسبوق" الذي أجبر المشرعين على الاختباء وأخر المصادقة على فوزه في الانتخابات. وقال بايدن، مع اقتراب موعد تنصيبه بعد أسابيع، "إن عمل السنوات الأربع المقبلة يجب أن يكون استعادة الديمقراطية".
وذهب بايدن إلى مبنى الكابيتول في الذكرى السنوية الأولى للهجوم للتعهد بأنه لن يسمح لأحد بوضع خنجر في حلق الديمقراطية.
تهديد الجمهورية
واستهدف ترامب مرة أخرى في خطاب ألقاه خارج قاعة الاستقلال في فيلادلفيا بينما كانت البلاد تستعد للتصويت النصفي، قائلاً إن سلفه يمثل "تطرفًا يهدد أسس جمهوريتنا".
وأضاف: "لقد قلنا لأنفسنا لفترة طويلة أن الديمقراطية الأمريكية مضمونة، لكنها ليست كذلك.. علينا أن ندافع عنها، ونحميها، وندافع عنها".
وأشار بريان كلاس، الأستاذ المشارك في السياسة العالمية في جامعة كوليدج لندن والذي يدرس الديمقراطية والاستبداد، إلى أن بايدن سيواصل مواجهة رد فعل الجمهوريين لقرار وزارة العدل بمحاكمة ترامب.
وقال كلاس: "على المدى الطويل ، يتمثل الخطر الأكبر في عدم مواجهة عهد ترامب بالمساءلة عن السلوك الإجرامي الحقيقي".. ستضع معيارًا ستظل أمريكا عالقة به إلى الأبد".
وكافح بايدن من حين لآخر للوفاء بتعهداته بشأن الديمقراطية بشكل كامل.
ووقع الرئيس تشريعًا يهدف إلى تبسيط عملية التصديق على الانتخابات ، لكنه لم يتمكن من إحراز تقدم في الحماية الوطنية لحقوق التصويت. لقد عارض الجمهوريون وقليل من الديمقراطيين لا يريدون تجاوز القواعد المماطلة في مجلس الشيوخ.
كان بايدن متقلبًا أيضًا في الترويج للديمقراطية في الخارج. وقد عقد مؤتمرات قمة افتراضية حول هذا الموضوع ، قائلاً إن العالم "يحول التيار" ضد الاستبداد، لكن الاعتبارات الجيوسياسية دفعته إلى اتخاذ لمسة أكثر ليونة في بعض المواقف.
بايدن واختبار الديمقراطية
ويتوقع حلفاء بايدن أن تظل الديمقراطية محور تركيز حملته لإعادة انتخابه، حيث كانت هناك صور من أعمال الشغب في ٦ يناير في فيديو إعلانه. لكنهم لا يرون سببًا يجعله يخرج عن صمته بشأن لائحة اتهام ترامب.
وقال جون أنزالون، خبير استطلاعات الرأي في حملة بايدن لعام ٢٠٢٠: "كل هذا يتحدث عن نفسه".
وأضاف أنزالون: "إن وجود ترامب ذاته يشكل تهديداً للديمقراطية". طالما أنه يرشح نفسه للرئاسة، فإن الناس سيشعرون بالقلق".
وقد يواجه ترامب المزيد من التهم هذا الشهر فيما يتعلق بمحاولته قلب خسارته في الانتخابات. حيث يحقق مدع عام في جورجيا فيما إذا كان قد انتهك أي قوانين ولاية هناك.
وقالت آنا جرينبيرج، وهي مستطلعة آراء ديمقراطية، إنها تعتقد أن جميع القضايا الجنائية ستثقل كاهل ترامب في نهاية المطاف حتى لو لم يتخلَّ عنه أكثر مؤيديه المخلصين.
