الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

رولان لومباردى يكتب: تنظيمات الإرهاب..والغرب.. إلى أى مدى وصل الإسلام السياسى فى منطقة البحر المتوسط؟.. «الإخوان» تحمل نفس أيديولوجية القاعدة وداعش

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يعتبر الإخوان المسلمين تنظيمًا سياسيًا دينيًا متطرفًا وهو التنظيم الأقدم والأهم والأغنى والأفضل تنظيمًا والأكثر تأثيرًا. وللأسف نرى أن بعض «الخبراء» الغربيين يقدمون أعضاء هذا التنظيم على أنهم إسلاميون «معتدلون”؛ إلا أن المختصين الحقيقيين فى الموضوع يتفقون على أن «الإسلاموية المعتدلة» غير موجودة!
ولا شك أن الإخوان المسلمين لديهم نفس الأيديولوجية مثل القاعدة وداعش. ويجب أن نتذكر دائمًا أن معظم كوادر القاعدة قد بدأوا انخراطهم السياسى داخل الإخوان، ولذلك فإن الأساليب (سواء العنيفة للجهادية السلفيية أو"السلمية» للإخوان) هى التى تختلف من أجل إقامة شريعة مطلقة ونظام إسلامى أو خلافة جديدة.
زيادة تهميش جماعة الإخوان فى العالم العربي
من المعروف اليوم، أثناء الربيع العربى، أن دولتين معروفتين، قد حاولتا وضع أتباعهما من الإخوان (الذين شكّلت أحزابهم أقوى المعارضات السياسية) فى السلطة فى عواصم الدول العربية المتأثرة بهذه الثورات. وبعد أكثر من عشر سنوات، فشل هذا المحور، بل ورأينا انتصار الاتحاد المناهض للإسلاميين (بدون سابقة تاريخية)، هذا الاتحاد المتحالف مع روسيا بعد عودتها إلى المنطقة منذ تدخلها الناجح فى سوريا وأيضا التحالف القوى بين المملكة السعودية ومحمد بن سلمان والإمارات العربية المتحدة ومحمد بن زايد ومع السيسى فى مصر.
وقد لعب الرئيس السيسى أيضًا دورًا رئيسيًا، حتى أنه كان قوة الدفع فى تحالف القاهرة / الرياض / أبوظبى ضد الإرهاب وضد التطرف الدينى. فمنذ عام ٢٠١٣ ووصول السيسى إلى السلطة، كان هدفه الأول والأساسى هو القتال بشكل واقعى ودون غموض ضد الإسلام السياسى للإخوان المسلمين، حيث كانت مصر القاعدة التاريخية الكبرى للإخوان (تم إنشاء التنظيم هناك فى عام ١٩٢٨).
ومنذ ذلك الحين أدرك بوضوح القادة العرب الثلاثة، السيسى ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد، أن المرء يحارب فكرة أو أيديولوجية بفكرة أخرى وهذا هو السبب فى أن معركتهم ضد الإسلام الراديكالى وغير المسبوقة فى المنطقة، هى معركة متعددة الأوجه والاتجاهات. وتمر هذه المعركة أولًا من خلال تحسين الظروف الاجتماعية ومكافحة الفساد المستشرى وتحديث اقتصاداتهم ودولهم، ثم من خلال الترويج لنوع من القومية العربية الجديدة وإجراء إصلاحات عميقة فى أنظمة التعليم والمناهج الدينية كنوع من الرغبة الحقيقية فى إحداث ثورة فى العقليات والتفكير. وفى عام ٢٠١٩، خلال المظاهرات الجديدة والمتعددة فى المنطقة، فشل الإسلاميون مرة أخرى فى فرض أنفسهم. ففى السودان، أطاحت أعمال الشغب بالإخوانى عمر البشير. وفى الجزائر، رفض شباب الحراك بشدة السلفيين والجماعات المقربة من الإخوان.


خلال هذه الفترة حتى ملالى إيران لم ينجحوا فى وضع أحد بيادقهم فى بغداد خلال الانتخابات التى تم تنظيمها فى أعقاب الاضطرابات العراقية. وفوق كل شيء، فإن ما يحدث اليوم فى إيران مع الغضب الشعبى المستمر ضد نظام الحكم الدينى، هو وضع يخضع للتدقيق من قبل جميع الشباب العربى. وبالمثل، فإن المظاهرات الإسلامية المناهضة للفرنسيين فى العالم العربى فى عام ٢٠٢٠ بعد إعادة نشر رسوم شارلى إبدو والتى أثارتها المخابرات التركية، لم تنجح فى إثارة الحشود وتلاشى هذا التأثير.
وفى السنوات الأخيرة شهدنا حتى توجهًا حقيقيًا للشباب العربى يبتعد عن فكرة التشدد الدينى وهذه الأمور بالفعل ليست فى صالح الإسلاميين. لقد كانت هناك مشاكل للإخوان فى مجال الأعمال التجارية، فضلًا عن القضاء على أراضى داعش.
ومع ذلك، فإن أيديولوجية داعش والقاعدة لم تمت ولا يزال بإمكانها ضرب الدول الضعيفة كما رأينا فى أفريقيا أو أوروبا. أما جماعة الإخوان المسلمين فتعتبر الآن منظمة إرهابية من قبل العديد من دول المنطقة (التى تعرف مع من يتعاملون) مثل مصر والإمارات والسعودية وسوريا والبحرين.
وحتى فى الأردن، حيث أصدرت محكمة النقض وهى أعلى سلطة قضائية، حكمًا بحل جماعة الإخوان المسلمين فى البلاد على الرغم من حصولها على الأغلبية فى البرلمان الأردنى. وفى المغرب، بعد عشر سنوات من وصول حزب العدالة والتنمية (PJD) إلى السلطة - الحزب «الإسلامى» الوحيد المرخص له - عانى إخوان المغرب من اهتراء السلطة ثم مروا بسلسلة من الأزمات الداخلية والهزائم المريرة فى الانتخابات.
ولم يتمكنوا حتى من معارضة التطبيع الرسمى للمملكة مع الدولة اليهودية (اتفاقيات إبراهام)، الأمر الذى أساء إلى مصداقيتهم إلى حد كبير لدى مناصريهم. وأخيرًا، فى تونس، نجح قيس سعيد والمجتمع المدنى بشكل منهجى فى إزاحة راشد الغنوشى وحزبه الإسلامى «النهضة» من السلطة والبرلمان.
أوروبا.. البطانة الناعمة للغرب
لا شك أن رؤية دول العالم العربى أو غيرها، وآخرها باراجواى أو جزر القمر ولكن قبلها أيضًا روسيا (حيث منعت كل توجهات الإسلام السياسى والإخوان المسلمين منذ التسعينيات) ويعد ذلك أمرًا جيدًا لأنه أثناء تجريم هذه الجماعات، فإنها تمنعها من العمل على أراضيها وبالتالى تجعلها غير فعالة من خلال تهميشها وحرمانها من أنصار وأتباع محتملين جدد.
لكن من هنا تأتى الضربة لأن جماعة الإخوان لا تزال غنية جدًا بفضل المساهمات والتبرعات التى قدمها مئات الآلاف أو حتى الملايين من الأتباع والأعضاء والمتعاطفين فى جميع أنحاء العالم وأيضًا بفضل الدعم السياسى والمالى من جانب بعض البلدان فى السابق.
وكان نابليون يقول نفس الشيء عن الحروب التقليدية ولكن الأمر نفسه ينطبق على الحروب الأيديولوجية أو النفسية.. إنك تحتاج إلى ثلاثة أشياء لكسب تلك الحروب: «الذهب والذهب والذهبـ«.. والحقيقة أن المزيد من المال يعنى مزيدًا من الصراع!
هذا ما فعله محمد بن سلمان على وجه التحديد من خلال قطع المؤن بطريقة صارمة وتاريخية عن جميع التنظيمات المتطرفة والمريبة فى المنطقة ولكن أيضًا على المستوى الدولى من خلال عمليات التطهير داخل عالم الرابطة الإسلامية وقبل كل شيء، من خلال القضاء على الكبار فى المملكة الذين لعبوا دورهم فى هذا المجال واليوم، لا يتسامح ولى العهد إلا مع الحركات «الهادئة» مثل المداخلة.
وبدون المال، لم يعد بإمكان الإخوان المسلمين الاستمرار فى هذه الحرب الأيديولوجية التى يشنونها ضد الغرب ولكن أيضًا ضد العالم الإسلامى. لذلك، من خلال تجريم هذا التنظيم وضربه على المستويين المادى والمالى (كما فعلت فرنسا مؤخرًا ولكن بصورة ما زالت فى بدايتها) وأن نستهدف بنك التقوى والحسابات المصرفية المجهزة جيدًا لقادة الإخوان وبالطبع الضغط على الدول الراعية لهم حتى يوقفوا دعمهم المستمر للإخوان.
ومع ذلك، بينما أصبحت هذه المنظمة اليوم مهمشة أو حتى محظورة فى العديد من الدول العربية، إلا أن دولة واحدة فقط فى أوروبا، وهى النمسا، كانت لديها الشجاعة لتقرر، بعد هجمات فيينا فى عام ٢٠٢٠، إدراج هذه الجماعة على لائحتها للمنظمات الإرهابية.
ولكن فى أماكن أخرى، فى فرنسا وبلجيكا وألمانيا على سبيل المثال، لا يزال الإخوان وجماعاتهم راسخة ويطورون عددًا كبيرًا من الجماعات المجتمعية وفى أوروبا - التى لجأ إليها العديد من كوادر الإخوان المسلمين من العالم العربى (أحيانًا مع وضع اللاجئين السياسيين!) - تستغل جماعة الإخوان ضعف الديمقراطيات الغربية لإعطاء نفسها رياحًا دافعة مرة أخرى. ومن هذا المنطلق، فإن جماعة الإخوان المسلمين هى بالتأكيد أكثر خطورة من الإرهابيين لأنهم انتشروا وكما يقول جيل كيبيل، إنها نوع من «الجهاد» فى العالم العربى الإسلامى وأماكن أخرى.
علاوة على ذلك، حتى لو كان الإخوان المسلمون مهمشين وضعفاء للغاية فى جنوب البحر المتوسط، فيجب قبل كل شيء عدم الاستهانة بهم لأن معظمهم قد عادوا إلى الاختباء فى كل مكان؛ فنراهم يستثمرون وينشطون فى شبكات التواصل الاجتماعى على الإنترنت وينتظرون وقتهم للقيام بجولة جديدة من الربيع العربى وذلك باستغلال الوضع والتطور الحالى للأزمة الاقتصادية العالمية.
معلومات عن الكاتب: 
رولان لومباردى رئيس تحرير موقع «لو ديالوج»، حاصل على درجة الدكتوراة فى التاريخ، وتتركز اهتماماته فى قضايا الجغرافيا السياسية والشرق الأوسط والعلاقات الدولية وأحدث مؤلفاته «بوتين العربـ« و«هل نحن فى نهاية العالم» وكتاب «عبدالفتاح السيسى.. بونابرت مصر».. يتناول، فى افتتاحيته، موقف الإخوان المسلمين ومدى تغلغلهم فى الغرب بعد أن تبقوا ضربة قاصمة فى المنطقة العربية.