الجمعة 20 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

الكاتب الفرنسى مارك رامو: مصر والسعودية والإمارات محظوظة بزعماء يغيرون العالم العربى بشكل لم يسبق له مثيل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مارك رامو هو مؤلف كتاب حديث بعنوان (فرنسا - الأمة - الإسلام) وهو عمل حظى باهتمام من المثقفين وتم نشره فى صحيفة «لا تريبون» ودرس رامو أيضا الهندسة، كما أنه يعتبر ممثلًا للتوجهات السيادية.. وفى كتابه بعنوان «السيادية هى نوع من الانسانية»، يقدم رامو منظورًا أصليًا يتحدى التصورات المعتادة للأمة والثقافة والسياسة بينما يعيد تعريف الهوية ويلقى نظرة جديدة على العالم.
مارك رامو مهندس ومدير مشروع فى شركة صناعية فرنسية كبرى.. فى كتابه الأخير «السيادية هى الإنسانية» يتحدى التصورات المعتادة للأمة والثقافة والسياسة بينما يعيد تعريف الهوية ويلقى نظرة جديدة على العالم.. موقع «لوديالوج» أجرى معه هذا الحوار.
 

لوديالوج: فى بداية الأمر، لماذا نُشر هذا العمل (فرنسا - الأمة - الإسلام) فى ١٤ يوليوفى مجلة «لاتريبون"؟ أنت تقول بنفسك إن هذا النص يمكن أن يتسبب فى حدوث زلزال فى العالم الإسلامى، ليس فقط فى المجتمع المسلم الفرنسى ويمكن أن يؤدى إلى نقاشات محتدمة داخل الأمة.. لماذا؟
مارك رامو: «فرنسا - الأمة - الإسلام» يتعامل مع عدم اندماج الفرنسيين من أصل عربى مسلم. وأصبح هذا النص الذى تمت كتابته قبل أعمال الشغب، فى قلب الأحداث الجارية! وفى الحقيقة، أوجه الحديث تشير بقوة إلى مجموعات معينة أعتبرها مسئولة عن هذا الوضع؛ لكن فى الوقت الذى أكون فيه قاسيًا، أسعى لأكون مخلصًا وإنسانيًا.
وأقول للمسلمين فى فرنسا أن يتوقفوا عن حالة الإنكار أو تقديم الأعذار الكاذبة؛ فعندما يتم ارتكاب إثم باسم الإسلام فلا يسمع الفرنسيون سوى هذه العبارة: «إن هذا الأمر لا علاقة له بالإسلام». بل يريد الفرنسيون أن يسمعوا: «ليس هذا هوما نريده للإسلام»، ويجب على المسلمين المندمجين أن يختاروا العمل المؤثر والنشيط ضد المتطرفين وليس الصمت المربك.
أنا أنتقد اليسار الفرنسى الذى - من منطلق وضعه البائس- يتخذ موقف المصلح دون وجه حق. ويستنكر المثقفون الأفاضل لدينا والذين هم من أصل عربى مسلم هذا الوضع الساخر؛ فتيحة بوجلات وكامل داود وإدريس غالى وغيرهم يتحدثون عن الأمر بامتياز أما موقف اليسار هو ازدراء للمسلمين واحتقار على المستوى الإنسانى.
كما أسخر من جزء من اليمين الذى يضع نفسه فى وضع رجل الدين وبالنسبة لهم، الإسلام هو شر لا يمكن إصلاحه.. وأخيرًا، أنتقد أولئك الذين يتذرعون بـ«الجمهورية»، لكنهم يعتبرون فرنسا والأمة كلمات مخزية.. لا معنى للجمهورية بدون حب الوطن وتفرض العولمة رؤية مبسطة للأمة وهى إطار من القواعد يكفى احترامها لبناء دولة. وعندما قال رومان جارى إن «فرنسا تجرى فى عروقي»، فقد أظهر ذلك أن «كونك فرنسيًا يتجاوز بكثير التقيد ببعض قواعد العيش معًا».
لوديالوج: فى هذا الكتاب، تقتبس من تقرير معهد مونتين الذى يوضح أنه فى فئة الشباب (١٨-٣٠ عامًا)، ارتفعت نسبة المسلمين الراديكاليين فى عام ٢٠١٦ إلى ٥٥٪. وأظهرت دراسة مماثلة فى عام ٢٠٢٢ أن هذه المجموعة تبلغ حاليًا ٦٥٪. كيف تصنف هؤلاء المتطرفين بالفعل؟ ماذا يمثل هذا العنصر مع مرور الوقت؟
مارك رامو: حددت دراسة معهد مونتين ثلاث مجموعات: المندمجون والتقليديون والراديكاليون؛ بالنسبة للراديكاليين، يجب تطبيق الشريعة بشكل أساسى وليس تطبيق القوانين الفرنسية ويعتبر الراديكالى أنه لا يتعين عليه التكيف مع قوانين وأعراف بلاده ولكنه سيفرض عليها أسلوب حياته الخاص؛ فالراديكاليون محاطون بعلم اجتماع لا بد من شرحه؛ إنهم يعيشون فى أماكن لم تعد القوانين الفرنسية سارية فيها ويؤمنون بأن ميزان القوى هو فقط المهم بموجب قانون «القائد» كما أن لديهم ثقافة خلفية من العنف وسحق النساء والفقر وتعتبر أى ملاحظة بمثابة جريمة يجب دفع ثمنها بالدم.
ويقول الشباب من هؤلاء السكان إنهم ليسوا فرنسيين حتى لو كانوا يحملون الجنسية الفرنسية لثلاثة أجيال ويحتقرون فرنسا ويبصقون عليها.. أخيرًا يحافظ المتطرفون على تعاطفهم مع الإرهابيين ودون الانخراط فى الأمر فسوف نراهم يصفقون لمجزرة باتاكلان وتؤكد هذه الديناميكية السيئة على انخراط القوى الأربع السابقة: المسلمون الراديكاليون واليسار المجتمعى و«اليمينيون» الذين يؤمنون بالشر الوجودى للإسلام و«الجمهوريون المجردون».
لوديالوج: فى رأيك، لا تزال فرنسا مجتمعًا شاملًا للغاية يقوم على أساس الجدارة للمعرفة ولا يطلب سوى الترحيب بأولئك الذين يظهرون حسن النية؛ تم دمج المهاجرين الإيطاليين والبولنديين الأوائل بشكل كامل فى المجتمع الفرنسي؛ فماذا عن العنصرية المفترضة للمجتمع الفرنسى والظلم الذى تمارسه بعض التيارات المجتمعية؟
مارك رامو: كانت فرنسا لفترة طويلة هى البلد الذى يعمل هرمه الاجتماعى بشكل أفضل بفضل التعليم العام الذى أصبح الأفضل فى العالم فى السبعينيات بعد أن ألغى جميع أشكال التمييز الاجتماعى والعرقى والدينى كما أن نظرية «العالمية» تتبنى إعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام ١٧٨٩ الموجود فى الدستور الفرنسى منذ قديم الأزل. كما أن نظرية العالمية المتجسدة فى الأمة هى سمة من سمات العبقرية الوطنية.
ويجب أن تفخر فرنسا بهذا التراث على الرغم من الضربات التى عانت منها ويتضح كرم الروح الفرنسية من خلال سيرة أوجين بولارد، وهو أمريكى من أصل أفريقى خدم فرنسا فى الحربين العالميتين وتم معاملته بشكل مختلف تمامًا بين فرنسا والولايات المتحدة كما يلعب اليسار المجتمعى لعبة خطيرة للغاية من خلال التوظيف الخاطئ والاتهام بالعنصرية ومنع أى نقاش منطقى حول الهجرة ومتطلبات الاندماج.


لوديالوج: على مدى السنوات القليلة الماضية وفى ظل زخم الشبكات الاجتماعية، شهدنا انتشارًا لخبراء عظماء فى الإسلام وكثير من المثقفين فى العالم العربى لا ينكرون خطورة الانحرافات عن التفسير الشمولي؛ هل يعد إنكار إمكانية العنف فى الإسلام هو بالنسبة لك نوع من الإنكار؟
مارك رامو: لا شك أن إنكار أن الإسلام يمكن أن يفسح المجال للتفسيرات الشمولية هو إنكار للواقع ويأتى بنتائج عكسية ويجب على أولئك الذين يريدون الدفاع عن الإسلام أن يتوقفوا عن إنكار بعض العناصر بل عليهم أن يعترفوا بذلك ويظهروا كيف يمكن تحويل هذا الجانب إلى قوة إيجابية وفكرة أن هناك رسائل حربية نقلها الإسلام فى فترة ما حقيقة لا جدال فيها. وأستحضر فى رسالتى شغفًا كان لدى لفترة طويلة لفنون الدفاع عن النفس. داخل رياضة الجودو Dojo، وكان هناك العديد من اللاعبين الذين يمارسون هذه اللعبة من المسلمين وأقمت صداقات عميقة معهم فى كثير من الأحيان. وفى الحقيقة، الدفاع الحقيقى عن الإسلام لا يكون عن طريق إنكار رسائله الحربية ولكن بفهم أن الروح المحاربة يمكن أن تكون شيئًا إيجابيًا للغاية عندما يفهم المرء معناها وتقوم فنون الدفاع عن النفس بتوجيه العنف الموجود فى كل إنسان، ليس من خلال إنكاره ولكن من خلال استيعابه وتحويله من خلال العمل على الذات.
يمكن للمسلمين أن يفهموا هذا التعليم على وجه التحديد لأن دينهم ينمى روح المحارب ونحن نعرف الفرق بين «الحرب المقدسة الكبرى»، تلك التى نشنها ضد أنفسنا و«الحرب المقدسة الصغيرة» التى نشنها ضد الآخرين.
لوديالوج: فى رأيك، ما الأسباب الحقيقية لمشكلة اندماج الفرنسيين من أصل عربى مسلم فى فرنسا؟
مارك رامو: هناك سببان رئيسيان: الأول هو عقلية الضحية والاستياء وعدم المسئولية التى تميز بها العالم الإسلامى لقرون، وأنا أرفض إعطاء دروس ولذلك أفضل الاقتباس من المؤلفين الممتازين للثقافة العربية الإسلامية الذين سبق ذكرهم: إنهم شديدو الوضوح بشأن ثقافة الأعذار التى غرق فيها العالم الإسلامى كثيرًا.
أما السبب الثانى فهو سكب الزيت على النار الذى يواصل اليسار الطائفى فعله، فيغرق الشباب المسلم فى سمّ العقل والتاجر هو أكثر الشخصيات فظاظة خاصة عندما يتزين بألوان النزعة الإنسانية ولا يُشكِّل الشعب اليمينى المزيف والجمهوريون الباهتون أسبابًا مباشرة ولكنهما يضخمان الظاهرة؛ لذلك فإن تفسير هذا الأمر هو تفسير اجتماعى وليس تفسير اليسار الشاكى دائما.. إنه علم اجتماع المسئولية الذى يحترم الناس حقًا.
لوديالوج: أخيرًا، فى كتابك، على الرغم من الاستنتاج القاتم إلى حد ما، فإنك تظهر بعض التفاؤل؛ ألم يفت الأوان بالفعل وما هى الحلول لحل مشكلة عدم الاندماج هذه أوحتى رفض الهجرة لغالبية هؤلاء الشباب؟
مارك رامو: الحلول موجودة لكنها تتطلب شجاعة كبيرة:
استعادة السلطة؛ قمع لا هوادة فيه لمثيرى الشغب واللصوص.. ولن تتعامل البلدان - التى تنتقد تلك الحوادث – بالطريقة العادية مع هؤلاء الأشخاص إذا ارتكبوا ربع ما فعلوه فى فرنسا. وهنا نشير إلى إمكانية اللجوء إلى طريقة الاعتقالات لقادة الإخوان المسلمين فى فرنسا وفى الحقيقة فرنسا استخدمت من قبل هذا المبدأ والذى يجب تطبيقه على قادة هذه الجماعات؛ ومن حقائق علم النفس الجماعى أن ضرب القائد يفكك العصبة.
الانتعاش المعنوى للأمة داخل المدرسة وارتداء الزى المدرسى وتحية العلم كل صباح وفتح مراكز تربوية لتعليم الانضباط للمعارضين. والإصلاح الشامل لبرامج التربية الوطنية واستبدال الكوادر التى تميزت بثقافة الأعذار والسعى إلى وجود تعليم يدعو إلى الفخر وتعزيز مكانة فرنسا الوطنية.
واجبات حمل الجنسية الفرنسية ومنح الجنسية بصورة مؤقتة، مع خضوع حاملى الجنسية للاختبار لمدة ثلاث سنوات وتمنح الجنسية المؤقتة حقوقًا أقل بكثير من الجنسية الكاملة. ويجب اللجوء إلى مبدأ التطبيق بأثر رجعي: يجب سحب الجنسية من أولئك الذين يبصقون على فرنسا بما فى ذلك أولئك الذين تم تجنيسهم منذ عدة سنوات. وهذا ينطبق أيضًا على الفرنسيين «الأصليين"!.
التحالفات والاشادة بالقدوة؛ تسليط الضوء على أمثلة الدمج الناجحة ومحاربة الثقافة الخلفية التى تلوث الشباب من أصل عربى مسلم وإظهار النسب المرموق الذى يشكل ثقافتهم الأصلية. ويجب على الجميع تطبيق مبدأ: «إذا كانوا يريدون أن يصبحوا فرنسيين، فدعهم يستوعبون ويتخلون عن ثقافتهم السابقة».. يجب أن يكون الارتباط بفرنسا أمرًا لا جدال فيه ولكن ليس على حساب محو الذاكرة وأن فكرة أن تصبح فرنسيًا ليس «اندماجًا» فى خليط متعدد الثقافات ولا «استيعابـ« يمتص الشخص لدرجة تجريده من نسبه. وسيكون المسلمون الفرنسيون الشباب أكثر فخرًا بكونهم فرنسيين لأنهم سيفخرون بالنسب الذى أتوا منه وهذه آلية نفسية واضحة.. أخيرًا، يجب إقامة التحالفات داخل العالم العربى ويجب ألا تفوت فرنسا الاقتران التاريخى الذى وصفه رولان لومباردى فى كتابه الأخير.. مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة محظوظة بوجود ثلاثة زعماء يغيرون العالم العربى بشكل لم يسبق له مثيل.. العسكرى الشريف والأمير صاحب الرؤية والحكيم يفتحون طريقًا ثالثًا خاصًا بهم رافضين الإخوان المسلمين وهيمنة الولايات المتحدة.. هؤلاء الرجال الثلاثة يجب أن ندعمهم ونجعل عملهم مصدرًا للقدوة.