أصدر مركز المعلومات ودعم متخذ القرار برئاسة مجلس الوزراء، عددا جديدا من مجلة "آفاق استراتيجية"، وهي سلسلة دورية تصدر عن المركز، يُشارك في إعدادها نخبة من المفكرين والباحثين، حيث تقدم رؤى وتحليلات بشأن أهم القضايا المطروحة على الساحتين الإقليمية والعالمية، وتأتي انطلاقًا من حرص المركز على دعم متخذ القرار والمجتمع البحثي بمجموعة متنوعة من التحليلات، بالصورة التي تُسهم في إثراء النقاش الفكري بشأنها.
وأشار مركز المعلومات إلى أن هذا العدد شارك في إثرائه نخبة من المفكرين والخبراء من داخل مصر وخارجها، إضافة إلى مجموعة من خبراء المركز وباحثيه، وقد بلغت حجم المساهمات داخله 34 مقالا وتحليلا وعرضا تقديميا، لكوكبة من المفكرين والكتاب والخبراء والباحثين المتخصصين في الشئون السياسية، وقد جاء الملف الرئيسي للعدد بعنوان "الأزمة الأوكرانية في عامها الثاني"؛ وذلك في محاولة لبلورة أبرز اتجاهات وتحوُّلات الأزمة الروسية الأوكرانية في عامها الثاني والإجابة عن أبرز التساؤلات المطروحة بشأن مستقبلها، وكذا مستقبل النظام الدولي برُمّته في خضمها، وعمَّا إذا كان العام الجاري سيشهد تسوية لها، أم سينذر الأمر بتصعيد جديد، أو تكون مقدمة لحرب عالمية اقتصادية، فضلًا عن مناقشة أوضاع السياسة الداخلية الأمريكية وتداعياتها على مسار الأزمة، وكذا فرص نجاح الصين في إنهائها، وغير ذلك من الموضوعات وثيقة الصلة بهذا الملف.
تضمن العدد مقالا للدكتور على الدين هلال، تحدث خلاله عن الصراعات التي يمكن أن تؤدي إلى زلازل سياسية خلال هذا العام، حيث أشار إلى أن أبرزها على المستوى العالمي هي الحرب الروسية-الأوكرانية والتي تعد في جوهرها إعلانًا من جانب روسيا بأن النظام الدولي يتجه نحو شكل من التعددية القطبية ورفض أمريكي لهذا الإعلان وتصميمها على الحفاظ على موقعها القيادي، وعلى المستوى الآسيوي هناك عدة بؤر محتملة لتصعيد الصراعات، من أكثرها خطورة الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وتزداد أهمية هذا التصعيد المتبادل بالنظر إلى شبكة تحالفات كل من الطرفين، فكوريا الشمالية حليفة الصين ورسيا بينما تتحالف كوريا الجنوبية مع أمريكا واليابان، ومن ثم لا يمكن فصل هذا الصراع عما يجري في العالم.
كما أشار إلى ما آل إليه الصراع المسلح في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع والتي فشلت كل الهدن في وقفه تماما وتعددت مبادرات الوساطة التي كان منها الوساطة الأمريكية- السعودية، لافتًا إلى أن أخطر ما يمكن أن يحدث هو استمرار القتال وتحوله إلى حرب أهلية يمكن أن تؤدي إلى تقسيم جديد للسودان بعد التقسيم الأول عام 2011 والذي نشأت بموجبه دولة جنوب السودان وفي حال وقعت حرب أهلية فإن ذلك سوف يمثل زلزالًا سياسيًا.
كما تضمن العدد مقالا للأستاذ الدكتور أحمد يوسف، والذى ركز على الاتفاق السعودي-الإيراني وآفاق التسوية في اليمن، حيث تتضح أهمية الاتفاق -الذي رعته الصين- من مستوى الاهتمام الدولي به انطلاقًا من افتراض أنه يمهد لمرحلة جديدة للعلاقات وتجاوز الكثير من الإشكالات ليس فقط في الخليج العربي بل في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، ويمكن الافتراض أن دوافع إيران لإنهاء خلافاتها مع المملكة قد يكون لها التأثير نفسه على موقفها من خطة العمل الشاملة المشتركة، وهو ما يعني أن الفترة القادمة قد تشهد تطورًا إيجابيًّا في الملف الإيراني، مشيراً إلى أن الصراع اليمني أقل صراعات الوطن العربي تأثرًا بالعوامل العالمية، بحكم أن القوى الإقليمية المتمثلة في السعودية والإمارات وإيران هي الأكثر تأثيرًا بوضوح في مجريات الصراع، وتم الإشارة إلى السيناريوهات المحتملة لمستقبل الصراع في اليمن.
وأشار مقال للدكتور إكرام بدر الدين إلى العلاقات العربية-السورية في ظل أزمة الزلزال الذي تعرضت له سوريا في فبراير 2023 والذي ترتب عليه العديد من الآثار السلبية والمتمثلة في انهيار المساكن وتهجير أعداد كبيرة من الأسر وسقوط أعداد كبيرة من القتلى والمصابين، مشيراً إلى أن ما فرقته السياسة بين سوريا والدول العربية، وحدته كارثة الزلزال، فالدول العربية المختلفة والتي اتخذت عدة مواقف تجاه النظام السوري وصلت إلى حد تعليق العضوية في الجامعة العربية لم تتردد في اتخاذ موقف موحد لمساعدة الشعب السوري على تجاوز محنته نتيجة لأزمة الزلزال.
واستعرض العدد العديد من المقالات الأخرى لكبار الخبراء والمتخصصين في المجالات السياسية والتي تناولت تطورات الوضع على صعيد العلاقة بين إسرائيل وإيران، والعلاقات التركية- السورية، والتنافس الروسي الغربي وديناميات القوة في منطقة الساحل الأفريقي، وحدود التأثير في دوائر صنع القرار الأمريكي.
أما ملف العدد فقد جاء بعنوان "الأزمة الأوكرانية في عامها الثاني" وتناول خلالها الخبراء سيناريوهات حل الأزمة، وفرص نجاح المساعي الصينية لوقف الحرب، وتوقعاتهم ورؤيتهم لآفاق عدم الانتشار النووي في ظل تعليق الكرملين لمعاهدة ستارت الجديد، وتطورات السياسة الداخلية الأمريكية وتأثيرها على الوضع الأوكراني، وأثر استمرار الأزمة الروسية-الأوكرانية على أمننة الهجرة الأوروبية، ودور الأزمة الروسية-الأوكرانية في تعزيز أهمية القارة الإفريقية.
وأوضح الدكتور عبدالمنعم سعيد خلال مقاله داخل ملف العدد، أن القضايا الدولية الكبرى لا تحكمها مشاعر التفاؤل أو التشاؤم –حول كيف ومتى ستنتهى الحرب- وإنما يحكمها توازنات القوى العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية، والأخرى الناعمة والذكية، مضيفاً أن الحرب الجارية سوف تأخذ كل هذه التوازنات إلى العلن، وحينها ربما تواجه البشرية امتحانًا آخر عندما تصل الحرب إلى عامها الثاني.