اعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الأربعاء، أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" تتطلع بالفعل إلى اتباع نهج مختلف في التعامل مع أزمة النيجر، والانقلاب العسكري الأخير الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم، ودفعها إلى التلويح باحتمالية التدخل العسكري ما لم يتم تلبيه مطلبها بموافقة الانقلابيين على التنازل عن السلطة في غضون أسبوع واحد.
وذكرت الصحيفة في مستهل تقرير لها، نشرته عبر موقعها الإلكتروني في هذا الشأن، أن زعماء غرب إفريقيا درسوا في اجتماع قمتهم الأخير الذي عقدوه قبل أيام لمناقشة التعامل مع الانقلاب في النيجر، خيارات مختلفة بشأن كيفية الرد..وكان من بين ذلك إدانة الانقلابيين وفرض عقوبات واستدعاء السفراء وتعليق عضوية البلاد في الإيكواس، ولكنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك وحذروا من أنه ما لم تتم تلبية مطلب التنازل عن السلطة من جانب الانقلابيين في غضون أسبوع واحد فسوف يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة النظام الدستوري وقد يشمل ذلك "استخدام القوة".
وأضافت الصحيفة: أن مجموعة الإيكواس تهتم في الغالب بحرية حركة البضائع ولا تصدر عادة مثل هذه التهديدات العسكرية، لكن بعد أن واجهت انتقادات لفشلها في اتخاذ موقف قوي مع الانقلابات السابقة في غرب إفريقيا، بدأت إيكواس - التي تقودها الآن نيجيريا ذات الوزن الثقيل - تتطلع إلى نهج مختلف تمامًا، وفقًا لمحللين في الشأن الإفريقي.
وقال بول ميلي، الخبير في شئون منطقة الساحل لدى مركز أبحاث "تشاتام هاوس" في تصريح خاص للصحيفة:" بعد فشل التكتيكات الصارمة التي واجهتها الطغمة العسكرية في مالي، لعبت إيكواس دورًا هادئًا للغاية مع بوركينا فاسو وغينيا بعد الانقلابات هناك ولم يكن ذلك أكثر فاعلية ما دفع تلك الطغمات العسكرية إلى ترسيخ جذورها".
وأضاف، في إشارة إلى بولا تينوبو، الذي أصبح رئيس إيكواس في يوليو وبعد أسابيع قليلة أصبح رئيسًا لنيجيريا:" إن إيكواس تسعى الآن إلى تبني نهج أكثر صرامة خاصة وأن رئيس نيجيريا الجديد هو شخصية أكثر فاعلية في مثل هذه القضايا".
وتابع أفولابي أديكايياوجا، المحلل في مركز الديمقراطية والتنمية للأبحاث السياسية:" أن انقلاب النيجر مثل لحظة اختبار إما لصنع أو لكسر الإيكواس وقدرتها على تقييد عمليات النقل غير الدستورية للسلطة. يجب أن يُنظر إلى تينوبو على أنه الرجل الذي أعاد الديمقراطية إلى النيجر. وسيكون من حسن النية أن يُنظر إلى نيجيريا على أنها السلطة القوية في المنطقة".
وقال عضو بارز في حزب تينوبو إن الرئيس النيجيري الجديد أتيحت له الفرصة لإحياء السياسة الخارجية القوية التي قال إنها كانت مفقودة منذ أن ترك الرئيس السابق لنيجيريا أولوسيجون أوباسانجو منصبه في عام 2007،مشيرا إلى أن أوباسانجو، الذي توسط مؤخرًا في صفقة لإنهاء الحرب الأهلية الإثيوبية، ساعد في تعزيز الديمقراطية في المنطقة ورافق شخصيًا رئيس ساو تومي وبرينسيبي المخلوع إلى بلاده بعد أن أطاح به الجنود المتمردون في انقلاب عام 2003.
جدير بالذكر أن الانقلاب الذي وقع في النيجر الأسبوع الماضي أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطيا والمؤيد للغرب محمد بازوم ونصّب مجلسًا عسكريًا بقيادة عمر تشياني، الذي كان يدير سابقًا الحرس الرئاسي. وبازوم، الذي سمح للقوات الأمريكية والفرنسية باستخدام النيجر كقواعد يمكن من خلالها تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب في جميع أنحاء المنطقة، أصبح قيد الإقامة الجبرية.
وبعد الانقلاب، تعرضت السفارة الفرنسية في العاصمة نيامي لهجوم من قبل المتظاهرين الموالين للمجلس العسكري، حيث ردد بعضهم شعارات مؤيدة لروسيا.
وبدأت باريس يوم أمس الثلاثاء في إجلاء مواطنيها والمواطنين من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى مع تكثيف المجلس العسكري جهوده لتأمين قبضته من خلال اعتقال السياسيين المرتبطين بالحكومة المخلوعة.
في غضون ذلك، أكدت "فاينانشيال تايمز" أن الانقسامات في غرب إفريقيا حول كيفية التعامل مع النيجر أصبحت لا تخفى على أحد على الرغم من إعلان إيكواس القوي حيث قالت بوركينا فاسو ومالي، اللتان وصل قادتهما إلى السلطة عبر انقلابات، إنهما ستعتبران أي عمل عسكري ضد النيجر "إعلان حرب" بينما وصف المجلس العسكري في غينيا العقوبات المفروضة على النيجر بأنها "غير شرعية وغير إنسانية".
ومن منظور أن نيجيريا تتمتع بنفوذ كبير في مجتمع الإيكواس وتمثل 63 في المائة من الناتج الاقتصادي للكتلة، وفقا لبنك إيكواس للاستثمار والتنمية، كما أن لديها أكبر جيش في المنطقة، حيث يبلغ قوامه 223 ألف جندي وطائرات مقاتلة أمريكية وصينية وألمانية. لذلك، سيعتمد التدخل في النيجر بشكل كبير على مشاركة أبوجا.
مع ذلك، تابعت الصحيفة البريطانية تقول إن النهج الدبلوماسي لا يزال هو الخيار الأول لإيكواس للتوسط من أجل حل الأزمة، وفقًا للمسئولين الذين أشاروا إلى زيارة الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي إيتنو إلى نيامي هذا الأسبوع، حيث التقى بالانقلابيين وأجرى محادثات مع بازوم نفسه، لكن ديبي يعتبر محاورًا محرجًا لأنه في الأساس زعيم انقلاب تولى السلطة بعد وفاة والده. في حين يواصل الاتحاد الأفريقي والقوى الغربية احتضان الزعيم التشادي على الرغم من توقف الانتقال الموعود إلى الديمقراطية في بلاده!.
العالم
فاينانشيال تايمز: "إيكواس" تتطلع إلى نهج مختلف في التعامل مع أزمة النيجر
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق