الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

إصلاحات تينوبو الاقتصادية تستدعى غضب الشعب النيجيرى

الرئيس بولا تينوبو
الرئيس بولا تينوبو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تشهد نيجيريا حالة من عدم الاستقرار فى الآونة الأخيرة، بسبب القرارات الاقتصادية التى اتخذها الرئيس بولا تينوبو، وأبرزها إلغاء دعم الوقود، وتحرير سعر العملة، ما تسبب فى ارتفاع نسبة التضخم والأسعار، وهو الأمر الذى استدعى غضب من الشعب، فى وقت أشادت به المؤسسات المالية الدولية.

وأكد الرئيس النيجيرى أن قرار إلغاء دعم الوقود وفر للخزانة فى أبوجا، ١.٣٢ مليار دولار فى شهرين فقط، بحسب تصريحاته فى مستهل شهر أغسطس الجاري، وحاول "تينوبو" تبريير إلغاء الدعم، القول إنه أفاد النخب فى المقام الأول معتقدا أن هذه الخطوة ستعزز الاقتصاد.

وشهدت ولاية ولاية أداماوا فى شمال شرق نيجيريا أعمال سلب ونهب، لمخازن الأغذية بدأت بالمشردين، وسرعان ما انضم إليهم السكان، ليعلن حاكم الولاية، أحمدو عمرو فينتيري، فرض حظر تجول لمدة ٢٤ ساعة على الفور، يوم الأحد الماضي.

وتواجه نيجيريا أزمة اقتصادية خطيرة منذ عام ٢٠١٦ تفاقمت بسبب جائحة كورونا ثم الحرب الأوكرانية، ورغم احتياطاتها الهائلة من النفط يعيش نحو نصف سكان نيجيريا البالغ عددهم ٢١٥ مليون نسمة فى فقر مدقع بدخل أقل من دولارين فى اليوم، وفى وقت سابق من العام الجاري، توقعت الأمم المتحدة أن أكثر من ٢٥ مليون نيجيرى سيكونون "مهددين بشكل كبير" بانعدام الأمن الغذائى عام ٢٠٢٣.

وقال موقع "بيزنس سنايدر" فى تقرير له إن النقابات العمالية فى نيجيريا تضغط على تينوبو مع ارتفاع الأسعار، إلا أن الرئيس يكشف عن خطة بقيمة ٥٠٠ مليار نايرا لتوفير الإغاثة للشركات الصغيرة والمزارعين، وزيادة التوظيف من خلال وسائل النقل العام والقروض منخفضة الفائدة.

وأعلن رئيس نيجيريا بولا تينوبو، الإثنين الماضي، إنه من خلال إلغاء دعم البنزين الباهظ والتحرك لتقريب أسعار العملات المختلفة، تمكنت نيجيريا من توفير أكثر من تريليون نايرا (١.٣٢ مليار دولار) فى أكثر من شهرين بقليل.

وأوضح تقرير "بيزنس سنايدر" أن الرئيس النيجيرى يتعرض لضغوط بسبب التغييرات الأكثر جرأة فى البلد الأول فى عدد السكان بقارة أفريقيا، وتزعم النقابات العمالية أن القرارات الاقتصادية أضرت بالفقراء، جراء ارتفاع الأسعار.

وأشار تينوبو إلى أن قراره بإلغاء دعم الوقود، هو القرار الأمثل مدعيا أن عددا قليلا فقط من النخب استفاد منه وأن الإجراءات ستساعد الاقتصاد على النمو، لافتا إلى إدراكه الصعوبة الناجمة عن إلغاء الدعم وأنه "يراقب آثار سعر الصرف والتضخم على أسعار البنزين"، مضيفا أنه سيتدخل إذا لزم الأمر.

وقال تقرير "بيزنس سنايدر" أنه بعد مبادرات الرئيس النيجيرى التى تم تنفيذها حديثا، توقع البنك الدولى الشهر الماضى أن نيجيريا قد توفر ما يصل إلى ٣.٩ تريليون نايرا هذا العام وحده، لكنه أصدر أيضا تحذيرا بشأن ارتفاع الضغوط التضخمية قصيرة الأجل.

وفى محاولة لتخفيف آثار القرارات الاقتصادية، بإلغاء دعم الوقود، أعلنت الحكومة النيجيرية الاثنين الماضى أنها أفرجت عن ٢٠٠ ألف طن من الحبوب، ووزعت على العائلات، وأصدرت تعليمات لمديرى المدارس العامة بتأجيل رفع الرسوم الدراسية، وستقدم حافلات لتقليل تكلفة نقل الطلاب، بالإضافة إلى ذلك، يعتزم إنشاء صندوق لتطوير البنية التحتية باستخدام مدخرات الدعم.

وكانت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، حذرت فى تقرير لها نهاية يوليو الماضي، من الإصلاحات التى يرغب "تينوبو" فى تطبيقها فى نيجيريا، وأوضحت، أن قرار رفع الدعم عن الوقود أدى إلى زيادة سعر البنزين من ١٩٠ إلى ٥٥٠ نايرا للتر (تغيير من حوالى ٠.٢٤ دولار إلى ٠.٦٩ دولار)، مما تسبب فى انخفاض الاستهلاك اليومى بمقدار ١٨.٥ مليون لتر (حوالى ٤.٩ مليون جالون"، وأشارت إلى أن فى نيجيريا، يعمل أكثر من ٢٢ مليون مولد بنزين على تشغيل ٢٦٪ من المنازل و٣٠٪ من الشركات الصغيرة، وتسبب ارتفاع أسعار الوقود فى ارتفاع أسعار السلع الشائعة، مما أدى إلى توقف الأعمال التجارية.

وأشارت "فورين بوليستي" إلى أنه على الرغم من كونها أكبر منتج للنفط فى أفريقيا، إلا أن نيجيريا ليس لديها مصفاة تعمل، لذلك لا يمكنها فقط إنتاج المزيد من الوقود لخفض التكلفة العالية للغاز، وأغلقت مصافى النفط الأربعة الرئيسية فى البلاد لأن سوء الصيانة جعلها غير قابلة للتشغيل، مما أجبر المنتجين على إرسال الخام إلى الخارج - إلى بلجيكا وهولندا - ليتم تكريره قبل إعادة شحنه ؛ ستبدأ مصفاة تم تكليفها حديثًا بالقرب من مدينة لاجوس العمل قريبا ولكن قد لا يكون لها تأثير كبير على الأسعار.

وبدأ تطبيق دعم الوقود فى نيجيريا، بداية من عام ١٩٧٣ للحفاظ على سعر الغاز للمواطنين النيجيريين، ومنذ ذلك الحين، كانت الحكومة تغطى جزءا من تكلفة البنزين حتى يتمكن الناس من شرائه بسعر أقل، لكن النظام جاء به نقاط ضعف مخبأة، وفى العام الماضي، خسرت نيجيريا ١٠ ملايين دولار بسبب عمليات الاحتيال المتعلقة بدعم الوقود التى تبطن جيوب شركة النفط الوطنية.

وصاغ تينوبو قراره على أنه يفيد الفقراء، مما جعله يتنفس الصعداء من صندوق النقد الدولى (IMF) والبنك الدولي، اللذين كانا يضغطان لإنهاء السياسة منذ عقود.

ونوهت المجلة الأمريكية إلى أنه بالإضافة إلى إلغاء سياسة الدعم، أطلقت حكومة تينوبو إصلاحا للعملة لإيقاف تثبيت سعر النيرة من قبل البنك المركزى النيجيرى وربطه بالدولار الأمريكي، مما يفسح المجال للمعدلات التى يحددها العرض والطلب، وهى سياسة تُعرف باسم "التعويم"، ويشكل تحرك تيبونو لصيد عصفورين بحجر واحد فى محاولته لإعادة بناء اقتصاد البلاد، وهو وعد رئيسى فى الحملة الانتخابية.

وقالت "فورين بوليسي" إنه يمكن لآثار هذه القرارات، من الناحية النظرية، أن تساعد نيجيريا على مستوى الاقتصاد الكلى من خلال خفض ديونها الوطنية - على حساب إلحاق الضرر بالنيجيريين العاديين.

ومنذ أن قامت الحكومة بتعويم العملة، انخفض النيرة إلى أدنى مستوياته القياسية مقابل الدولار، وارتفع السعر الثابت، الذى كان ٤٥٠ نايرا لكل دولار، ليصل إلى ٨٠٠ نايرا لكل دولار، وأدى تعويم النيرة على الفور إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات المستوردة، مما أدى إلى تدمير الشركات الصغيرة والأسر ذات الدخل المنخفض بسبب الاقتصاد النيجيرى المعتمد على الاستيراد، وزادت الشركات التى توزع الكهرباء الرسوم الجمركية بنسبة ٤٠٪ فى محاولة لتعويض خسارة النيرة للقيمة.