الخميس 14 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

الروحانية والفن في جسد واحد.. البابا شنودة الثالث استخدم وسائل الفنون المتعددة في تنوير الشباب القبطي.. كتب رواية 3 قصص هادفة تحولت إلى فيلم سينمائي بعنوان "حدث في تلك الليلة"

البابا شنودة الثالث
البابا شنودة الثالث
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

اتصفت شخصية البابا شنودة الثالث بالعديد من المميزات التى نادراً ما تجتمع فى شخص واحد، فعلى قدر قامته الروحية الكبيرة على قدر تميزه بحب الفنون بكل أنواعها حيث امتزج سموه الروحى الكبير وتذوقه للأعمال الإبداعية.

وأسهمت طاقته الاستيعابية فى أن يقرأ منذ صغره عشرات الكتب لكبار الكتاب والمبدعين فى عصره ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أمسك بقلمه وبدأ يسطر سطوره الأولى فى عالم الكتابة والإبداع فكان شاعراً لا غبار عليه وصحفياً يعشق الكلمة ويقدرها وشجع كل موهبة حقيقية من أبناء الكنيسة القبطية منذ أن كان خادماً بسيطاً فى مدارس الأحد حتى اعتلى كرسى مارى مرقس الرسول.

حرص البابا شنودة الثالث منذ الصغر على تغذية روحه وعقله بالقراءة فوقع فى غرام اللغة العربية وتأثر بكبار الشعراء والكتاب، ومنهم أمير الشعراء أحمد شوقى وإيليا أبو ماضى وغيرهما، وبمرور الوقت أصبح أول بابا على مدار تاريخ الكنيسة القبطية يكتب الشعر الروحى والاجتماعى والفكاهى.

 تأثر البابا الراحل بمسرحيات أحمد شوقى الشعرية حيث قال فى أحد حواراته التليفزيونية فى عام ٢٠٠٣: "أحببت حافظ إبراهيم وكان شاعرى المفضل ثم تغير الوضع وأحببت أمير الشعراء أحمد شوقى أكثر، حتى صار شاعرى المفضل وكنت أحفظ له معظم أبيات مسرحياته الشعرية مثل كليوباترا، ومجنون ليلى".

مواهب البابا شنودة الثالث المتعددة جعلته يهتم أيضاً بالفنون الأخرى فهو أول من أصدر مجلة دورية للكنيسة تحت اسم (مجلة الكرازة)، وكان أول بابا يترأس تحريرها، كما كان أول بابا يكتب ثلاثة مقالات أسبوعية فى "الكرازة" و"وطنى" و"الأهرام" إلى جانب مقالاته الأخرى بأخبار اليوم والجمهورية .

 وأسهم البابا شنودة الثالث بقدر كبير فى عملية تنوير الشباب القبطى حيث حرص على تأسيس عديد من القنوات الفضائية المسيحية لتكون بمثابة منبر ينير كل بيت مسيحى من خلال الكثير من البرامج المتنوعة منها، ما هو دينى واجتماعى ومن هذا القنوات أغابى و ctv و Mesat ، كما تأسس فى عهده عشرات المواقع القبطية التى اهتمت بالشأن المسيحى والعام وذلك على الإنترنت .

ومن الأنشطة التى أسهمت بشكل كبير فى تنوير الشباب وإبراز مواهبهم وقدراتهم الفنية كان اهتمامه الكبير بالمسرح الكنسى حيث كانت البداية بعرض مسرحيات دينية فقط تعتمد فى الغالب على سير حياة القديسين والشهداء ولكنه حرص على تطوير الأمر أكثر بإلقاء الضوء على الموضوعات الاجتماعية والقضايا المهمة النابعة من واقع المجتمع .

لم يأت اهتمام البابا شنودة الثالث بعالم المسرح من فراغ فقد كانت له تجربة مهمة فى عالم المسرح الشعرى حينما كتب عام ١٩٥٤ مسرحية قصيرة بعنوان (فى جنة عدن)، وكانت تتكون من منظرين وتدور أحداثها حول آدم وحواء وصراعهما مع الحية. وتؤكد هذه المسرحية على إمكانات البابا الشعرية المتدفقة وتمكنه الكبير من استخدام آلية السرد القصصى مع رسم الشخصيات وتناول الموضوع الدينى بطريقة فنية رائعة .

ولم يكتف البابا شنودة الثالث باهتمامه بالمسرح بل كان أول من فتح الطريق أمام الكنيسة لتقديم العديد من الأفلام السينمائية، حتى أن إحدى الجهات الإنتاجية القبطية اختارت له  عام 2009 رواية كان قد كتبها البابا بعنوان "ثلاث قصص هادفة" لتتحول إلى فيلم يحمل اسم "حدث ذات ليلة" وكتب سيناريو وحوار العمل سعيد يوسف والمعالجة الفنية لماهر ذكى  وقام ببطولته فريد النفراشي، وألبير مكرم، وماريا أنا بوليس.

ضم الفيلم أيضًا قصتى "أبونا انسطاسي" و"أمهلنى أسبوعا"، وقام ببطولة الأول سمير فهمى والثانى إيهاب صبحي. وحصد الفيلم عدة جوائز عن البطولة والبطولة الثانية والتصوير والموسيقى والإخراج والمونتاج ويعتبر من أهم الأفلام التى أنتجت فى تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

وبالعودة إلى كتاب البابا شنودة الثالث الذى يحمل عنوان "ثلاث قصص هادفة" من المهم الإشارة إلى أن هذا العمل كتبه فى مراحل مختلفة من حياته، فكتب القصة الأولى كتبها عام 1948 قبل رهبنته ووقتها كان خادماً فى مدارس الأحد، وحملت هذه القصة عنوان "حدث فى تلك الليلة"، أما القصة الثانية فكتبها بعد رهبنته بـ8 سنوات وتحديداً عام 1962، وكانت بعنوان "أبونا أنسطاسي"، وكانت القصة الثالثة بعنوان "أمهلنى أسبوعاً"، وكتبها فى عام 2001، ثم تم طبع القصص الثلاثة فى كتاب واحد عام 2006 .

وكان لفيلم "حدث فى تلك الليلة" تأثير كبير فى الحركة الفنية بالكنيسة، حيث تحمست الكنيسة وبعض جهات الإنتاج لتقديم عدد كبير من الأفلام القبطية بمشاركة فنانين مسيحيين ومسلمين، وتم التركيز على سير القديسين منها، فيلم "الراهب الصامت" الذى جسد بطولته الفنان إيهاب صبحى، وفيلم "ضيف من السماء" عن الراهب أندراوس الصموئيلى وجسد دوره الفنان ماجد الكدوانى، وفيلم "السائح" عن عبد المسيح المناهرى، وأيضاً فيلم "نسر البرية" بطولة الفنان فريد النقراشى الذى جسد شخصية فلتاؤوس السريانى، ثم فيلمان عن البابا كيرلس، أحدهما بعنوان "المتوحد" وجسد بطولته الفنان سمير فهمى، والآخر بعنوان "الطاحونة" وجسد بطولته الفنان فريد النقراشى.