تحذيرات عالمية، وتهديدات للأمن الغذائي العالمي بعد ارتفاع أسعار القمح خلال التعاملات الآسيوية، اليوم الجمعة، بعد إعلان روسيا إغلاق ميناء نوفوروسيسك الروسي، عقب تعرضه لهجوم بطائرات مسيرة.
وبحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبرج" فإن سعر القمح ارتفع بنسبة 2.6% ليقلص خسائره الأسبوعية، وأعلنت شركة "كونسرتيوم خط أنابيب بحر قزوين" غلق الميناء، مع استمرار عمليات تحميل ناقلات النفط الراسية بالفعل داخل الميناء، الذي يستخدم أيضًا في تصدير الحبوب والأسمدة والفحم.
هجوم على ميناء نوفوروسيسك الروسي
وكانت وزارة الدفاع الروسية في موسكو تعرض ميناء نوفوروسيسك لهجوم بزوارق وطائرات مسيرة، وقالت السلطات، إنه تم التصدي للزوارق المسيرة في نوفوروسيسك بنيران السفينتين "اولينغوروسكي غورنياك" و"سوفوروفيتس"ـ دون وقوع أي إصابات أو أضرار.
أسعار القمح والسلع الغذائية العالمية
وعلى صعيد متصل، قالت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، اليوم الجمعة، أن أسعار السلع الغذائية العالمية ارتفعت في يوليو الماضي، متأثرة بإنهاء مبادرة حبوب البحر الأسود والتي كانت تسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية إلى الخارج إضافة إلى القيود الجديدة على الأرز.
وبلغ مؤشر الفاو لأسعار السلع الغذائية، ارتفع في يوليو بنسبة 13% عن الشهر السابق بينما انخفض بنسبة 11.8% عن يوليو من العام الماضي 2022.
وأوضحت المنظمة في تقرير لها اليوم الجمعة وزعته فى جنيف أن هذه الزيادة جاءت مدفوعة بقفزة حادة في مؤشر أسعار الزيوت النباتية الذي ارتفع بنسبة 12.1 % عن شهر يونيو الماضي وذلك بعد سبعة أشهر من التراجعات المتتالية، إضافة إلى أسعار زيت عباد الشمس الدولي بنسبة تزيد عن 15% في الشهر، وعزت المنظمة ذلك إلى تجيدد الشكوك المحيطة بالإمدادات القابلة للتصدير بعد قرار الاتحاد الروسي إنهاء تنفيذ مبادرة حبوب البحر الأسود.
وذكر التقرير، أنه بالنسبة لأسعار الحبوب فإن مؤشر المنظمة انخفض بنسبة 0.5 % عن شهر يونيو مدفوعا بانخفاض بنسبة 4.8 % في الأسعار الدولية للحبوب الخشنة بسبب زيادة الإمدادات الموسمية من الذرة من المحاصيل الجارية في الأرجنتين والبرازيل وربما إنتاج أعلى من المتوقع في الولايات المتحدة في نفس الوقت الذي ارتفعت أسعار القمح العالمية بنسبة 1.6 % وهي أول زيادة شهرية لها في تسعة أشهر بسبب عدم اليقين بشأن الصادرات من أوكرانيا وكذلك استمرار ظروف الجفاف في أمريكا الشمالية.
ارتفاع أسعار الأرز
وفيما يخص أسعار الأرز، قالت المنظمة، إن الأرز ارتفع مؤشر جميع أنواعه بنسبة 2.8 % على أساس شهري و19.7 % على مدار العام ليصل إلى أعلى مستوى أسمي له منذ سبتمبر 2011 وذلك على خلفية حظر الهند في 20 يوليو الماضي على صادراتها من أنواع من الأرز.
شروط روسيا لعودة اتفاق الحبوب الأوكرانية
ويوم الأربعاء الماضي، أعاد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، شروط بلاده لعودة العمل باتفاق تصدير الحبوب، ومنها تسهيل تصدير الحبوب والأسمدة الروسية.
الشروط تشمل كذلك "إعفاء توريدات الحبوب والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية من العقوبات، واستئناف توريدات المكونات وقطع الغيار للمعدات الزراعية". ضرورة "حل كافة القضايا المتعلقة بتأمين السفن والصادرات الروسية واستئناف كافة العمليات اللوجستية وضمان توريدات الأسمدة من روسيا دون أي عائق".
وحذرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، من أن هذا الضغط التصاعدي لأسعار الأرز يثير مخاوف كبيرة تتعلق بالأمن الغذائي لقطاع كبير من سكان العالم وخاصة الأكثر فقرا والذين يخصصون حصة أكبر من دخولهم لشراء الغذاء.
وقف اتفاقية تصدير الحبوب
وكان "الكرملين" قد أعلن في 17 يوليو 2023 عن توقف اتفاق الحبوب، وأبلغت روسيا رسميا كلا من تركيا وأوكرانيا والأمانة العامة للأمم المتحدة باعتراضها على تمديد "صفقة الحبوب".
ويأتي ذلك القرار بعد مرور عام من توسط الأمم المتحدة وتركيا في الاتفاق عام 2022 لمواجهة أزمة الغذاء العالمية التي تفاقمت بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا الذي اندلع في فبراير 2022، حيث إنه بعد وقوع الحرب بين البلدين أعربت الكثير من دول العالم عن مخاوفها من وقوع مجاعة خاصة في البلدان الفقيرة في أفريقيا والشرق الأوسط، حيث يعتمد 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم على الحبوب الأوكرانية، وفقا لأرقام برنامج الغذاء العالمي.
وأتاح الاتفاق تصدير حوالي 33 مليون طن من الحبوب من الموانئ الأوكرانية لا سيما القمح والذرة ما ساهم في استقرار أسعار المواد الغذائية عالميا واستبعاد مخاطر حصول نقص.
وكانت أكبر الدول المتلقية للحبوب الأوكرانية خلال سريان الاتفاق هي الصين وإسبانيا وتركيا وإيطاليا، بينما تأثرت 14 دولة من وقفه، منها 6 في الشرق الأوسط هي: تونس والجزائر واليمن ومصر والمغرب والسودان.
ما هي خيارات أوكرانيا لتصدير الحبوب؟
ونشرت شبكة "سكاي نيوز" تقرير تحليلي حول خيارات أوكرانيا لتصدير الحبوب ، حيث أكدت أن المرور عبر نهر الدانوب، يشكل آخر ملاذ لشحن الحبوب عبر ممر مائي، وتدرس أوكرانيا عدة خيارات، وفق تقارير غربية وصحفية، تضمن لها التصدير بعيدا التهديدات الروسية، وأبرزها:
- التصدير من موانئ كرواتيا، واتفقت أوكرانيا وكرواتيا على استخدام موانئ الأخيرة.
- عبر نهر الدانوب، وكان يمر فيه ربع صادرات الحبوب الأوكرانية أثناء سريان اتفاق الحبوب.
- عبر رومانيا، والتي أعلنت الخميس أن 30 سفينة تنتظر دخول أراضيها من موانئ أوكرانية على الدانوب بعد الهجوم على ميناء "إسماعيل".
- الخيار الدبلوماسي، وذلك بفتح حوار عبر تركيا والأمم المتحدة لمساعدتها في تأمين ممر الحبوب.
- الطريق البري، ويعتمد هذا على طرق تصدير برية وخطوط سكك حديدية مع دول الجوار.
- خيار عسكري، بتوجيه ضربات ضد السفن الروسية في البحر كضغط على موسكو.
صندوق النقد الدولي من انهيار اتفاقية الحبوب
من جانبه دق صندوق النقد الدولي ناقوس الخطر؛ حيث قال إن أسعار الحبوب مرشحة للارتفاع بنسبة بين 10 إلى 15% بعد انهيار اتفاقية الحبوب.
وكان قد قال صندوق النقد الدولي، في يوليو 2023، إن انسحاب روسيا من الاتفاق الذي يسمح بالصادرات الأوكرانية عبر البحر الأسود يفاقم أزمة الأمن الغذائي العالمي ويخاطر بزيادة تضخم أسعار الغذاء، خاصة بالنسبة للبلدان المنخفضة الدخل، وقال متحدث باسم الصندوق إن المؤسسة المالية الدولية ستواصل المراقبة الدقيقة للتطورات الراهنة في المنطقة وتأثيرها على الأمن الغذائي العالمي.
دول العالم مهددة بالمجاعة
من جهته، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من تعرض "مئات ملايين الأشخاص يواجهون الجوع بسبب قرار روسيا الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، فيما المستهلكون يواجهون أزمة عالمية لكلفة الحياة سيدفعون الثمن".
كما قال مارتن غريفيث، مسؤول المساعدات بالأمم المتحدة، إن الارتفاع الحاد في أسعار الحبوب، عقب انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، "يحتمل أن يهدد ملايين الأشخاص بتفشي الجوع وبما هو أسوأ من ذلك".
وقال غريفيث أمام مجلس الأمن "ستشعر الأسر في الدول النامية بارتفاع حاد في الأسعار"، مضيفا أن 362 مليون شخص في 69 دولة يحتاجون حاليا إلى مساعدات إنسانية.
وقالت الأمم المتحدة إن اتفاق البحر الأسود عاد بالفائدة على البلدان الفقيرة من خلال المساعدة في خفض أسعار المواد الغذائية بأكثر من 23% حول العالم.
كما نقل برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة 725 ألف طن من الحبوب الأوكرانية ضمن عمليات الإغاثة في أفغانستان وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا والصومال والسودان واليمن.