أقيمت خلال فعاليات الدورة الـ 16 لمهرجان المسرح المصري، اليوم الأربعاء، مائدة مستديرة عن "الكتاب الراحلين" بقاعة المجلس الأعلى للثقافة، وأدارها الناقد ناصر العزبي، بحضور الناقد الفني د. شريف صالح، والشاعر محمد بهجت.
استهل الناقد ناصر العزبي الحديث قائلا: “سنحتفي اليوم بالكتاب الذين رحلوا عنا في هذا العام، وهم الكاتب يسري الجندي، والكاتب محمد أبو العلا السلاموني، والكاتب جمال عبد المقصود، والحقيقة أن هناك اتفاق على تسمية جيل الستينات بجيل الرواد، وهؤلاء الكتاب الثلاثة بالفعل ينتموا لجيل الستينات، إلا أن تأجيل الإعلان عن أنفسهم كان فرصة للنبوغ وهذا واجعلهم ينبغوا لجيل السبعينات، ومن اعتقادي أن أفضل مسمي لهم هو الجيل الذهبي، فهؤلاء الكتاب تميزوا بكتابة المسرح والسيناريو والحوار في ذات الوقت” .
وتابع العزبي: “من الصعب جدا أن نفصل بين الكاتبين يسري الجندي، ومحمد أبو العلا السلاموني، فعندما نتحدث عنهما كأننا نتحدث عن شخص واحد، فأهم سمة اساسية تميزهما أن مسارهما كان واحد، فهم من مواليد دمياط في اوائل الاربعينات وتوفوا في اوائل الحقبة الثانية من الألفينيات، ومن أولاد حارة واحدة فالنشأة واحدة وقد تجمعوا في الصف الرابع الابتدائي سوياً وبدأوا في التمثيل المسرحي، وعملوا في التدريس، وشاركوا في مسابقة في الكتابة عام 69 وحصلوا على الجائزة مناصفة، ومن هنا بدأ المسرحيون يعرفوهم”.
من جهته قال الناقد الفني الدكتور شريف صالح: إن علاقتي بدأت بالكاتب محمد أبو العلا السلاموني عندما عملت علي نص "اللص والكلاب" وهي في الأصل كانت حكاية صحفية منشورة لمحمود أمين سليمان، وعندما عملت على الرواية وجدت أن أبو العلا قدم لها معالجة تلفزيونية وكانت بطولة رياض الخولي، وعبلة كامل، فعملنا جلسات عمل سويا ومن خلال تجربتي معه فإن ابو العلا السلاموني لديه عناصر جمالية وأسئلة كثيرة، والمسرح هو فن الأسئلة الكبيرة، فعندما عمل السلاموني علي معالجة " اللص والكلاب " كانت تلك الفترة مليئة بالإرهاب ، ومن خلال المعالجة طرح السلاموني أفكاره عن الإرهاب .
وتابع: نفس الشيء موجود عند يسري الجندي الذي عمل علي علي " جحا"، و"علي الزيبق " وكان انشغاله الأساسي هو سؤال الهوية ، وهناك نقطة مهمة عمل عليها أيضاً يسري الجندي وهي مشروع الحداثة فأي مشروع حداثي يرتبط بجرح معين وتصطدم بمألوف معين مع الناس ومن الممكن ان يقاوموه ، فتجد في مسرح يسري الجندي أنه قدم البطل النموذجي في علي الزيبق وحجا وأحيانا يقدمه بشكل كوميدي أو تراجيدي ، وأحيانا كانت النهاية تكون سعيدة وأحيانا تكون نهاية مأساوية .
وقال الشاعر محمد بهجت: سأتحدث عن جمال عبد المقصود فجمال كانت مسرحياته تدرس في جامعات امريكا ، في حين اننا في مصر لم نكن نعرفه جيدا ولم يكن هناك أي دراسة أو مقال عنه ، إلا بعض الشطرات اللي كتبتها في جريدة الاهرام نتيجة علاقتي الاسرية به ، فجمال عبد المقصود كان صديق مقرب من عبد المنعم مدبولي ، وعمل معه مسرحيتين وهما " مع خالص تحياتي " "ويامالك قلبي بالمعروف" وجمال عبدالمقصود كان عازف عن الاعلام والشهرة وكان له مجموعة قريبة من الأصدقاء من ضمنهم ايضا الدكتور هاني مطاوع ومجدي مجاهد ، وكان المنطقة الوسطي التي قربتني منه ووجدته علي مستوى إنساني وشخصية ساحرة، ولا أستطيع أن أنسي دور زوجته مع والدتي في فترة مرضها.
وتابع بهجت: إنه قدم عملين من أهم اعمال المسرح المصري، وهما "الرجل الذي أكل الوزة "، و"وعالم كورة كورة "، وهذا النص الاخير الذي يعتبر أول تناول لفكرة التعصب الرياضي ونحن لم نكن علي وعي بذلك الا بعد مرور 25 عام ، عندما ظهر التراس الاهلي والزمالك ، وأريد أن أشير لنقطة مهمة وهي لماذا كان جمال عبد المقصود مقل في أعماله ، فهو كان كاتباً عاشقاً فعشق المسرح بالنسبة له كان أهم من كتابة عشرات الاعمال المقتبسة ، وكان الأهم لديه أن أفكاره جديدة وبراقة غير مأخوذة من نصوص أخري ، وفي نص " الرجل الذي أكل الوزة" والذي كان يحكي ببساطة عن شخص حلم انه أكل وزة ، وتحول الموضوع لقضية رأي عام ، وهذا النص يتحدث عن فكرة القهر والفقر ،
وواصل: “أرى أن هذه المسرحية من اهم المسرحيات السياسية التي تتحدث عن قضية هامة تمس الفكرة نفسها لذا هذا العرض يصلح لكل زمان ومكان، وكان اخر نص لجمال عبد المقصود في المسرح الكوميدي ومات قبل أن ينتج، وفي النهاية بشكر ادارة المهرجان انها أتيحت لي الفرصة أن أتحدث عن أستاذ لي، والتوصية التي أقدمها هي أننا يجب ألا نهتم بما يجري وراءه الاعلام بل بمن يترك قيمة حقيقية” .