بداية لا أحب أن أشخصن الأمور أو أعطيها أكثر من حجمها اللازم، لكن عندما يتعلق الأمر بمستقبل بلد يسعى للنهوض من عثرات كثيرة وخطيرة تعرض لها، وعندما يتعلق الأمر ببلد يسعى إلى تحقيق تنمية مستدامة ودولة تسعى جاهدة إلى تحقيق حلمها "الجمهورية الجديدة".
فكيف يتحقق هذا الأمر والجميع يعلم أن نهضة أي أمة لا تقوم وتكون إلا من خلال النهوض بالعملية التعليمية.
سعادة الدكتور وزير التعليم، نعلم أن النوايا حسنة وأنكم تسعون جاهدين لإحداث صحوة علمية تعليمية تقوم على المواكبة والمعاصرة ومسايرة التقدم التقني وثورة المعلومات وعالم الرقمنة.
لكن النوايا وحدها لا تكفي، لا تحقق ما نصبو إليه، وقد تقودنا النوايا إلى التيه والضلال والتهلكة وتدمير أجيال كاملة وعندما نُسأل لماذا حدث ذلك، تأتينا الإجابة الغريبة: لم نكن نقصد أن يحدث ذلك.!
لا نرفض ذلك أبدًا.. لا نرفض المواكبة والمعاصرة لأن من يرفض ذلك فهو كاره للبلد غير محب لها وحاشانا أن نكون كذلك.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ويطرحه الكثيرون، هل أعددنا عدتنا جيدا لهذا التطوير، هل يستقيم بناء دون وضع أساس متين له ؟!.
هل أعددنا معلما يستطيع التعامل بحرفية ومهنية مع منظومتكم الجديدة ؟؛
هل وضعت أسئلة بنظام الإختيار من متعدد ستسمح مثلا بتخريج طالب مفكر يستطيع التعامل بفكر نقدي تقدمي مع واقعه الذي يحياه.؟!
قديما نشأ علماء مصر الأكارم وأزعم أن حضرتك منهم وخبير تربوي معتبر، جميعنا نشأ وتعلم على الأسئلة المقالية التي تتيح للطالب الإجتهاد والقراءة والكتابة، الآن تعالى لنرى طلاب الجامعات إلا ما رحم ربي، لا يجيدون حتى كتابة إسمهم لا باللغة العربية ولا باللغة الإنجليزية.
وشاهدي على ذلك ما أعلنته كليات الطب من تدني نتيجة الفرقة الأولي والتي حصلت نسبة رسوبها أكثر من ستين بالمائة، ما سبب ذلك، الإجابة واضحة بذاتها.
الغش سيد الموقف يا معالي الوزير، تسريب الإمتحانات يا أفندم، الغش الجماعي يا سعادة الوزير، عن طريق سماعات الأذن والتليفونات المحمولة التي توضع في دورات المياه، وغياب ضمير بعض رؤوساء اللجان وبعض الملاحظين ذوو الضمائر الخربة.
ألا لعنة الله على الظالمين، ألا لعنة الله على كل من يعبث بمستقبل أبنائنا وبناتنا.
ما ذنب طالب وطالبة اجتهدوا طيلة عام كامل لم يدخروا جهدا إلا وبذلوه، ويأتي فاشل يسرق مجهودهم، يسرق حلمهم ويغش فى الامتحانات ويتفوق عليهم
ما ذنب أبنائنا الذين ربيناهم على الفضيلة، على أن من غشنا ليس منا، على أن الأديان جميعها تنهى عن السرقة والغش وأخذ حق الغير بوجه حق.
ما ذنب الآباء والأمهات الذين علموا أولادهم قول الحق والثبات على المبدأ، هل هذا جزاءهم أن يموتوا غيظا وحسرة وكمدا وحزنا على حزن أبنائهم.
يا سعادة الوزير، لا يجوز بحال من الأحوال جعل أولادنا فئران تجارب، حتى الفأر يؤهلوه جيدا قبل إجراء التجارب عليه، فما بالكم بأرواح وفلذات أكبادنا.
أولئك الذين نرى فيهم مستقبل أمة يمشي على أقدامهم، فلماذا ولصالح من نقتل الأمل فيهم ونصيبهم باليأس والإحباط.
عندما تقدمتم سيادتكم بمشروع جديد للعودة إلى العمل بنظام تحسين المجموع الذي كان معمول به من حوالي ثمان وعشرين سنة، وقرأت عنه، وجلسات مع أحد الطلاب وقلت له ما رأيك في موضوع تحسين المجموع، قال بمنتهى اليأس والإحباط، سأذاكر عاما كاملا وأدخل الامتحانات بمبادئ القيم والفضيلة وأن الغش حرام ويأتي فاشل ويضع سماعة في أذنه ويتفوق بغشه (تحصيل حاصل).
يا سعادة الوزير ضرورة ملحة لإعادة النظر فى مسألة تقييم الطلاب فأسئلة الإختيار من متعدد والبابل شيت لا تقيس قدرات طالب متفوق، أعيدوا النظر في هذا الأمر.
وأختتم حديثي بكلمة سأوجهها لمن يغش ومن يعاونه، هل أنتم حقا فرحون بنجاحكم، ما مصيركم في كلياتكم التي سرقتم مقاعدها التي ليست من حقكم؟!
وأنتم يا من تقفون خلفهم ألأجل ماذا؟، هل جمع المال أعماكم؟، ألم تمر عليكم الآية الكريمة (ما أغنى عني ماليه)؟.
هل ليقال أن مدرسة فلان متفوقة؟، بئس التفوق هذا الذي يأتي على حساب المتفوقين الحقيقيين
وأنتم أيها الأبناء الأعزاء يا من اجتهدتم وثابرتم وكافحتم، اعلموا علم اليقين أن الله تعالى لن يتركم أعمالكم وستحصلون على حقوقكم وليست الثانوية العامة نهاية المطاف، فرصتكم موجودة فارفعوا رؤوسكم فأنتم نجحتم بمجهودكم حتى وإن كان مجموعكم قليل
فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون.
فاصبروا وصابروا واستمسكوا بالحق، ولن يضيع حقكم أتدرون لماذا؟!، لأن الله حق ويهدي إلى الحق، وأن الله عدل وحرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرما.
فاستقيموا تستقم حياتكم.
استقيموا يرحمكم الله.