"نسافر بحثًا عن الصِّفْر" هكذا وصف الشاعر التاريخي لفلسطين محمود درويش حال اللاجئين الفلسطينيين المتواجدين في الشتات، فارين من الحرب والفقر والتشرد إلى فقر وشتات جديد، إلا أنه هذه المرة بيد أبناء شعبهم.
اندلعت المواجهات من جديد، أو يمكن القول إن الرماد قد اشتعل من جديد، في عاصمة الشتات الفلسطيني، "عين الحلوة"، ذلك المخيم الذي لم يهدئ منذ إنشائه عام 1948.
إلا أن النائب اللبناني أسامة سعد أعلن عن توصل الفصائل الفلسطينية المتقاتلة في مخيم عين الحلوة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وقال: "الطرفين اتفقا على وقف إطلاق النار وعادا إلى المخيم لتنفيذ الاتفاق".
"عين الحلوة" الذي لم يؤخذ من اسمه أي شئ، شهد مواجهات عنيفة على مدى الأيام الماضية بين مواقع قوات الأمن الوطني الفلسطيني والمجموعات الإسلامية، ما أسفر عن مقتل 11 شخصا وإصابة العشرات، وفرار المئات.
وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، عن مقتل 11شخصا، وإصابة 40 آخرين بينهم أحد موظفي الوكالة، خلال اشتباكات مخيم عين الحلوة في لبنان.
وقالت الوكالة، في بيان لها، إن «العنف المسلح في مخيم عين الحلوة يستمر على مدار أكثر من يومين، ما يؤثر على المدنيين بمن فيهم الأطفال، ويتسبب بفرار العائلات بحثا عن الأمان»، منوهة أن الاشتباكات أدت إلى تعرض مدرستين تابعتين للأونروا لأضرار.
وأضافت أن «الأحداث الجارية أجبرت أكثر من 2000 شخص على الفرار من المخيم، بحثًا عن الأمان في أماكن أخرى»، مشيرة إلى فتح مدارسها لإيواء العائلات النازحة، بمساعدة متطوعين.
وكانت ذكرت الوكالة أن: "من بين القتلى القيادي في حركة (فتح) الفلسطينية العميد أبو أشرف العرموشي ومرافقيه، وتتركز الاشتباكات على محاور، البركسات معقل فتح، والطوارئ معقل الإسلاميين، وامتدت المواجهات إلى جبل الحليب معقل فتح، وحي حطين معقل الإسلاميين، وتستخدم فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية".
ومن جانبها، أصدرت قيادة الجيش اللبناني بيانا قالت فيه: "على إثر وقوع اشتباكات داخل مخيم عين الحلوة - صيدا، سقطت قذيفة في أحد المراكز العسكرية، كما تعرضت مراكز ونقاط مراقبة تابعة للجيش لإطلاق نار، ما أدى إلى إصابة عدد من العسكريين بجروح".
وأضافت قيادة الجيش عبر حسابها بمنصة "إكس": "تحذّر قيادة الجيش من مغبة تعريض المراكز العسكرية وعناصرها للخطر مهما كانت الأسباب، وتؤكد أن الجيش سيرد على مصادر النيران بالمثل".
وحول أسباب اندلاع هذه الاشتباكات من جديد، ذكرت وسائل الإعلام أن السبب يعود إلى محاولة اغتيال تعرض لها ناشط إسلامي، على يد مسلح يطلق عليه اسم "الصومالي".
"عين الحلوة" هو ذلك المخيم الذي تم إنشائه عام 1948 على أطراف مدينة صيدا اللبنانية، حيث فر إليه اللاجئين الفلسطينيين في هذا العام، عقب النكبة وإنشاء دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ولا تزال مساحة هذا المخيم كما هي بحدوده عند نشأته رغم تضاعف أعداد سكانه مرات عديدة، ويظل الاتساع العمراني فيه يتخذ منحى عموديا في البناء فقط لأن لكل مخيم فلسطيني حدودا تعينها عند تأسيسه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
ويعيش في مخيم عين الحلوة نحو 120 ألف لاجئ، في منازل متلاصقة بجانب بعضهم البعض، ليجمهم الفقر والشتات وانعدام الخدمات.