طارق حجي:
- النوبيون حافظوا على لغتهم والأقباط خافوا قطع ألسنتهم
- السادات لم يكن إخوانيًا لكنه خاطر ليلعب بهم سياسة
- البابا شنودة قال للسادات: «هندفع الثمن غالي»
- الدولة العميقة ترى أنها متورطة في شيء اسمه الثقافة
- العقاد شخصية محيرة ويوسف إدريس أحق بنوبل وحياة نجيب محفوظ تُدرس
عبد الرحيم علي:
- لسنا ضد الدين.. والإخوان عمل سياسي مخابراتي
- ميلاد حنا صاحب الفضل في طباعة كتاب "المخاطرة في صفقة الحكومة وجماعات العنف"
- الإخوان أسسوا 6 شركات في سراييفوا واشتروا 30 عمارة لينقلوا الإخوان من تركيا وقطر
حاولت أن أضع تلك الزيارة في قالب صحفي معتاد، لكنني لم أستطع؛ فهناك بعض الحكايات التي يجب أن تكتب كما هي بكل ما فيها من حرف وود ونقاش غير مقيدة بسؤال وإجابة، كان الدكتور عبد الرحيم علي أخبرني أنه من بين مواعيد جدولة زيارة للدكتور طارق حجي في منزله للاطمئنان على صحته، وإذ به يطلب مني ليلتها إعداد حوار معه.
سويعات تفصلني عن الزيارة وأنا بين رحى التفكير بين ثقة عبد الرحيم علي وحرصي على ألا أفقد تلك الثقة وأكون على قدر الجلوس بينهما وهما ما هما عليه من الثقافة والتاريخ، وبين هذا التعريف الأولي مع مفكر بحجم طارق حجي الذي لا بد أن يدرك أن ثقة كاتب صحفي بحجم عبد الرحيم علي في لم تكن عبثا وإنما بما يليق بهما.
جلست طيلة الليل أذاكر طارق حجي وأستعين بالأساتذة والزملاء في معرفة جوانب شخصيته حتى توصلت إلى صيغة حوار رأيت أنها الأنسب، لملمت أوراقي وانتظرت الدكتور عبد الرحيم علي أمام منزل الدكتور طارق حجي، فوصل هو والزميلان خالد عبد الرحيم، وعبد الله محمود، وكان خالد متحفزا هو الآخر لملاقاة حجي حتى أنه أعد هو الآخر مجموعة من الأسئلة.
هدوء يتسلل إلى الروح فينعشها، ينفرج الباب عن رجل أسمر البشرة يتضح فيما بعد أنه نوبي المنشأ حسبما أخبرنا حجي.
بابتسامة وترحاب تستقبلنا زوجته، ثم حجي الذي يصحبنا إلى جناح في الدور الأرضي خصصه لمكتبه ومكتبة عملاقة بها نوادر الكتب، منمقة بعناية فائقة كما لو أن كل كتاب اختار موضعه فأطل منه بسعادة يفصح عن نفسه.
بدا «حجي» سعيدًا يتحدث عن ظروف مرضه بابتسامة ورضا كما لو كان مقاتلاً عايش معاركًا كثيرة فما عاد يؤلمه طعنة رمح ولا جرح سيف، يتحدث عن المرض كمشكلة فكرية أو حياتية واجهها، فلا تتأذى مشاعرك ولا مشاعره ويمرر لك معاناته وألمه كما لو كانت موقفا عابرًا.. ينادي على الرجل النوبي الذي استقبلنا ويخبرنا أن اسمه مصطفى حسنين وأنه يعمل لديه مع آخر نوبي، ثم يتبادل مع عبد الرحيم علي الحديث عن النوبة وأهلها وعاداتهم وتمسكهم بلهجتهم التي كان لها دور بارز في حرب أكتوبر تحت ما يعرف باسم الشفرة، فيجذب منه "علي" طرف الحديث من أن الرئيس الراحل أنور السادات من بين خطة خداع العدو وحتى يتحايل على فك العدو للشفرة لجأ إلى عساكر من النوبة لإرسال وتلقي الأوامر، فأربك العدو.
يشير إلى الدكتور عبد الرحيم لأبدأ حواري مع حجي، الذي يباغتنا بقول: "ما تستعجلش يا دكتور أنت ضيفي النهارده، تعالى افرجك على اللوحات اللي عندي"، وكان خالد قد وقعت عيناه على إحدى اللوحات على الجدار وتحدث عنها، وسأله هل لديه لوحات للفنان حسن الشرق، وتدخل عبد الرحيم علي في الحوار قائلا: خالد مهتم باللوحات، زار حسن الشرق وبعد وفاته أقمنا له حفل تأبين في قاعة الشهداء بمؤسسة البوابة، فأدرك حجي ولع خالد بالرسم والنحت، فدعانا لرؤية مقتنياته، وأمام كل لوحة كانت تدور حلقة نقاشية حول صاحبها وتقنيتها وتاريخها والمواد المستخدمة فيها، وتاريخ إهدائها ومن أهداها له وكأنه وجد زيارتنا فرصة سانحة لاستعادة ذكريات يعتز بها.
صعدنا إلى الدور العلوي حيث مقتنيات حجي من التحف واللوحات وهو يشير إلى ما على الجدران: "عندي لوحات سيف وجدي ويوسف فرنسيس وصلاح طاهر، وأقيم لوحة لدي لفاضل عياد، واحد من ملوك الجيل الأول الذي ذهب إلى فرنسا، ثم يشير إلى لوحة لمكرم حنين كان في الأهرام هو وناجي كامل، تلك ما تسمى بالطبيعة الصامتة، أما هذا التمثال فلمحمد رزق من ملوك البرونز، هذا التمثال وزنه 170 ك، وهاتان اللوحتان لمحمد حجي من روز اليوسف، وهذه لعدلي رزق الله.
هبطنا على الدرج حيث جلستنا الأولى في مكتبه، بعد جولة في جناح اللوحات.
قلت له وهو يستعيد جلسته وخلفه كتب لا حصر لها: هل تتفق معي أننا نعيش في غياب شبه تام للثقافة؟
فقال في أسى لم أره على وجهه وهو يتحدث عن مرضه: "اتفق كلمة أقل من الحقيقة وبالتالي دعني أقولها ثلاث مرات.. اتفق.. اتفق.. اتفق في مصر غياب شبه تام للرؤية الثقافية للماضي والحاضر، فهل تدرك أن رجل غير متعلم اسمه محمد علي أحضر منذ عقود "سان سيمون" ليرسم له ملامح نهضة ثقافية!، أما الآن أكثر من 90٪ من ميزانية الثقافة مرتبات، والحقيقة أنه منذ عام 52 حتى اليوم الدولة العميقة ترى أنها متورطة في شيء اسمه الثقافة.
وتابع في حماس: لا بد من إيمان الدولة بأهمية وزارة الثقافة، فمصر بها 4000 قرية وقصر ثقافة، من هنا نبدأ العمل منها ضد دعاة الماضي، ولن نعرض في البدء الفلسفة الوجودية هنبدأ أبيض وأسود ومسرحيات وشعر.
يتدخل عبد الرحيم علي: تعرف يا دكتور طارق أنا في 2008 قدمت مشروعا لمواجهة أفكار الإخوان عن طريق قصور الثقافة ومراكز الشباب ووفرت له تمويلا، لكنه لم يكتمل.
وهنا يقول حجي أنا نفسي يا تامر تكتب على لساني: قضينا على حكم الإخوان ولم نقض على فكر الإخوان، تستطيع الدولة أن تمحو فكر الإخوان بشرط أن يكون لديها النية وعقيدة مكتوبة يتبناها الإعلام وما يقرب من 200 ألف مسجد، ناخد المجتمع للفن وحينما يحدث ذلك سيكون هناك نفور من التشدد، الناس ترى ظاهر الدعاة ولا تعرف خلفيات الحكايات، فهل تعلم أن متولي الشعراوي من أخطر الشخصيات في تاريخ مصر!، قابلته في منزل خيري السمرة وهناك تعرفت على كمال أدهم رئيس المخابرات السعودية سنة 95 و96، كانت شقيقته زوجة الملك فيصل، وكان خال سعود الفيصل، وأتذكر أنه قال لي: «يوم ما مات عبد الناصر كان أكبر فرحة لنا أن السادات جاء، فعن طريقه هنبعد مصر عن موسكو، لكن نحن أخذناكم للحضن الأمريكي والإسلامي وأرسلنا لكم أشخاص على رأسهم الشعراوي لتعزيز هذا التوجه».
قاطعته هذا رأيك في السادات ومع ذلك كنت صديقا للسيدة جيهان!
ابتسم وقال أنا الذي أعدت لها كلمتها أمام البرلمان الأوروبي، وأخبرتها أن تبدأ بأن والدتها إنجليزية وأن حفيدتها إنجليزية، لتكسب تأييدهم وكان وجهة نظرنا أن السادات لم يكن من الإخوان ولكنه أراد أن يلعب بهم سياسة، وأن من سيستعملهم سيصيبه في النهاية الضرر، وهذا كان خلاف البابا شنودة مع السادات إذ قال له حينما أخرجهم من السجون: "هندفع الثمن غالي".
يتدخل عبد الرحيم علي: "لازم الناس تفهم إننا مش ضد الدين، لكن الإخوان عمل سياسي استخباراتي، بدأ بعد سقوط الخلافة العثمانية، للتحكم في دول الخلافة عن طريق مرشد في كل دولة.
وتابع: منذ أسابيع علمت قيادات الإخوان أن هناك تقاربا بين القاهرة وأنقرة والدوحة، فأسسوا 6 شركات في سراييفوا واشتروا 30 عمارة لينقلوا الإخوان من تركيا وقطر إلى هناك وينقلوا مقرهم من لندن إلى استكهولم لذا أثيرت واقعة حرق المصحف.. ومهما تحدثت مع المخابرات البريطانية عن خطر الإخوان لا يقتنعوا فهم أبنائهم!.
ولأن الحديث عن السادات ليس شخصا ولكن حقبة تدافعت الذكريات في ذهني "علي" و"حجي" ما ألزمنا أنا وخالد وزميلنا عبد الله المصور بالإنصات فبعض الفرص لا تعوض.. عركا بهما الحديث إلى إحسان عبد القدوس، بعدما أشار "حجي" إلى رسمة كاريكاتير قائلا: مفيش كاريكاتير مش طالع من مدرسة روز اليوسف، واستطرد روزا بيروتية مسلمة جاءت إلى مصر من أجل التمثيل لكنها اكتشفت أن هذا" الكرير" له نهاية فأنشأت المجلة وكان محمد التابعي هو روح تلك المجلة.
ومن روزا إلى إحسان عبد القدوس الذي قال عنه عبد الرحيم علي إنه صاحب مواقف وأكثر من تحولت رواياته لأعمال سينمائية.
فقال حجي بمناسبة ذكر المواقف، كان إحسان قد ساند السادات بعد خروجه من السجن ووفر له عمل، وحينما تم القبض على محمد عبد القدوس، دعا السادات إحسان إلى العشاء ظنا منه أنه سيرجوه للإفراج عن ابنه، لكنه حضر العشاء وانصرف.
وعن معارك العقاد مع إحسان قال "حجي": العقاد شخصية محيرة يوحي إليك أنه متدين لكنه كان ملحدا، وكان شعره معقدا لم استسغه إلى حين أحب وكتب "أعاصير مغرب" و"ما بعد الأعاصير".
تبسم عبد الرحيم علي وقال: أنا أتذكر ما كتبه عنه أحمد عبد المعطي حجازي، حينما كان العقاد عضوًا في لجنة الشعر في المجلس الأعلى للثقافة، وحينما اطلع على قصائد التفعيلة، رفضها وأحالها إلى لجنة النثر، وكان من ضمن الشعراء الذين رفض نصوصهم أحمد عبد المعطي حجازي، فنظم قصيدة في هجاء العقاد قال منها:
من أي بحر عصيّ الريح تطلبه
إن كنت تبكي عليه نحن نكتبه
يا من يحدث في كل الأمور
ولا يكاد يحسن أمرًا أو يقربه
أقول فيك هجائي وهو أوله
وأنت آخر مهجو وأنسبه
تعيش في عصرنا ضيفًا وتشتمنا
أنا بإيقاعنا نشدو ونطرب
يختم عبد الرحيم علي أبيات حجازي ثم يقول: أنا لما بشوف الأسماء دي وأبص للواقع بقول إحنا رايحين على فين، أنا كنت بكلم خالد في الطريق عن لويس عوض، وميلاد حنا، ألا تتفق معي يا دكتور طارق أننا افتقدنا المثقف الموسوعي؟.. فقال حجي: "ميلاد حنا كان دمه خفيف، جمعت معلوماتي عن السودان من خلاله، وهو اللي عرفني على الصادق المهدي. وأخته كانت زوجة حسن الترابي.
وتابع حجي: الصادق المهدي كان عايش في مصر، وأتذكر أنه في محاضرة بالجامعة الأمريكية، كان أحد المتحدثين فيها علق على كلمتي بقول: "موضوع سخيف وممل ولا يحتمل، فشعرت بالإحراج إلا أنه واصل حديثه، لكن طارق حجي حوله إلى عكس ذلك».
وجذب عبد الرحيم علي طرف الحديث قائلا: ميلاد حنا كان السبب في إصدار أول كتبي، كنت أزوره في بيته وكان يظل لـ3 ساعات يسألني عن الإسلام السياسي، وذات مرة فجأة سألني: "عملت كام كتاب؟".. قلت له: ولا كتاب.. قال: "اه انت بقى من بتوع أعمل اللي ما اتعملش قبل كده ولا بعد كده، مش هيحصل هتعمل كتاب وتعمل اللي أحسن منه بعده وهكذا، توعدني تطلع حالا وتسلمني بكرة الجزء الأول من كتابك".. بالفعل في اليوم التالي ذهبت إليه وسلمته الفصل الأول من كتاب "المخاطرة في صفقة الحكومة وجماعات العنف".
يعقب حجي: "ميلاد حنا لم يعد منه الآن، هو من جيل البابا شنودة، أتذكر له موقفا مؤلما معي، إذ كنا ذات مرة في مارينا، وكان يسكن بجواري، وفي يوم استيقظت على حجارة ترتطم بالبلكونة، استيقظت مهرولا أفتح فإذا به يقول: «يا طارق ايفلين ماتت.. غرقت في البحر».
والعباقرة بالعباقرة يذكرون أو يأتون في الأذهان وعلى الألسنة حينما نعود إلى عصر مصر الذهبي، حضر لويس عوض إلى تلك الجلسة حينما قال حجي في سنة 68 كان عندي 18 سنة، وحينها اكتشفت أن هناك مجموعة من الشباب تذهب وتجلس معه في مكتبه بالأهرام فذهبت وأصبحت واحدا منهم وكنت أراه نهرا متدفقا من الثقافة.
عندك لويس عوض قمة كبيرة لكن اسمه حدث له مشكلة "فقه اللغة العربية"
يعقب عبد الرحيم علي: قمة كبيرة يكفي أن تقرأ له فقة اللغة العربية، حينما توفي لويس عوض سافرت إلى قريته بعدما قرأت مذكراته، حتى أنني عنونت الموضوع بـ"4 صفحات مجهولة من أوراق العمر"، وهناك قابلني ابن عمه محمد إسماعيل، وهو مسلم وحينما سألته قال لي الجد من فوق كان قبطيا، تلك القرية خرج منها لويس عوض والشارونية.
يقول حجي: أنا كنت على علم بترشيحات نوبل وهم: «يوسف إدريس ولويس عوض وأدونيس ونزار قباني والطيب صالح»، وأعظم الخمسة هو يوسف إدريس فهو مثل الظواهر الطبيعية التي لا تتكرر، كان طبيبا ومارس الطب، وأنا أعتقد أنه يسبق نجيب محفوظ مع حبي لمحفوظ، الذي أرى أن حياته تستحق الدراسة، فمحفوظ مواليد 1911 دخل كلية الآداب قسم فلسفة، وكان زميله سيد قطب، ومن العجائب أن قطب هو الذي قدم نجيب محفوظ للبشرية، لكن سيد قطب سافر أمريكا 51 وعاد 52 شخصا آخر وكان يحضر في ندوة عباس العقاد كل أسبوع
وتابع حجي: ظل نجيب محفوظ 30 عاما لا يعرفه أحد، فكانت له 7 روايات في درج عبد الحميد جودة السحار، حتى حينما ذهب إليه برواية زقاق المدق ظلت 4 سنوات في الدرج، وحينما ذهب له بالثلاثية وكانت رواية واحدة، قال له السحار: «ايه الداهية اللي في ايدك دي يا نجيب جايب دليل تليفون القاهرة، روح قسمها، ويقال ترجيحه على يوسف إدريس رغم عدم إيماني بذلك كان بسبب تأييد محفوظ لزيارة السادات لتل أبيب».
تدخلت في الحديث قائلا: يا دكتور طارق قلت قبل ذلك الكثير من الضباط الأحرار مروا على تنظيم الإخوان؟ ماذا كنت تقصد؟
أقصد أنهم مروا بحثا عن القوة وبالطبع لا أقصد أنهم مروا أيدلوجيا، يتدخل عبد الرحيم علي اعذرني يا دكتور طارق فالضباط الأحرار مروا على الإخوان ككل المصريين لأنها كانت جمعية دينية لا علاقة لها بالسياسة من قريب ولا بعيد ومن هذا المنطلق دخل ناس من حزب الوفد ولم يكن يدر في خلدهم ما وراء ذلك، واتضح هذا عندما زار البنا النحاس باشا، ليطلب منه السماح له بالنزول في الانتخابات، فرفض النحاس وقال له: أنا أصلي ولكن ليس هنا أمام الموظفين حتى لا يعتقدوا أن هنا مكتب الحكومة المصرية وليس مكتب الإسلام.
ومن الإخوان لدور الأزهر في دعم الدولة لمفهوم المدنية الحديثة، يقول حجي، من الناحية النظرية له دور لكن من الناحية العملية لا يطبق، فالأزهر مؤسسة من مؤسسات الدولة يتقاضى مرتباته من الدولة وليس مؤسسة مستقلة، وأي حديث عن استقلال الأزهر فهو عبث، وبالتالي حينما تكون هناك رؤية دولة فيكون هو من أدوات تطبيق تلك الرؤية، وليس عكسها أو في طريق معاداتها، وأنا أرى أن مؤسسة الأزهر فهمت خطأ ما حدث في دستور 2014، فأصبح شيخ الأزهر من الناحية النظرية أقوى شخصية سياسية في مصر، فبينما هناك انتخابات لرئاسة الجمهورية إلا أن شيخ الأزهر يظل طيلة حياته في منصبه، وعلى الأقل يستطيع الأزهر من خلال دعاته ومساجده أن ينشر فكرة أن الإسلام دين وهو ثابت أما الدولة متغيرة، وجميعنا رأينا ما حدث في قضية الطلاق الشفهي.. ففي هذا الخلاف من الوهم أن نظن أنه خلاف فكري، الخلاف هو: "إحنا اللي نقول للناس يعملوا إيه"؟
وفي الحديث عن الليبرالية وهل تعيش بمفهومها الديمقراطي والاقتصادي حالتها الطبيعية، قال حجي خلينا نقول إن الليبرالية نقيض الماركسية هي نظام يعطي الشعب حرية الاختيار بناء على قواعد غير دينية، وفي مجتمعاتنا هو نقيض الاشتراكية.
يتدخل الدكتور عبد الرحيم علي: أفاجئك بحاجة يا تامر، وهي أن الليبرالية قيود نشأت كقيود على الفكر الرأسمالي، بمعنى أنها مرحلة من مراحل تطور الرأسمالي حتى لا يتحكم الأغلبية في الأقلية، وظلت تلك القيود تأتى سياسيا واجتماعيا واقتصاديا حتى تشكلت الليبرالية.
حجي: هذا الكلام بديع وأزيد عليه أن هذا المسار الذي تجنب ظهور الماركسية، هذا الكلام حينما طُبق في إنجلترا لم يحدث فيها ثورة مثلما حدث في فرنسا.
سألت حجي عن علاقته ببوتين ورأيه في الحرب الروسية الأوكرانية؟
فقال: هي ليست حرب روسية أوكرانية، ثم واصل: "في سنة 2010 كان هناك مؤتمر بوتين في موسكو عن الإسلام السياسي، كان يحضره الرئيس الروسي، فلفت نظره أن التعريف الموضوع أمامي ليس به ألقاب وسألني عن السبب، فقلت له: أنا لا أرى ذلك مهم، فعلاقتي تبدأ بعد الحديث، وتحدثت معه عن الأدب الروسي فلاحظ اهتمامي وخاصة بتشيخوف، فحدث بيننا ما يسمى "كيميا" حينما وجدني أحب روسيا وأعرف عنه شخصيا وعن الأدب والموسيقى الروسية الكثير، ثم زاد الأمر حينما داعبته وقولت له إننا مواليد شهر أكتوبر، أنا قبلك بسنتين لكنك تبدو كابني، فتبسم وزادت مودته حينما رأى بداخلي كراهية كبيرة لأمريكا، وأنني أرى أنها قوى عظمى شريرة ولا تستطيع أن تعيش بدون حروب، وفي رأيي كل القوى العظمى في العالم لم تكن خيرة لكن أمريكا رأس الشيطان، كما أرى أنه لدينا فرصة الآن أن نخرج من تحت غطاء تلك السيطرة، أخبرت رئيس وزاء الهند أننا رأينا عهدين، المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي، ثم معسكر أحادي القطب، وهناك مؤشرات تقول أننا قريبا سنودع ذلك العالم، وأرى أن تلك فرصة أن تنهوا ذلك بدون حرب، ٦٦٪ من العاملين في «السيليكون فالي» في أمريكا من الهند، تقدروا تنشأوا ذلك في مصر، وأخرجت له ورقة من الجامعة العبرية تقول إن المكان الوحيد الذي يستطيع توفير 15 ألف مهندس تكنولوجيا معلومات هو مصر، حتى إسرائيل لا تستطيع إعطاءك سوى 1500 مهندس، وسيكون أوفر لك من إحضار هنود، فقال لي بصدر رحب سأدرسه فور عودتي.