كلمات توصف حياتي مع قداسة البابا شنودة الثالث فى ذكرى رحيله، أعرف أن البعض يبالغ في وصفه والثناء عليه..
والبعض الآخر كانت له خلافات معه..
والبعض حساس لسيرته ومديحه..
والبعض يشعر أنه ظُلِم منه إبّان حياته..
والبعض الآخر يزايد على محبته ويتاجر باسمه وذكراه..
وأعرف أنه لم يكن مصيبًا في بعض من قراراته..
وأعرف أنه إنسان -ومثل كل البشر- تحت الضعف.
وأعرف أنه ليس أحد كامل إلا واحد وهو الله..
وهذا هو الهامش الذي لا نخفيه أو ننكره أو ندافع عنه في شخصية البابا شنوده، بل إنني أقدّر واتفهّم موقف كل من ينتقده..
ولكن بقية المساحة من شخصيته وتاريخه وأعماله، هي مشرقة ومشرّفة، فكل فضيلة وميزة فيه تصنع بطريركًا عظيمًا.
في نقاط الضعف تشابه مع الآخرين كبشر، وأمّا في نقاط القوة فقد تميّز على الأكثرين..
فهو راهب محب للبرية، وغيور، ولاهوتي مدافع عن الإيمان والتسليم الرسولي، وأديب، وواعظ قدير سلب أفئدة سامعيه من الكنيسة وخارجها، وخفيف الظل عفّ اللسان، صاحب طرفة وملحة، وسريع البديهة، ومنحاز للشعب ويحمل أحشاء رأفة، ومع هذا ظلّ قويًا متماسكًا في أشد الأوقات دقّة، رصينًا واعيًا حتى ساعة انتقاله، وهو صرّح قبيل نياحته قائلًا: “شيئان لم يتطرّق إليهما المرض: عقلي وقلبي”..
إننا في ذكراه اليوم نبكيه بدون حزن، ونرثيه على الرجاء، ونفخر به كواحد عاش بيننا وعشقناه. لقد توارى بالجسد، ولكنه ما يزال فارضًا نفسه على الساحة بغير سعي منه. لقد هاجمه الكثيرون وحاولوا تشويه صورته وسمعته، ولكنه بعد كل محاولة يخرج ناصعًا كالثلج، وكصخرة أدمت رؤوس مهاجميها، ليظل كما هو..
بل إن حجم ما كُتِب عنه يقارب حجم ما كتبه هو بنفسه !
إنه “البابا شنوده “وكفى.. ”
وهو وإن مات يتكلم بعد.
اليوم وقد باعدت عشر سنوات بيننا وبينه بالجسد، ما يزال ناقوس ذكراه يصدح عاليًا، ما يزال ملء الأنظار والأسماع والأفئدة، وما زلنا نقتات بما تركه لنا من كتابات وتسجيلات ورصيد هائل في الذاكرة، ننهل منها لنغالب العطش والحنين إليه.
وأمّا رسالتنا له اليوم فهي كلمتان فقط:
أوحشتنا كثيرًا