الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

لقاء مع توفيق الحكيم قبل عاصفة من الغضب الشديد بين المستنيرين والمحافظين!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بفخر كان يردد دائمًا الأستاذ محمد حسنين هيكل  بأنه نجح فى استقطاب كبار الكتاب والمفكرين فى مصر وفى الوطن العربي وخصص لهم  الدور السادس بجريدة الأهرام  وهم أسماء نجوم لامعة ورنّانة على اختلاف توجهاتهم السياسية والفكريه مثل السادة:  توفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، والدكتور لويس عوض ويوسف إدريس، ومحمود درويش،  وصلاح طاهر، وإحسان عبد القدوس وغيرهم.

أهم مكتب فى هذا الدور كان مكتب المفكر الكبير توفيق الحكيم وكان مزارا لكثير من الأدباء النابغين والإعلاميين المتميزين فهو  أكبر  أديب فى القصة، والمسرحيّة في الأدب العربيّ الحديث، ويُعَدُّ أبا المسرح فى مصر والوطن العربي وقد وَصَفه النقّاد كما قيل  بأنّه رائد المسرح الذهنيّ.

فى منتصف شهر فبراير عام  ألف وتسعة مائة وثلاثة وثمانين كنت فى زيارة للكاتب الكبير توفيق الحكيم بمكتبه بعد أن حدد لى موعدا لأجري  معه حوارا.. ما أن  دخلت مكتبه حتى  وجدته ساهما.. لا أعرف فى ماذا يفكِّر.. الحيرة واضحة على ملامحه.. رؤيته تدل على ان هناك فكرة ما  ظل  يقلبها من كافه نواحيها مرة وثانية وثالثة  ويمعن النظر فيها كثيرا لكنه لم  يقدر أن يصل إلى أنها صواب أوخطأ.. هذا ما توقعته وما رأيته من نظرات عينيه.. يفكر فى  شيئ ما.. فكرة فيها مجازفة ومخاطر شديدة لكنه يريد ان ينفذها مهما كانت النتائج ليثبت لنفسه أنه كان على صواب.

 حاولت أن انسحب  بهدوء  من مكتبه حتى لا أقطع عليه تفكيره أو اشتت ذهنه لكنني فوجئت باشارة من يده تدعوني  بالبقاء.. سعدت جدا بإشارة هذا المفكر العملاق  لى وأحسست بالفرحه تملأنى  لكنه بعدها  فاجأني بسؤال لم يكن يخطر ببالى أبدا..قال هل فكرت فى معنى  الآية  "وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ" التى جاءت فى سياق  "وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ"؟

لم أعرف ماذا يقصد من سؤاله وللصدق لا أعرف الأجابة بالدقه الواجبة فانا  لست مؤهلا لأن أجيب على معنى آيه أو تفسيرها خاصة أن السائل مفكرا كبيرا ومؤلفا  عظيما وله أكثر من خمسين كتابا  وهى مؤلفات فكرية عميقة ورائعه  ومن أكثرها ثراء فكريا مُختار تفسير القرطبيّ وأهل الكهف  ومحمد صلى الله عليه وسلم وأرني الله.. ولهذا وجدت انه  من المستحسن أن أؤثر الصمت!.

 والاغرب  أن  المفكر الكبير سكت دقائق ثم قال لى أنا أفكر كثيرا فى كيف تكلم  سيدنا موسى وهو  بشر مع الله وهو سبحانه وتعالى الرب العظيم.. رب العالمين.. نعم هو نبى لكنه بشر.. فكيف  يكلمه الله؟.. وعندما رأي  دهشتى ورد فعل كلامه على  ملامح وجهى.. ابتسم كأنه كان يتوقع ذلك.. لكننى لم أدرك  انه كان يفكر بصوت عالى ولا يحدثنى أنا ولا يريد منى إجابه...!

  كان فى لحظه توهج فكرى  يتحدث وكأنه لا يرانى ولكن هو يرى  داخله  امامه.. يناقشه.. يوافقه أحيانا  ويعارضه كثيرا.. ويذكر نفسه بنفسه   بردود أفعال ما يفكر فيه.. وظل يردد هل ممكن ان تحدث هذه المعجزه مره  أخرى لأى انسان أن يكلم الله ويكلمه؟

وفجأه نظر مدققا فى ملامح وجهى ومتسائلا هل ممكن ان  تتخيل أن احد منا الآن يكلمه الله؟ كدت أقفز من مكانى ليس هربا من سؤاله فقط ولكن خوفا من الأجابة..  فلم انطق بكلمة!..  صوته العالى  أطبق على وجودى  وهو يقول لى ما سبب  صمتك؟.. هل تخشى أن تفكر وتريد أن تريح عقلك.. تكلم!

 فى الأسبوع القادم أكمل حوار المفكر الكبير توفيق الحكيم الذي أجراه معي بدلًا من ان أجرى انا معه حوارا.